الوضع أصبح يستدعي اهتماما خاصا بالظاهرة عثرت مصالح الحماية المدنية لولاية تيزي وزو، يومي الأحد والإثنين الماضيين، على ثلاثة أطفال، تتراوح أعمارهم بين 11 و12 سنة، انتحروا شنقا في ثلاث بلديات بولاية تيزي وزو. كما تم العثور نهاية الأسبوع الماضي أيضا على جثة شاب (34 سنة) انتحر شنقا بمنطقة بني دوالة. وذكرت مصادر من تيزي وزو في تصريح ل«البلاد»، أن مصالح الأمن فتحت تحقيقا في القضية لمعرفة أسباب انتحار الأطفال الثلاثة، حيث تم العثور على الضحية الأولى البالغ من العمر 11 سنة من طرف أفراد عائلته يوم الأحد الماضي بقرية «أذرار» ببلدية أغريب الواقعة 20 كلم شرق مدينة تيزي وزو. في حين تم اكتشاف جثث التلميذين الآخرين (11 و12 سنة) بعد ظهر أول أمس الإثنين في كل من قرية «إخريبن» و«إبهلال» بالقرب من بلدية تيزي راشد، شرق تيزي وزو، وقد وجد التلميذان مشنوقين بحزامين حسب المصادر. وقد شرعت المصالح المختصة في إجراء تحقيقات حول ملابسات الحوادث المذكورة. ودعا في هذا الشأن مزيان مريان المنسق الوطني للنقابة الوطنية لأساتذة التعليم الثانوي والتقني السلطات أو الحكومة إلى ضرورة إجراء دراسة سوسيولوجية لمعرفة أسباب ارتفاع ظاهرة الانتحار في ولاية تيزي وزو خاصة أن الظاهرة أصبحت مقلقة جدا وخطيرة وتجاوزات الخطوط الحمراء بعد انتقالها إلى الأطفال القصر. في حين ذكرت المصادر ذاتها، أن تفاقم الأمر أصبح يقتضي تدخلا عاجلا من قبل مصالح الدولة لإجراء دراسة دقيقة لمعرفة الأسباب ووضع حد لها. للتذكير، فقد تم تسجيل 47 حالة انتحار بولاية تيزي وزوفي سنة 2011، وكانت جميع الحالات تخص البالغين فقط. كما حاولت «البلاد» الاتصال بمديرية التربية لولاية تيزي وزو لمعرفة أسباب انتحار التلاميذ وإن كانت لها علاقة بالنتائج المدرسية إلا أننا لم نتمكن من ذلك. 12617 محاولة انتحار.. وتيزي وزو الأولى وطنيا أكدت آخر الدراسات التي قام بها الأخصائيون في دراسة ظاهرة الانتحار بالجزائر، أن الأرقام المتوفرة حول ظاهرة الانتحار بالجزائر لا تعكس الصورة الحقيقية على أرض الواقع. وأرجعت الدراسات ذلك إلى أن الكثير من حالات الانتحار لا يبلّغ عنها وتحسب مع حالات الموت الطبيعي. ومع هذا فإن الإحصائيات تبين أن منحنى الظاهرة في تصاعد، خاصة بعد الأزمة الأمنية التي خرج منها معظم الجزائريين بمعاناة نفسية، ثم مرحلة الانفتاح وما تلاها من تصادم في الثقافة بين الأبناء وعائلاتهم المحافظة. وحسب آخر إحصاء فإن الجزائر تسجل 3410 محاولة انتحار كل مائة ألف نسمة سنويا تفضي إلى وفاة حالتين، أي أن 617 12 جزائريا يحاولون الانتحار وأن 750 حالة وفاة سنويا هي وفاة إرادية. وتشير المعطيات ذاتها إلى أن 76٪ من المحاولات تخص الفئة العمرية بين 15 و20 سنة أي المراهقين، وأن ثلاثة أرباع المحاولات ينفذها العنصر النسوي، لكن العنصر الذكوري هو الأكبر بالنسبة للمحاولات الناجحة. ومن بين هذه الحالات نجد نسبة 60٪ لهم سوابق انتحارية ما يعني أن التكفل النفسي لا ينجح دائما في القضاء على الميل الانتحاري. يصنف الانتحار بالجزائر ضمن الطابوهات الاجتماعية، فرغم أن دول العالم تقدم تقريرا سنويا لمنظمة الصحة الدولية حول محاولات وحالات الانتحار، فإن الجزائر لا تعلن عن أرقام رسمية حول عدد المنتحرين. شهدت السنة الماضية 130 محاولة انتحار 70 منها للذكور و60 للنساء. وتختلف دوافع ووسائل الانتحار عند الجنسين. والمناطق التي تسجل بها نسب مرتفعة هي ولاية تيزي وزو تليها بجاية وباتنة ثم ميلة وغليزان.