أودعت، منتصف الليلة الماضية، آخر قائمة ترشيح للانتخابات التشريعية المقررة بعد 45 يوما من الآن، في خضم معطيات سياسية وانتخابية جديدة، أفرزها زخم كبير أحدثه 41 حزبا قديما وجديدا دخلت المعترك الانتخابي التشريعي، كنتاج لمرحلة أولى من إصلاحات، قيل بشأنها الكثير، وعرت مرحلة ما قبل 10 ماي جوانب محل جدال واسع. سبق الدخول في الأجواء الانتخابية للموعد التشريعي المقبل، وطيس نقاش حيال إن كانت الإصلاحات السياسية التي أعلن عنها الرئيس بوتفليقة، في أفريل من العام الماضي، قاطرة فاعلة للانتقال الديمقراطي الحقيقي. وشكل الموعد التشريعي، بارومتر لقياس فعالية إصلاحات لم تلق التأييد وإجماع الطبقة السياسية، رغم أن العديد من أطرافها غض الطرف عن ''العجز'' الذي اكتنف الإصلاحات، بتصريحات قيادييها أنفسهم، لكنها لم تتخلف عن إعلان مشاركتها، أملا في مقاعد برلمانية، شكلت محور سجالات ساخنة، أدخلت الجزائريين، رغما عنهم، في حملة انتخابية مسبقة، بدأت بتراشق خرج عن النص، في الكثير من المرات، بين تيار يسمي نفسه ''ديمقراطيا'' وآخر ''إسلامي''. ما سجل على الساحة الانتخابية، قبيل آخر يوم من مهلة إيداع قوائم الترشيحات، مرافعات سياسية لصالح المشاركة في الانتخابية ودعوات للمواطنين لعدم نسيان أنفسهم يوم 10 ماي، الموعد الذي قدمه الرئيس بوتفليقة وأحزاب عدة منعرجا مفصليا لتحديد مصير جزائريين أنهكتهم سياسات فاشلة طيلة خمسين سنة من الاستقلال. لكن الخطابات ''الزاهية'' التي أبانتها، خاصة أحزاب النظام، لصالح التغيير السلمي والديمقراطي وتحاشي تغيير على طريقة ''الربيع العربي''، كانت وبدرجة قصوى ''مبطنة'' بخطاب آخر، سيطرت عليه نزعة أنانية وحزبية، ظهرت بمجرد ما بدأت تتسرب قوائم الترشيح. ويوجد شبه إجماع على أن التغيير المنشود في مخيلة الرئيس بوتفليقة، وبالسقف الإصلاحي الذي يحدده يوم 15 أفريل من العام الماضي، لم يجد ما يقابله من الناحية التنفيذية، بمجرد تأمل بسيط في قوائم انتخابية، يتولى من ينجو فيها من الغربال تعديل دستور ينعت بدستور إصلاحات في ظرف داخلي مشبع بالتحديات وواقع إقليمي ودولي لا يرحم، فقد رشحت التشكيلات السياسية ثلث نواب البرلمان الحالي، بعض الأحزاب التي ينتمون إليها سبق لها أن وصفته بالعاجز والمفلس؟ وظهرت أسماء لرجال أعمال في قوائم الأفالان والأرندي، وأحزاب أخرى، في أوج التنديد بمنطق ''الشكارة'' في تحديد رؤساء القوائم، ورشح حزب العمال إطارات نقابية تناغما مع خطه (الدفاع عن العمال والسيادة الوطنية والاقتصاد المحلي). وفي سابقة، لم تجد أحزاب، رغم أنها ''قديمة''، من ترشحه ضمن قوائمها، فلجأت إلى الصحف لتشهر طلباتها، فيما ارتبكت أحزاب جديدة، ودفعها قصر الفترة إلى التشريعيات، إلى الشبكة الاجتماعية بحثا عن مترشحين. بينما سجل، ولأول مرة، حضور بارز لمتقاعدي الجيش في القوائم، بالإضافة إلى الصحفيين. أعلن حزب واحد فقط مقاطعته الانتخابات، ويتعلق الأمر بالأرسيدي، وعلى نقيضه، خرج الأفافاس عن تقليده بالمقاطعة، وأعلن تزكية مسار التشريعيات بالمشاركة، بينما تنتظر الأحزاب، على الجمر، رأي مصالح وزير الداخلية في القوائم التي أودعتها، بينما لم يكلف بعضها نفسه عناء مراجعة قوائم ضمت أشخاصا محل متابعات قضائية، في انتظار ترسيم نهائي للقوائم بعد ''ختم'' الداخلية، لتنطلق الحملة الانتخابية يوم 15 أفريل.