توقعات بزيارة قريبة للرئيس هولاند إلى الجزائر وحصيلة سلبية واقتصاد ريعي محكوم بعائدات النفط خصصت أغلب الصحف الفرنسية الصادرة أمس، ملفات خاصة لاحتفالات الجزائر بالذكرى الخمسين للاستقلال، وعادت الصحف الفرنسية إلى ظروف الاستقلال في جويلية 1962 والتحولات التي شهدتها الجزائر على مدار خمسين سنة من استقلالها. أبرزت صحيفة ''لوموند'' الفرنسية المساعي السياسية في الجزائروفرنسا من أجل تطبيع العلاقات بين البلدين، وأوردت الصحيفة في ملف شامل خصصته لملف استقلال الجزائر أن ''احتفالات الجزائر بالذكرى الخمسين للاستقلال، تتزامن مع صعود رئيس جديد لإدارة دفة الحكم في فرنسا فرانسوا هولاند''، وتساءلت الصحيفة عما يمكن أن يقدم عليه الرئيس هولاند من أجل إعادة الدفء للعلاقات بين البلدين، في مقابل استمرار الجزائر في المطالبة باعتذار فرنسي رسمي عن مليون ومنصف المليون شهيد خلال ثورة التحرير. وتشير الصحيفة إلى أن الزيارة التي سيقوم بها وزير الخارجية الفرنسي إلى الجزائر، لوران فابيوس، منتصف الشهر الجاري، تمثل أول إشارة إيجابية على إعادة الدفء في العلاقات بين البلدين، واعتبرت أن التوافق المعلن بين الطرفين لإلغاء الاحتفالات التي تثير الحساسية التاريخية، كان أول الإشارات في هذا السياق. وكان الوزير الأول أحمد أويحيى قد أكد ل''الخبر'' رفض الجزائر مقترح فرنسي لإجراء احتفالات مشتركة في خمسينية الاستقلال، وقال إنه جرى التوافق على عدم تنظيم احتفالات خادشة للعلاقات بين البلدين. لكن صحيفة ''لانوفال أوبسرفاتور'' التي نشرت تقارير ''بكائية'' على الجزائر، فضلت التركيز على الإحباطات الاجتماعية ومشاكل البطالة التي تعيشها الجزائر بعد خمسين سنة من الاستقلال ومصادرة الحريات من قبل السلطة الحاكمة، واعتبرت الصحيفة أن الجزائر خرجت من حرب التحرير إلى صراعات ظلت مستمرة وصولا إلى العشرية الدموية في التسعينيات، وخاضت فيما تصفها ب''أزمة الهوية''. وفي سياق آخر، وجهت صحيفة ''لوفيغارو'' النقاش إلى حاضر ومستقبل العلاقات بين البلدين، واعتبرت الصحيفة أن ''سنة 2012 كانت بحق سنة الفرص الضائعة، بعد إخفاق الجزائروفرنسا في تطوير علاقات التعاون بين البلدين رغم الجهود التي تقوم بها فرنسا منذ عام 2009، واستعرضت محاولات الساسة الفرنسيين تحريك عجلة التعاون الاقتصادي ودعم الاستثمارات الفرنسية في الجزائر. وتحمّل الصحيفة الجزائر مسؤولية عرقلة هذه المساعي وفشلها، وتعتبر أنها كانت تصطدم في كل مرة بتمسك الجزائر بتقديم الاعتذار الفرنسي عن فترة الاستعمار. وتتوقع الصحيفة أن يذهب الرئيس هولاند إلى أبعد مما ذهب إليه سلفه ساركوزي في البحث عن تفاهمات سياسية واقتصادية مع الجزائر، وتنقل الصحيفة عن مصدر دبلوماسي فرنسي توقعات بزيارة متوقعة للرئيس فرانسوا هولاند إلى الجزائر في الأشهر القادمة، ويضيف نفس المصدر أن الجزائريين ينتظرون إشارات قوية من فرنسا تبرز الطابع المتميز للعلاقات بين البلدين. وقالت صحيفة ''لوباريزيان'' إن العلاقات بين البلدين لا تزال في حالة جمود، بعد فشل الرئيس شيراك في تحقيق معاهدة الصداقة مع الجزائر، وخيبة ساركوزي في بعثها، واعتبرت أن خمسين سنة لم تكف لتضميد الجراح التي لا تزال مفتوحة، وتساءلت عما يمكن أن يحققه الرئيس هولاند على هذا الصعيد، خاصة وأنه زار الجزائر بدعوة من حزب جبهة التحرير الوطني في .2010 واتجهت ''لاتريبين'' إلى البحث في مآلات استقلال الجزائر، وركزت على الوضع الاقتصادي الهش التي تعيشه الجزائر، وقالت إن الجزائر لم تستطع بعد خمسين سنة من الاستقلال الخروج من اقتصاد قائم على عائدات النفط، وربطت بين احتفالات الخمسينية وبين التخوف القائم في الجزائر جراء تراجع أسعار النفط، وعلقت على العلاقات الجزائرية-الفرنسية بأنها علاقات محكومة بمنطق ''حب من طرف واحد وغير متبادل''. وفيما نشرت ''ليبراسيون'' ملفا كاملا بالصور والفيديوهات عن حرب التحرير، وخصصت حيزا كبيرا ل''نوستالجيا'' الأقدام السوداء إلى الجزائر، قال الموفد الخاص لصحيفة ''ليمانيتي'' إن هناك إجماعا في الجزائر على أن حصيلة خمسين سنة من الاستقلال سلبية، وأن البلاد لا تزال مرتهنة بعائدات النفط ومحكومة بارتفاع وانخفاض أسعاره''، وهو الأمر الذي ركزت عليه وكالة الأنباء الفرنسية (الرسمية)، حيث قالت الوكالة في برقية أمس أن ''الثورة لم تنته بالنسبة لأولئك الذين حلموا ببلد حر متطور، في ضوء ثروة هائلة من النفط والغاز''.