يفضل أمير الأغنية السطايفية، الشاب عرّاس، اعتزال العمل الفني خلال شهر رمضان المعظم، حتى يتفرّغ للعبادة. فلرمضان عنده مكانة خاصة جدا، تتجلى قبيل قدومه. يستعد الشاب عرّاس رفقة عائلته لاستقبال شهر الصيام في أحسن الظروف وفي أبهى حلة للبيت العائلي، المتواجد بحي 373 مسكن بمدينة العلمة في سطيف، من خلال توفير كل الظروف. ولعل التقليد المميز هو اقتناء أوان منزلية جديدة قبيل الشهر الفضيل، كما جرت عليه العادة كل سنة، بغية الدخول في جو الشهر الكريم قبل قدومه. فيوم رمضان عند عرّاس يختلف كثيرا عن سائر الأيام، بحكم حرص مجدّد الأغنية السطايفية على توفير جو هادئ، من خلال الابتعاد عن التجمّعات مهما كانت، والانزواء مع العائلة والمنزل، حيث يفضل الشاب عرّاس أن يبدأ يومه الرمضاني بوكالة عقارية خاصة لصديقه، حيث يقضي صباحه هناك تقريبا، يتبادل أطراف الحديث مع صديقه بهدوء تام، إلى جانب التحدّث في الرياضة والفن، كما في السياسة والشؤون الدولية الجارية هنا وهناك. ليعود وقت الظهيرة إلى المنزل، حيث يحبّذ قضاء ساعات في ممارسة الأشغال المنزلية، ومشاهدة البرامج الدينية، بدليل أنه في اليوم الذي زرناه، كان يشاهد برنامجا دينيا على قناة ''النور''. ليصطحب بعد صلاة العصر الأولاد أسامة، إسلام، أصالة، شيماء وإياد في جولة قصيرة إلى الريف، حيث تقطن الوالدة والعائلة بضواحي بئر العرش. وطيلة تلك المدة، يحرص مضيفنا على العودة باكرا إلى مدينة العلمة، لاقتناء سيّدة مائدته على مدار أيام شهر رمضان المعظم، ''الزلابية''. ليعود بعدها إلى المنزل وقد اقتربت الشمس من المغيب، دون أن يكون عرّاس من المسرفين في الإنفاق، مع العلم أنه حين عودته، يتخذ مكانا له بجوار التلفزيون، حيث يبحر في مشاهدة برامج منوّعة، تتوزع ما بين الأخبار والرياضة والفن. ورغم تلك الروائح الزكية المنبعثة من المطبخ المجاور، والتي تدغدغ الأنوف وتفتح الشهية وتدفع من يشمّها إلى القدور، إلا أن عرّاس لا يكترث كثيرا للأمر، فهو يفضل الابتعاد عن المطبخ، ولا يشارك زوجته في إعداد أبسط الأمور، كما أنه لا يدخله إلا بعد لحظات من موعد الأذان، ويكون حريصا على أن يلتف كافة أفراد أسرته الصغيرة حول المائدة التي تزينها الزوجة ب''الزلابيّة''، ''الشوربة'' و''الحميس''، إضافة إلى المشروبات وطبق ثانٍ، عادة ما يكون تقليديا، مثل ''البربوشة'' أو ''الثريدة'' أو ''الفرمسة''، ناهيك عن أكواب لبن وحبات تمر. ولا يتنازل عرّاس عن خبز الدار (المطلوع) مهما كانت الأحوال، فهو ضروري على المائدة. وعندما يعلو صوت الحق، يفطر على حبات من التمر وكوب من اللبن، تيمنا بوصايا النبي عليه الصلاة والسلام. وبعد عودته من صلاة المغرب في المسجد القريب من البيت، يفتتح فطوره ب''الشوربة''، ثم الطبق الثاني، ويأكل بلا شراهة، حيث يأخذ كامل وقته في الإفطار، قبل أن ينتقل إلى ارتشاف فنجان قهوة، وهو يشاهد برامج التلفزيون الجزائري، خاصة السلسلات الفكاهية منها، إلى أن يحين موعد صلاة العشاء، فيقوم لأدائها بمسجد ''الإمام البخاري'' بالعلمة، حيث يحرص الفنان على أدائها كاملة، فنكهة رمضان في صلاة التراويح، على حد قوله. بعدها، يطلق عرّاس العنان للتجوّل في أزقة المدينة لاقتناء بعض الحلويات الرمضانية، ثم يعود مباشرة إلى البيت العائلي، حيث يقضي رفقة عائلته ساعات سمر رمضانية. وعن مشاريعه في الشهر الكريم، أكد عرّاس أنه يتوقف عن الغناء بشكل كلي، إذ لا مجال في هذا الشهر إلا لعبادة الله والتقرّب إليه، وكل شيء يؤجل إلى ما بعد رمضان، فحتى التفكير في الفن والمشاريع والغناء يمنعها عرّاس على نفسه، خاصة أنه ضبط ساعة عمله على ما بعد عيد الفطر.