تعتبر الكثير من العائلات الجزائرية الوجبات الخفيفة التي تعدها المطاعم و محلات الأكل الخفيف ملاذها الأول والوحيد خلال فصل الصيف هربا من الطهي وإشعال النيران في هذه الفترة الذي تميزها درجات الحرارة و الرطوبة العالية و ذلك على الرغم من المضار الكبيرة لهذه الوجبات على صحة الإنسان إن لم تحضر أو تحفظ بالشكل الجيد. و لتفادي هذه المضار والأخطار كثفت مصالح النظافة والتطهير بمختلف بلديات ولاية الجزائر منذ حلول فصل الصيف من عمليات مراقبة و تفتيش محلات بيع المواد الغذائية الاستهلاكية سيما منها محلات بيع و تحضير البيتزا و المأكولات الخفيفة و المثلجات التي تعرف إقبالا واسعا من طرف العائلات. و من شأن هذه الإجراءات الوقائية حسبما أوضحته السيدة بوحنة غنية مسؤولة بمصلحة النظافة والتطهير ببلدية باب الواد الحفاظ على الصحة العمومية والتقليص من التسممات الغذائية التي تزداد بشكل كبير في فصل الصيف مشيرة إلى أنه "غالبا ما يذهب الزبون ضحية تسمم مصدره لحم مفروم أو جبن فاسد". وأكدت المتحدثة في هذا الإطار أن تدخل مصلحتها خلال السداسي الأول من السنة الجارية أسفر عن توجيه أكثر من 300 اعذار والقيام ب أكثر من 100 عملية حجز لمواد غذائية مشكلة أساسا من اللحوم ومشتقاتها. وتم على سبيل المثال -- تضيف المتحدثة -- حجز كميات من لحم البقر غير صالح للاستهلاك و السمك المجمد إضافة إلى كميات كبيرة من النقانق (المرقاز) والخضر الفاسدة والمعلبات سريعة التلف. وبعد أن أشارت إلى أن لجنة النظافة والتطهير البلدية اقترحت في العديد من المرات الغلق النهائي للمحلات بعد الإعذارات الموجهة لأصحابها بسبب قلة النظافة جراء الإهمال قالت أن المواد الغذائية الاستهلاكية التي تباع خارج المحلات أو على جوانب الطرقات وفي الأسواق الموازية "لا يمكن مراقبتها لان ذلك من صلاحية الأمن العمومي". وحسب المعاينة الميدانية لواج لعدد من المطاعم ومحلات بيع الوجبات الخفيفة بعدد من البلديات مثل القبة والجزائر الوسطى و درارية فان مثل هذه الأماكن المحبذة من طرف العائلات خاصة أثناء موسم الاصطياف انتشرت في السنوات الأخيرة بصورة واسعة كادت أن تشمل جميع شوارع الجزائر العاصمة لان خدماتها حسب أحد الباعة "تلائم الفصول الأربعة". وإذا كانت المأكولات الخفيفة تحظى برواج أكبر على شواطئ البحر والغابات والمتنزهات فإن جنبات الطرق السريعة المؤدية للشواطئ تشهد منذ الساعات الأولى من النهار عرضا لأصناف متنوعة و مختلفة من المأكولات من قبل أطفال و شباب كخبز المطلوع والذرة المشوية والبيض المسلوق و المشروبات المبردة بقطع من الثلج متخذين إياها حرفة موسمية لتحسين مداخيل أسرهم حسب أحدهم. كما يزداد طلب العائلات والأطفال في هذه الفترة من السنة على المثلجات التي يخصص لها في عدد كبير من المطاعم أجنحة لتقديم أشكال متنوعة لجلب الزبائن مثلما هو الحال بالنسبة للجناح الذي خصصه أحد بائعة المثلجات المعروفين ببرج الكيفان بسبب "المعاملة الحسنة التي يتمتع بها عمال هذا المحل و الجو المناسب الذي يوفرونه للزبائن". ومعروف أن فصل الصيف تصاحبه عادات غذائية جديدة و تبعا لذلك تزدهر تجارة "الساندويتشات" و الأكلات الخفيفة التي يسهل تناولها في الشوارع و الساحات و على الشواطئ. ومن المتعارف عليه في الجزائر استغناء اغلب الأسر عن طهي الطعام و لجوئها إلى إلغاء العديد من الأطباق المعروفة و الاكتفاء بمثل هذه الأكلات الخفيفة التي أصبحت واقعا في حياة الجزائريين لا يمكن نكرانه. تقول ربة أسرة من الجزائر العاصمة أن درجة الحرارة تؤثر على نمط المعيشة في هذا الفصل بما فيها العادات الغذائية فإذا كان فصل الشتاء فترة مناسبة للحساء والمرق والأكلات الدسمة و "الحارة" فان الأمر يختلف في فصل الصيف إذ يخلو من هذه التصنيفات. من جهة أخرى يجمع العديد من الأخصائيين في الصحة العمومية على أن التسممات الغذائية و التعقيدات الصحية المرتبطة بها مشكلة قائمة طوال أيام السنة إلا أنها تتفاقم خلال فصل الصيف جراء تردد فئات عريضة من المجتمع على محلات بيع المأكولات الخفيفة المخصصة لهذا الموسم. وأكد في هذا الإطار الدكتور رياض بوقريعات طبيب أخصائي في الطب الداخلي أن كميات المواد الغذائية التي تستهلك من طرف العائلات خارج منازلهم كالمقليات والمشويات أو المشروبات الغازية يزداد تناولها بشكل كبير خلال فصل الصيف. واستطرد يقول أن عددا كبيرا من الباعة يستخدمون نفس الزيت لمرات عديدة في قلي البطاطس ولا يحفظون اللحوم المفرومة والبيض والمشروبات الغازية في درجة برودة معينة مما يعرضها في غضون ساعات قليلة إلى التلف و الجراثيم فيعرضون بذلك حياة الزبائن للخطر. ودعا المتحدث العائلات والمواطنين الذين يفضلون تناول بعض الوجبات الخاصة بفصل الصيف أو المثلجات والمرطبات خارج بيوتهم أن "لا يضعوا كامل ثقتهم في أنواع المأكولات المطهية ببعض المطاعم إذ ينبغي أيضا أخذ الحيطة والحذر". و برأي هذا الأخصائي فإن عودة ظهور بعض الأمراض وبأشكال لم تكن معروفة سابقا مثل الأمراض المتنقلة عن طريق المياه كحمى الأمعاء والالتهابات التي تصيب الجهاز الهضمي والإسهال الحاد مردها -- كما قال -- إلى "قلة النظافة في غالب الأحيان". و حث المتحدث جمعيات حماية المستهلك على مضاعفة نشاطها التحسيسي و كذا التركيز على العمل الجواري الذي يكفل تعميق الوعي وسط شرائح واسعة من المواطنين بالخطر المحدق بهم جراء تعرضهم لتسممات غذائية.