أحدثت تصريحات المخرج مرزاق علواش، ضجة كبيرة وأثارت النقاش حول فيلمه ''التائب'' الذي عرض، أول أمس، خلال الطبعة ال65 من مهرجان ''كان''، ضمن إطار جمعية المخرجين ''لاكانزان''، رغم أن الفيلم الذي أنتج في ظرف شهرين من سنة 2012، لم يرقَ إلى مستوى الطرح الذي قدمه علواش، على الأقل من الناحية السينمائية والفنية. بعيدا عن السياسة ومبدأ الإثارة وخلق الإشكاليات الذي يستخدمه مرزاق علواش، كل مرة، للترويج لأي عمل، فقد افتقد ''التائب'' المأخوذ عن قصة واقعية قرأها علواش في يومية جزائرية وتأثّر بها، إلى أدوات الإقناع الفنية، خاصة على مستوى الحوار الذي غاب بين كل شخصيات الفيلم، حيث وظف المخرج الكثير من الصمت الذي يدخل المشاهد في فراغ، لا يؤدي إلى خلق الفضول أوالإثارة، بل إلى الملل. لم ينجح علواش في خلق حوارقوي يدافع من خلاله عن فكرة الفيلم، وإن برر ذلك بطابع الفيلم الذي يميل إلى المتاهة، ويعكس حالة الانهيار التي عاشها الجزائريون أواخر التسعينيات، بعد وقوفهم عند هول حقيقة ما حدث في عشر سنوات. لم يكن الحوار الحلقة الضعيفة الوحيدة في الفيلم، فقد عانى الترابط الدرامي للأحداث من تفكك غير مبرر، إذ يظهر الأبطال دون تبرير لحضورهم، كما أن القفز على عاملي المكان والزمان لم يكن موفقا، مما جعل عقدة الفيلم تبدأ من نهايته، ولم تصل إلى ذروتها، بل لم يعط لها الوقت الكافي للنمو وفق تسلسل منطقي يخلق لدى المشاهد نوعا من الرغبة في الاكتشاف، فكل شيء بدأ غامضا وبقي كذلك إلى نهاية الفيلم، وهو ما يعكس طابعه الاستعجالي وعدم مراعاة عامل الوقت. فبينما كانت المشاهد الأولى طويلة وغامضة وخالية من الحوار، جاءت مشاهد الذروة مكتظة ومتسارعة، إذ بمجرد أن فهم الجمهور أن القصة تدور حول البحث عن قبر ابنة الزوج ''لخضر'' (خالد بن عيسى) ومطلقته ''جميلة'' (عديلة بن ديمراد)، حتى انتهى الفيلم. كما يؤخذ على المخرج المبالغة في تصوير مأساة الجزائريين، خاصة من ناحية اختيار الأماكن والمشاهد والديكور. ويتساءل من يشاهد ''التائب'' في أي عصر صوّر علواش الجزائر؟ رغم جمالية المشاهد الطبيعية التي رافقت الكاميرا في البحث عن الحقيقة، مع التنويه بالأداء المميز للبطل الرئيسي نبيل عسلي في دور التائب ''رشيد''، وعديلة بن ديمراد في دور مطلقة الصيدلي ''لخضر'' وأم الفتاة المقتولة.