الحكومة الجزائرية تحتج على الحكومة السويسرية لأن العدالة السويسرية قررت رفع الحصانة عن اللواء خالد نزار ومحاكمته! والطريقة التي احتجت بها الجزائر على سويسرا مضحكة فعلا. فالجزائر ترى أن متابعة خالد نزار قضائيا في سويسرا هو تدخل سافر في الشؤون الداخلية للجزائر! وكأن القضاء السويسري تحت سلطة الحكومة السويسرية كما هو حال القضاء عندنا؟! لست أدري كيف ترى الحكومة الجزائرية مساءلة القضاء السويسري للواء خالد نزار عن وقف المسار الانتخابي سنة 1992 تدخلا في الشأن الداخلي للجزائر ولا ترى حكومة الجزائر أن جلب مراقبين لمراقبة الانتخابات في الجزائر مسألة جيدة وليست تدخلا في الشأن الداخلي بل وتفرح الجزائر بالتقرير الذي أعدته بعثة المراقبين هذه! الحكومة الجزائرية أصبحت فاقدة للمنطق حتى لا أقول أنها فاقدة للوعي لأن السيادة كل لا يتجزأ... فلا يمكن أن نقبل بأن ترأس السيادة في مجال إبداء شهادة الزور من طرف الأجانب في سلك حكومي و لا نقبل التدخل القضائي في حالة مثل حالة نزار ؟! ولا تتساءلوا ''واش يفعل اللواء في سويسرا حتى يحاكم هناك؟! كم تمنيت لو أن الرسالة شديدة اللهجة التي وجهتها الحكومة الجزائرية إلى حكومة سويسرا كانت تخص مجموعات اللصوص الجزائريين الذين شجعتهم حكومة سويسرا على تحويل المال العام إلى هناك؟! بأسمائهم أو بأسماء مستعارة؟! يمكن أن تحدث أزمة في العلاقات السويسرية الجزائرية شبيهة بالأزمة التي أحدثها القذافي مع سويسرا بسبب قضية ابنه حنبعل... لكن في النهاية لا نتصور أن سويسرا والقضاء السويسري سيرضخ لوزارة الخارجية والجزائر تعيش ما تعيشه من هوان؟ وإذن لماذا تدخل الحكومة الجزائرية في قضية نعرف أنها خاسرة مسبقا؟! وأقصى ما يمكن أن يحدث هو إعطاء البراءة للمعني؟! في السبعينيات من القرن الماضي، قدّم السيد اسماعيل حمداني مستشار الرئيس بومدين اقتراحا بتحريك دعوى قضائية في سويسرا والضغط على الحكومة السويسرية قصد استعادة أموال جبهة التحرير التي وضعت في بنوك سويسرا باسم خيضر وبوضياف وسأل بومدين حمداني: هل أنت تضمن النجاح في هذه العملية فقال له: لا، فقال بومدين: إذا لا يمكن أن ندخل الحكومة الجزائرية والبلد في عملية لسنا على يقين من النجاح لأن سمعة البلاد أهم من المال! فالسيادة هي أيضا سمعة وليست الزج بالبلد في معارك خاسرة على طريقة القذافي! هكذا كنا وهكذا أصبحنا الآن، أمة ترفل في الغلط والهوان؟!