جاء الرد الأمريكي سريعا على مقتل سفيرهم في بنغازي، حيث قررت واشنطن وفق تقارير إعلامية إرسال مدمرتين إلى سواحل ليبيا ترقبا لأي عملية في التراب الليبي إذا استدعت الضرورة، إضافة إلى نشرها طائرات بدون طيار في سماء بنغازي، فيما فتحت طرابلس تحقيقا للوقوف على ملابسات الحادثة والقصاص من الفاعلين، في حين شكك مسؤولون أمريكيون في أن تكون الأحداث عفوية، بل أكدوا أنها كان مخططا لها. قال مسؤول أمريكي إن الولاياتالمتحدة أمرت مدمرتين بالتحرك صوب الساحل الليبي لإعطاء إدارة الرئيس باراك أوباما المرونة لأي عمل في المستقبل ضد أهداف في ليبيا، وقال المسؤول لوكالة رويترز إن المدمرة ''يو.أس.أس. لابون'' التي تقوم بزيارة إلى ميناء في كريت قد تتخذ موقعها في غضون ساعات. وأضاف المسؤول الذي تحدث، شريطة عدم الكشف عن هويته، إن المدمرة الأخرى ''يو.أس.أس. ماكفول'' على بعد يومين، والمدمرتان كلتاهما مسلحتان بصواريخ توماهوك التي استخدمها حلف شمال الأطلسي بشكل واسع ضد الدفاعات الجوية لقوات الزعيم الليبي المخلوع معمر القذافي العام الماضي. كما ذكرت مصادر أمريكية أن وزارة الدفاع قررت إرسال مجموعة من الطائرات بدون طيار، للتحليق بأجواء مدينة بنغازي، وعدة مواقع أخرى في شرق ليبيا، كما قررت نشر العشرات من عناصر ''المارينز'' في ليبيا. ونقلت قناة ''سي.إن.إن'' الإخبارية عن مصدر أمريكي قوله إنه من المتوقع أن تقوم الطائرات بدون طيار بجمع معلومات استخباراتية حول مواقع الجماعات ''الجهادية''، والأهداف المحتملة، التي قد يكون لها علاقة بالهجوم على القنصلية الأمريكية في بنغازي، وكان قد أعلن مسؤول أمريكي أن ''الولاياتالمتحدة أجلت كل العاملين في قنصليتها في بنغازي'' إثر الهجوم الأخير. وفي السياق أعلن ناطق باسم أجهزة الأمن الليبية، أمس، أن السلطات الليبية شكلت ''لجنة مستقلة'' للتحقيق فى الهجوم على القنصلية، وقال المتحدث باسم اللجنة الأمنية العليا في وزارة الداخلية عبد المؤمن الحر إن ''لجنة مستقلة شكلت لإجراء التحقيق''، وأضاف أن اللجنة يرأسها قاض وتضم ''خبراء'' من وزارتي العدل والداخلية. وعما إذا كان تم توقيف أي أشخاص، قال الحر ''بالتأكيد''، إلا أنه لم يوضح عدد الذين تم توقيفهم أو هوياتهم. وأضاف أن التحقيق ''معقد جدا'' لأن الحشد الذى تجمع حول القنصلية ''لم يكن متجانسا''. وتابع ''كان هناك متطرفون ومواطنون عاديون ونساء وأطفال ومجرمون''. وأفاد مسؤول أمريكي فضل عدم الكشف عن هويته أن الهجوم الذي نسب في البدء إلى مسلحين غاضبين من فيلم مسيء للإسلام يبدو أنه منسق وليس عمل حشد غاضب. وقال المسؤول ''هذه هي الفرضية التي نعمل عليها في الوقت الحالي''. وأضاف أن المتطرفين استغلوا المتظاهرين الذين كانوا يحتجون على الفيلم كذريعة للانقضاض على القنصلية الأمريكية بأسلحة خفيفة، ولكن أيضا بقاذفات صواريخ. وأعلن مايك روجرز، رئيس لجنة الاستخبارات في الكونغرس الأمريكي أن الهجوم يحمل بصمات تنظيم القاعدة. وفي هذا السياق قال النقيب فتحي العبيدي الذي شارك في عملية تأمين طاقم القنصلية إن وحدة من القوات الأمريكية أرسلت جوا عبر الصحراء الليبية لإنقاذ الدبلوماسيين الأمريكيين المحاصرين وقعت في كمين محكم، خلال الليل، أدى إلى سقوط قتيلين أمريكيين آخرين. وقال النقيب إنه بعد عثور رجاله والفرقة الأمريكية على الناجين الأمريكيين الذين تم إخلاؤهم من القنصلية، تعرض الملاذ الآمن الذي كان عبارة عن فيلا معزولة لقصف شديد ودقيق بقذائف المورتر. وقال ''أعتقد فعلا أن هذا الهجوم كان مدبرا''، مؤكدا تلميحات من بعض المسؤولين الليبيين أن جانبا من الهجوم الذي تعرض له الأمريكيون كان من عمل مقاتلين متمرسين. وأشار ضمنيا إلى أتباع القذافي، في حين نفى تنظيم أنصار الشريعة أن يكون له يد فيما وقع في بيان له، وندد بالمناسبة بالفيلم المسيء للرسول محمد (ص).