تصريحات أويحيى في ندوته الصحفية فيها الكثير من الرسائل المشفرة التي تحيلنا، حتما، على الأسباب الحقيقية التي جعلت رئيس الجمهورية لا يبادر بإحداث التعديل أو التغيير الحكومي مباشرة بعد إعلان نتائج الانتخابات التشريعية وتنصيب المجلس الشعبي الوطني. أولا: أويحيى يقول: إن حزب الأرندي والأفالان شيء واحد.. وهذا معناه أن حزب الأرندي لا يختلف عن حزب الأفالان في عهد بلخادم من حيث العلاقة بالسلطة الفعلية، وهي التي أوجدت الأرندي لإضعاف أفالان مهري سنة 1976.. واليوم، تحوّل أفالان بلخادم إلى ما يشبه ''راندو''.. 1997، وتحوّل الأرندي إلى ما يشبه أفالان مهري سنة 1996.. أو هذا ما يحاول أويحيى تسويقه للرأي العام عبر قوله إنه يرفض أن يكون مسؤول واجهة.. وأنه يرفض أي مهادنة لأرباب الحاويات والفساد.. وأنه يتعرّض إلى تشويه مقصود من طرف أصحاب المصالح في الصفقات المبيّتة.! هل نبش ولد خليفة في ملفات زياري بالبرلمان.. رد على نبش زياري في ملفات بلخادم في الحزب؟ عندما ولد الأرندي ''بشلاغمه'' سنة 1997 كتبت وقتها: إن الأرندي هو ''ديشي'' الأفالان.. ولامني رئيس الحزب آنذاك بن صالح قائلا لي: كيف أقول عن الأرندي إنه ''ديشي'' الأفالان.! فقلت له: إن ''الديشي'' هو من أصل المادة.! ولو كانت هناك كلمة أسوأ من ''الديشي''، لاستعملتها.. وهاهو أويحيى بعد 15 سنة يقول: إن الأفالان والأرندي شيء واحد.. وأن الانتخابات الأخيرة ''طاحت'' من فم الأرندي فوقعت في كم الأفالان.! وأن الجيش الذي يعطي أصواته للأفالان أو للأرندي هو في النهاية جيش الجزائر وليس جيش الصين.! ثانيا: أويحيى حاول جهده إخفاء الأزمة التي انتهت إليها الانتخابات من خلال الاختفاء خلف الرئيس بوتفليقة حينا، ومن خلال تقديم تبريرات واهية لما حدث في هذه الانتخابات، وقد بدا أنه هو نفسه غير مقتنع بهذه التبريرات، من قبيل قوله: الرئيس من حقه أن يدعو للتصويت على حزبه.! أو من قبيل أن الأرندي خسر الانتخابات، لأن وعاءه الانتخابي شتتته معارضة نورية حفصي.! ثالثا: لم يقل لنا أويحيى كيف أن حزبه تدهور مستواه في النقاش السياسي حول المسائل المصيرية للأمة من مستوى بن صالح وبن بعيبش وبن حمودة وبتشين وبحبوح إلى مستوى نورية حفصي وبن حصير.! رغم أن حزبه كان إلى وقت قريب يعطي الانطباع بأنه الحزب الذي فيه ملامح الحزب الواعد.! هل هو أيضا مثل غول حمس وبلخادم الأفالان، هو رجل الدولة في الحزب وليس رجل الحزب في الدولة؟! وأن الدولة عندما تتخلى عنه، تتخلى بالفعل عن الحزب فيكون الانكسار، وعندما تدعمه يكون الانتصار لجيش الصين.! رابعا: شيء واحد أتفق فيه مع أويحيى فيما قال، وهو أن الأفالان والأرندي ''شيء واحد'' في السكوت عن الفساد وسوء تسيير البلاد، حتى بات الفساد أكبر من الدولة نفسها ومن أحزابها، وبات هذا الداء يهدّد وجود الجزائر كبلد وشعب وليس كنظام.! إنه لمن العار السياسي أن تفرح السلطة عندنا بانتخابات يرفضها الشعب ويثمنها الأجانب.! متى كانت السلطة السوية في الجزائر تفضل رأي الأجانب فيها على رأي شعبها؟! هل انتهت من الجزائريين هذه القيمة الأخلاقية التي كان الجزائريون يفتخرون بها، وهي رفض كل ما هو آت من الخارج.! على الأقل في المجالين السياسي والأمني.! بقي أن نسأل أويحيى: هل الحكومة تعمل فعلا وسبعة من أهم أعضائها تسيّر وزاراتهم بالنيابة؟! لا أعتقد ذلك. [email protected]