يُكثر الحاج من الدعاء كذلك على الصّفا والمروة وفي عرفات وفي المشعر الحرام بعد الفجر، وبعد رمي الجمرة الصغرى والوسطى أيّام التّشريق، لأنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم أكثر في هذه المواطن الستّة من الدعاء ورفع يديه. يبتعد عن جميع الذُّنوب والمعاصي والآثام، فلا يؤذي أحداً لا بلسانه ولا بيده، ولا يُزاحم إخوانه الحجّاج حتّى يؤذيهم، قال سبحانه: {الحجّ أشهُرٌ معلومات فمَن فرَض فيهنّ الحجَّ فلا رفث ولا فسوق ولا جِدال في الحجّ}. وعليه أن يجتهد في العبادة والإكثار من الطّاعات كالصّلاة والمحافظة على المفروضة منها، وقراءة القرآن والذِّكر والدّعاء والصّدقة والإحسان إلى النّاس بالقول والفعل والرِّفق بهم وإعانتهم، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ''مَثل المؤمنين في توادّهم وتراحمهم وتعاطفهم مَثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسّهر والحُمّى'' متفق عليه. وعن جابر رضي الله عنه قال: ''كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يتخلّف في المسير فيُزجي الضّعيف، ويردف، ويَدعو لهم'' أخرجه أبو داود. وعن أبي سعيد رضي الله عنه أنّهم كانوا مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في سفر فقال: ''مَن كان معه فضل ظهر فليَعُد به على مَن لا ظهر له، ومَن كان معه فضلُ زاد فليَعُد به على مَن لا زاد له'' أخرجه مسلم. يستحبّ شراء الهدايا وإحضارها للأهل والأقارب تطييباً للقلوب وإزالة للشّحناء، لقوله صلّى الله عليه وسلّم: ''تهادوا تحابوا'' رواه مسلم. لكن على الحاج أن لا يضيّع وقتَه كلَّه في الشّراء، فيضيّع بذلك واجباته وعبادتَه بل عليه أن يختار الأوقات المناسِبة، ومن أجمل الهدايا الّتي يحملها الحجّاج من بيت الله الحرام: ماء زمزم، فقد كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ''يحمل ماءَ زمزم في الأداوي والقرب، فكان يصبّ على المرضى ويسقيهم'' أخرجه الترمذي. وقد قال صلّى الله عليه وسلّم في ماء زمزم: ''إنّها مبارَكة، إنّها طعام طعم وشفاء سُقم'' أخرجه مسلم، وعن جابر رضي الله عنه يرفعه: ''ماء زمزم لِمَا شُرِب له'' أخرجه ابن ماجه وأحمد. يستحبُّ للحاجّ أن يقول أثناء رجوعه من سفره: ''الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كلّ شيء قدير، آيِبُون، تائبون، عابدون، ساجدون لربّنا حامدون، صدق الله وعده ونصَر عبدَه، وهزم الأحزاب وحده'' أخرجه البخاري ومسلم. يُستحبّ للقادم من السّفر أن يبتدئ بالمسجد ويُصلّي فيه ركعتين لفعله صلّى الله عليه وسلّم، فإنّه: ''كان إذا قدم من سفر بدأ بالمسجد فركع فيه ركعتين'' أخرجه البخاري ومسلم. يستحبّ جمع الأهل والأصحاب وإطعامهم عند القدوم من السّفر، فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما ''أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لمّا قدِم المدينة نَحَر جزوراً أو بقرة'' أخرجه البخاري ومسلم. وهذا الطعام يُقال له النّقيعة، وهي طعام يتّخذه القادم من السّفر. لكن على الحاج أن يتجنّب الوقوع في المخالفات الشّرعية في النّقيعة، من ذلك: الاختلاط، الموسيقى، كشف العورات وغير ذلك من المحرّمات، وليتذكّر الحاج قول النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: ''الحجّ المبرور ليس له جزاء إلاّ الجنّة'' وقوله صلّى الله عليه وسلّم: ''مَن حجّ فلم يرفث ولم يصخب رجع كيوم ولدته أمُّه''، فكيف يرضى بهدم كلّ ما بناه في سفره في لحظة واحدة؟!!. والله الموفق. انتهى