أودع مترشحون عطلا مرضية للتفرغ للحملة الانتخابية، واستقال آخرون بعدما فشلوا في حيازة ''الانتداب''، كما عمد مترشحون إلى ''تسوية'' مع زملائهم في إدارات وشركات لاستخلافهم في مناصبهم مقابل أجرتهم الشهرية. ترك القانون العضوي للانتخابات، باب ''الصدامات'' مفتوحا بين المترشحين والهيئات والشركات التي يعملون بها، وأحالها إلى تنظيم، أبقى هو الآخر، مسألة منح ''الانتداب'' للراغبين في الترشح للانتخابات التشريعية، رهينة طبيعة العلاقة بين ''المدير والموظف''، وخاضعة بدرجة قصوى إلى ''أهواء'' سلطة التقدير، بين ''كرم'' مسؤول لا يبخل على مترشح في إخلاء سبيله إلى حملته الانتخابية، وبين ''بخل'' مسؤول آخر، يأبى أن يتكرّم بوثيقة انتداب لمترشح راغب في الدعاية الانتخابية لشخصه ولحزبه. واستفيد أن العديد من المترشحين أودعوا عطلا مرضية، من أجل الالتحاق بقادة أحزابهم في ميدان التنافس الانتخابي، وتكررت ''الحيلة'' في ولايات عدة، بعد أن استحال عليهم الحصول على الانتداب من الجهات المستخدمة، مع ما يترتب عن الأمر من ''متابعات قضائية'' من مصالح الضمان الاجتماعي. كما لجأ مترشحون إلى تسويات مع زملائهم يستخلفونهم في مكاتبهم، خلال الحملة الانتخابية مقابل أجرتهم الشهرية، بينما بلغ الحد بالنسبة لآخرين إلى تحرير ''استقالة مشروطة'' تفيد بعدم العودة إلى منصب العمل إن فشل المترشح في الوصول إلى البرلمان. ويقول المحامي بوجمعة غشير، ''إنه من حق الإدارة رفض انتداب موظف لديها، لممارسة نشاط آخر، طالما أن ليس هناك نصا قانونيا يفرض عليها ذلك، خاصة إذا رأت أن ترك المنصب يخل بالسير الحسن للوظيفة''، تماما كما يقول إنه ''من حق مصالح الضمان الاجتماعي متابعة العطل المرضية المبنية على شهادات مرضية مزورة''، على اعتبار أن الفراغ القانوني أنتج واقعا حتم على المترشحين سلوك ما هو متاح لتحقيق رغبتهم. ولا يجبر قانون الانتخابات الجديد الهيئات المستخدمة على منح عطل للمترشحين للتفرغ لحملاتهم الدعائية، ما جعل مسألة الانتداب خاضعة لطبيعة العلاقة بين المترشح والمسؤول عنه في عمله. بينما استقبلت اللجنة الوطنية لمراقبة الانتخابات التشريعية، شكاوى عدة من مترشحين رفضت إداراتهم تسريحهم لممارسة حملتهم الانتخابية، وتسلم مترشحون إخطارات ''قانونية'' من مسؤوليهم، تفيد بضرورة تبرير غياباتهم أو العودة فورا ''إلى العمل وإلا..''. وإذا كان ''الولع'' بالمقعد الأزرق بشارع زيغوت يوسف دفع مترشحين إلى اتخاذ سبل مختلفة تتيح لهم مواصلة مشوارهم الانتخابي إلى النهاية، إلا أن مترشحين آخرين، كما استفيد من مصادر مختلفة، ترشحوا ''فقط من أجل الحصول على عطلة (الراحة) طالما أنهم متيقنون أنه يستحيل عليهم الفوز نظرا لترتيبهم في آخر المراتب في القوائم. وقال نائب رئيس لجنة مراقبة الانتخابات، لمين عصماني، ل''الخبر'' أمس، إنه ''ليس هناك قانون يفرض على الإدارة والشركة، عمومية كانت أو خاصة، منح الانتداب للمترشح، مع أنه منطقيا يفترض على المترشح أن يستفيد تلقائيا من العطلة''، ويؤكد عصماني أن ''اللجنة راسلت وزير الداخلية للإسراع في تسريح العمال والموظفين المترشحين حتى يتسنى لهم القيام بحملتهم الانتخابية''، على اعتبار أن القانون أحال الأمر للتنظيم، غير أن التنظيم ''غير واضح'' وفتح المجال لسياسة ''الكيل بمكيالين''.