يتحوّل ليل الجزائريين إلى نهار دقائق فقط بعد الإفطار، إذ تعرف محلات بيع المرطبات والمثلجات إقبالا كبيرا للعائلات التي تفضل قضاء سهرتها الرمضانية حول طاولات تتزين بالمرطبات، ولسهرات هذه السنة ''بنّة خاصة'' بفضل الترامواي. كانت الساعة تشير إلى التاسعة ليلا، عندما انطلقنا من ساحة الأمير عبد القادر بشارع العربي بن مهيدي بالعاصمة التي تستقطب العديد من العائلات، قصد تناول مثلجات ''ميلك بار'' المعروفة. التقينا بخالتي غنية، صاحبة ال73 سنة، إذ قالت إنها منذ سنوات طويلة تجلس بساحة الأمير، وتتناول المرطبات بمحل ميلك بار. كما قالت إن العاصمة، في الآونة الأخيرة، أصبحت شبه فارغة من مثل هذه المحلات التي كانت تزين شوارعها، خاصة في شهر رمضان. غيّرنا الوجهة بعدها إلى محطة خليفة بوخالفة، حيث كان الميترو يعرف حركية كبيرة. استعملنا هذه الوسيلة إلى حي المعدومين، لنستقل بعدها الترامواي، هذا الأخير كان يشهد اكتظاظا وضوضاء كبيرين. استفسرنا عن سرّ ذلك، فقال أحد الركاب المدعو ''صالح''، إن أغلب الركاب في طريقهم إلى برج الكيفان، حيث يوجد بائع المرطبات عمي مدور. برج الكيفان تستعيد أيام زمان وصلنا إلى برج الكيفان، وكان المكان يعجّ بالحركة، كما أن الأضواء التي زينت الشوارع زادته جمالا. وعلى طول الطريق، اصطفت محلات بيع الشواء والمثلجات، هذه المحطة عرفت تدفقا كبيرا للركاب الذين رافقونا في الترامواي، جاؤوا من كل حدب وصوب، على غرار باب الواد وبن عكنون والقبة والحراش والرويبة، بما في ذلك المغتربون والأجانب الذين فضلوا الاستمتاع ببرودة المرطبات والجو الجميل للمنطقة. أول شيء يشدّ انتباهك هو الطاولات التي نصبت على الرصيف، والمملوءة بالعائلات التي فضلت الخروج في رمضان وتناول المثلجات. اقتربنا من محل المثلجات ''ايس برغ''، تحدثنا مع صاحبه ''مولود'' الذي رحب بنا، وقال إن المحل ملك لوالده منذ 1964وعمل فيه رفقة شخصين من إسبانيا، هما جانا ومارتيناز. كما تحدثنا مع بعض العائلات التي كانت تتلذذ بالطعم المختلف للمرطبات، حيث قالت خالتي ''سمية''، صاحبة ال72 عاما، إنها من بين الزبائن الأوفياء لمثلجات برج الكيفان، وبالخصوص مرطبات ''ايس برغ''، مضيفة أن رمضان هذه السنة له نكهة خاصة كونه جاء في فصل الصيف، هذا الأخير جعل العائلات الجزائرية تجتمع وتتذكر أيام زمان. أما عن الأسعار، فأجمع محدثونا على أنها في متناول الجميع، إذ تترواح بين 150 دج و300 دج لمرطبات يتم تزيينها بالفواكه والمكسرات. وفي هذه الأثناء، شاركنا الحديث 3 شباب من حي المندرين، إذ أشاروا إلى أنهم التحقوا للتو بالمحل بعد أدائهم صلاة التراويح، من بينهم أحمد الذي قال إن برج الكيفان معروفة بالمثلجات، ونحن كل مساء نأتي إلى هنا من أجل التمتع ببرودتها، لكن الشيء المميز هذه المرة هو تزامن شهر رمضان مع فصل الصيف الذي ساهم في جلب الكثير من العائلات إلى هذه المنطقة التي زادها جمالا الترامواي. يقاطعه صديقه كريم ليقول إن ''برج الكيفان شهدت عدة مشاريع حالت دون وصول الناس إليها، لكنها اليوم تكتسي حلة جديدة في رمضان .''2012 س.ب