قال مقربون من نظام بشار الأسد إن تصريح نائب رئيس الحكومة السورية حول إمكانية تنحي بشار الأسد رأي شخصي، والرئيس باق في منصبه حتى نهاية عهدته عام ألفين وأربعة عشر. وبالمقابل شرعت المعارضة في العمل على تشكيل حكومة انتقالية. وبالموازاة مع هذه التطورات، تواصلت الحرب وسط أنباء عن تمكن الجيش الحر من السيطرة على مدينة البوكامل الحدودية مع العراق، باستثناء مطارها ومقر أمني تابع للمخابرات. خلفت تصريحات نائب رئيس الحكومة السورية، قدري جميل، بموسكو، من أن سوريا مستعدة لمناقشة ''مسألة استقالة محتملة للرئيس السوري بشار الأسد، في إطار مفاوضاتها مع المعارضة''، ردود فعل متباينة داخل السلطة وخارجها، فمن داخل السلطة قال مسؤولون إن رحيل الأسد غير مطروح قبل انتهاء عهدة بشار عام ألفين وأربعة عشر. واعتبر هؤلاء المسؤولون أن تصريح نائب رئيس الحكومة موقف شخصي لا يلزم السلطة في شيء، خاصة أنه جاء من المعارضة، ولولا ظروف الأزمة لما وجد نفسه مسؤولا أصلا. ونقيض هذا، قالت المعارضة إنه لا حوار قبل التنحي الرسمي والنهائي للأسد، والمجال الوحيد المفتوح بين طرفي المعضلة لا يخرج عن دائرة توفير سلسلة من الإجراءات لانتقال السلطة من الحكم إلى المعارضة. وفي إشارة توحي بأن المعارضة ذاهبة بعيدا في نهجها الراديكالي، قال رئيس المجلس الوطني السوري المعارض، السيد عبد الباسط سيدا، إنه لا مكان لكل رموز النظام من مثل رئيس الحكومة السابق حجاب المنشق والهارب إلى الأردن أو العميد مناف طلاس المنشق والهارب إلى باريس، لا مكانة لأمثال هؤلاء في أي حكومة قادمة. وعن هذه الحكومة المرتقبة وفي باريس، قال سيدا إن هناك ''عملا جديا للإعلان سريعا'' عن حكومة انتقالية. وأوضح بعد انتهاء زيارته للعاصمة الفرنسية ولقائه الرئيس هولاند: ''نجري مشاورات معمقة مع مختلف المكونات السورية'' بشأن تشكيل حكومة انتقالية، و''نحن نعمل جادين للإعلان سريعا عن هذه الحكومة بعد الانتهاء من المشاورات''. ثم حذر من التسرع بقوله إن ''أي تسرع في الإعلان عن هذه الحكومة لن يحل المشكلة''، معربا عن أمله في الانتقال ''سريعا إلى الداخل الوطني لكي تقوم هذه الحكومة بأداء واجباتها من الداخل''. وضمن هذا الطرح، أعلنت الرئاسة الفرنسية، في بيان لها، أن هولاند ''شجع'' المجلس الوطني السوري على ''إنشاء تجمع واسع يضم كل قوى المعارضة'' السورية. ورغم اختلاف قراءة ما جاء على لسان نائب رئيس الحكومة السورية، فقد رحبت به موسكو التي قالت، على لسان وزيرها للخارجية، إنه ''لم يبق أمام الدول الأجنبية غير تهيئة الظروف للبدء بحوار بين مختلف الأطراف المتنازعة في سوريا''. وأضاف وزير الخارجية الروسي: ''بعد أن لوحت واشنطن بالتدخل العسكري في سوريا في حال نقل أو استخدام أسلحة كيميائية، أصبحت المصالحة الوطنية السبيل الوحيد لوقف إراقة الدماء في أسرع وقت، وإيجاد الشروط ليجلس السوريون إلى طاولة المفاوضات لتقرير مصير البلاد من دون أي تدخل أجنبي''. لكن على النقيض من هذا، لم تر المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية، فكتوريا نولاند، في الإعلان عن استعداد الأسد للتنحي ''أي جديد استثنائي''. ميدانيا، أعلنت قوات المعارضة أن القوات النظامية أجبرت على مغادرة مؤسستين أمنيتين في مدينة البوكمال الواقعة على الحدود مع العراق، وقد تم تحقيق هذا المكسب بعد أسبوع كامل من القتال العنيف داخل وبمحيط هذه المدينة المهمة بكل المقاييس الاستراتيجية. وحسب توضيحات مسؤولي الجيش الحر، فإن قوات النظام انسحبت من مجمعي المخابرات الجوية والأمن السياسي في المدينة البعيدة ب120 كيلومتر عن دير الزور. وبعد هذا التطور، تقول مصادر المعارضة إنه لم يبق للنظام غير مجمع أمني واحد تابع للمخابرات العسكرية ومطار البوكمال، وسقوط هاتين المؤسستين مسألة وقت فقط. وبالقرب من المدينة، سيطرت عناصر الجيش الحر كذلك على المعبر الحدودي مع العراق المغلق من جانب السلطات العراقية. وبحي دمر بالعاصمة دمشق، انفجرت، فجر أمس الأربعاء، سيارة مفخخة. وحسب برقية لوكالة الأنباء الفرنسية، فإن ثلاثة أشخاص كانوا داخل السيارة قد تفحموا، كما تحدثت الأنباء عن حدوث اشتباكات عنيفة في محيط مطار المزة العسكري، مع استمرار المواجهات في ريف العاصمة. ودون تفاصيل عن مخلفاتها، تعرضت منطقة البساتين المحيطة ببلدات سقبا وحمورية والبلالية للقصف العنيف من قبل القوات النظامية. أما بمدينة حلب الملتهبة، فقد استقرت الأوضاع بها بعد سيطرة الجيش الحر على سبعين بالمائة من مساحتها، لكن تواصل القصف عليها، خاصة بعد أن حاول مقاتلو المعارضة مهاجمة قاعدة الصواريخ بمنطقة الشيخ سعد، وقد استخدمت الطائرات الحربية ضد المهاجمين. نفس أجواء الخراب هذه عاشتها كذلك محافظات درعا وريفها ودير الزور وحمص. وبالجار القريب من سوريا، خفت حدة الاشتباكات بين اللبنانيين المساندين للنظام السوري الذين يقطنون منطقة جبل محسن، والمناوئين له الذين يسكنون بباب التبانة بمدينة طرابلس، بعد أن خلفت عشرة قتلى وأكثر من مائة جريح 9 منهم من أفراد الجيش اللبناني. وفي تطور آخر، اتهمت تركيا النظام في سوريا بالوقوف وراء تفجير سيارة مفخخة أمام مقر للشرطة في مدينة غازي عنتاب التي يتقاسمها الأتراك والأكراد. وقال نائب رئيس حزب العدالة والتنمية الحاكم إن ''حزب العمال الكردستاني يعمل يدا بيد مع الاستخبارات السورية''، وتابع: ''بشار الأسد يتحرك من قاعدة عدو عدوي صديقي وهو يرى في حزب العمال الكردستاني صديقا له''.