الزّنا من أكبر الكبائر، وقد ثبتت حُرمته بالكتاب والسّنّة والإجماع، فمن الكتاب قوله تعالى ''ولا تقربوا الزِّنا إنّه كان فاحشة وسَاءَ سبيلاً''. وقوله تعالى: ''الزّانيةُ والزّاني فاجْلِدوا كلَّ واحدٍ منهما مائةَ جلدة ولا تأخُذكُم بهما رَأفَةٌ في دين الله إنْ كُنتم تؤمنون بالله واليومِ الآخِر ولْيَشْهَد عذابَهما طائفةٌ من المؤمنين × الزّاني لا ينكِح إلاّ زانيةً أو مشرِكةً والزّانيةُ لا ينكِحُها إلاّ زانٍ أو مُشرك وحُرِّم ذلك على المؤمنين''. ومن السّنَّة حديث أبي هريرة رضي الله عنه أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: ''لا يزني الزّاني حين يزني وهو مؤمن'' أخرجه البخاري ومسلم. وعنه رضي الله عنه عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: ''إذا زنى الرّجل خرج منه الإيمان كان عليه كالظُّلَّة، فإذا انقلع رجع إليه الإيمان'' أخرجه أبو داود. وقال الشّرع المطهَّر أنّ الله تعالى إذا حرّم شيئاً حرّم الأسباب الموصلة إليه سَدًّا للذّرائع ومَنعاً من الوقوع في حِمَى الله ومحارمه، فتَعُمَّ الفضيلة المجتمعَ الإسلامي ولا يكون للرّذيلة والفاحشة مكان فيه. وقد ذكر ابن القيم رحمه الله أحكاماً وردت في الكتاب والسّنَّة تعتبر تطبيقاً عملياً لقاعدة سدّ الذّرائع الموصلة إلى فاحشة الزِّنا، منها: نهي النساء عن الضرب بالأرجل، الأمر بغَضِّ البصر، النّهي عن الخُلوة بالأجنبية، النّهي عن سفر المرأة بلا مَحرَم، النّهي عن خروج المرأة مُطيِّبَة، النّهي عن اختلاط الجنسين، الأمر بالتّفريق بين الأولاد في المضاجع وغيرها.. ولخطورة أمر الزِّنا والاتّهام به، فإنّ حدَّ الزِّنا يثبت بواحد من ثلاثة أشياء: الأوّل: إقرار الزّاني واعترافُه. والثاني: ثبوت الحمل لمَن لا زَوج لها. والثالث: إقامة الشُّهود. وقد اشترط الفقهاء في الشّهادة على الزِّنا ما يلي: أن يكون الشّهود أربعة فأكثر، ويشترط فيهم أن يكونوا رجالاً، عدولاً مسلمين، عقلاء، وأن يُعايِنوا الزِّنا ويُصرِّحوا بما رأوه. وعليه فإنّ حدَّ الزِّنا لا يثبت بإقامة الشّهود فقط، وإنّما يثبت أيضاً بثبوت الحمل لمَن لا زَوج لها، أو بالإقرار والاعتراف أيضاً، وواحد من هذه الأمور الثلاثة يكفي لإثبات حدّ الزِّنا. والأفضل فيمَن رأى شخصين يزنيان أن يسترهما لأنّ مَن ستر مسلماً ستره الله في الدُّنيا والآخرة، وأن يدعوهما للتوبة إلى الله ويُذَكِّرُهما بقول الله تعالى في ذِكر صفات المؤمنين الّذين نسبهم الله إليه بقوله ''وعِبادُ الرّحمن''، ''ولا يزنون ومَن يفعَل ذلك يَلْقَ أثاماً يُضاعَف له العذاب يومَ القيامة ويخْلُد فيه مُهاناً إلاّ مَن تاب وآمَن وعَمِل صالحاً فأُولَئِك يُبَدِّل اللهُ سيِّئاتِهم حسنات وكان الله غفوراً رَحيماً''. وفيمَن ارتَكب فاحشة الزِّنا أن يستر على نفسه ويتوب ولا يُجاهِر بالمعصية. والله أعلَم.