أجمع العديد من الأولياء والمختصين الذين تحدثنا إليهم بتيزي وزو على وجوب إجراء دراسة معمقة للتعرف عن الأسباب التي تقف وراء إقدام ثلاثة أطفال، تتراوح أعمارهم بين 11 إلى 13 سنة، يقطنون بمختلف مناطق الولاية على وضع حد لحياتهم شنقا خلال اليومين الأخيرين، وهذا لإيجاد تفسير علمي لهذه الظاهرة ''النادرة''. شهدت قرى أذرار وإبهلال وإخريبن التابعة إداريا لبلديات أغريب وتيزي راشد وإرجن خلال يومي الأحد والاثنين الماضيين ثلاث حالات انتحار لأطفال تتراوح أعمارهم بين 11 سنة إلى 13 سنة عثر عليهم مشنوقين، الأمر الذي أثار الخوف والفزع وسط الأولياء الذين لم يجدوا تفسيرا لما حدث، ولاسيما أن الظاهرة كانت تمس الشبان والكبار من الجنسين. وقصد التعرف أكثر على هذه الظاهرة، ولمحاولة إيجاد تفسير لما جرى، اتصلنا بالسيدة مليكة سي محند، مستشارة التوجيه المدرسي بمدينة عزازفة، وكذا بالبروفيسور عباس زيري، المدير العام للمركز الاستشفائي الجامعي محمد ندير، والمختص في الأمراض العقلية. يرى البروفيسور عباس زيري الذي أعد دراسة حول ظاهرة الانتحار بولاية تيزي وزو منذ حوالي سنتين ''أن الانتحار عند الطفل ظاهرة نادرا ما تقع في العالم ككل وليس ببلادنا فقط''. وحسبه ''فإن إجراء دراسة معمقة حول ظاهرة الانتحار أمر مطلوب لمعرفة الأسباب''، وفيما يخص تفسيره للظاهرة صرح لنا الأخصائي في الأمراض العقلية ''نظرا لتزامن حالات الانتحار هذه مع العطلة المدرسية أظن أن عامل النتائج الدراسية قد يكون وراء هذه الانتحارات لهؤلاء الأطفال فإنها ممر أو ميدان يجب سلكه للوصول إلى نتيجة.. ويجب عدم إهمال أي عامل من العوامل التي تظهر وراء هذه الانتحارات''. واختتم المدير العام للمركز الإستشفائي محمد ندير بتيزي وزو، حديثه بالإشارة إلى عزم مجموعة من الأطباء بذات المؤسسة الإستشفائية خلال الأيام القليلة المقبلة على إعداد دراسة حول الموضوع للوقوف عن الأسباب التي تقف وراءها. من جهتها اعتبرت السيدة مليكة سي محند المستشارة في التوجيه المدرسي بعزازفة، غياب الإتصال بين الأولياء وأبنائهم من بين الأسباب التي تدفع الأبناء لمثل هذا السلوك، مبدية تأسفها لغياب الحوار بينهم، وحسب المختصة فإن غياب الإتصال بين الأولياء والأبناء إلى جانب غياب الثقة في النفس لدى الأطفال قد تدفعهم إلى هذا السلوك الخطير. ودعت بالمناسبة محدثتنا الأولياء إلى الإصغاء لأبنائهم والحديث معهم بعد عودتهم من المدرسة للتعرف إن كانت لهم مشاكل مع زملائهم أو مع المعلمين أن لم يتعرضوا للاستفزاز أو للتهديدات بالمدرسة وهذا لحماية أطفالهم من مشاكل نفسية من شأنها أن تؤثر على مشوارهم الدراسي وكذا على حياتهم. وأجمع الأولياء والأخصائيون الذين تحدثنا إليهم حول هذه الظاهرة التي أقلقت الكثير منهم، على ضرورة تكفل المصالح المختصة بهذه الظاهرة لتحذو حذو أهل قرية من قرى بلدية أقبيل بدائرة إفرحون، الذين تجندوا لتنظيم ندوة ولقاء حول ظاهرة الانتحار، بعد أن لاحظوا أن عددا من شبابهم اختاروه كوسيلة لوضع حد لحياتهم، فوجهوا الدعوة للأخصائيين وللأطباء ولعلماء الدين وللأئمة وكل الطاقات الحية بالقرية وناقشوا خلال يوم كامل الموضوع وكانت نتائجه مرضية.