تزداد الأوضاع في مصر غموضا وتأزما، خاصة بعد دعوة الرئيس محمد مرسي جموع المصريين للاستفتاء على الدستور الجديد في الخامس عشر من الشهر الجاري، لتتفاقم الفجوة بين القوى المدنية المعارضة لقرارات مرسي، والمعتصمة بميدان التحرير لليوم التاسع على التوالي، والقوى الإسلامية المؤيدة لها، والتي حاصرت مقر المحكمة الدستورية العليا ومنعت القضاة من مزاولة عملهم، قبيل النطق بالحكم في دعاوى حل مجلس الشورى والجمعية التأسيسية لكتابة الدستور. وصفت المحكمة الدستورية محاصرة مقرها ومنع القضاة من الدخول، بأنه يوم أسود في سجل القضاء المصري، وقررت تعليق جلساتها لأجل غير مسمى، في حين دعت القوى السياسية والثورية المعتصمة بميدان التحرير، إلى الخروج في مسيرات سلمية مساء غد الثلاثاء إلى قصر الاتحادية، احتجاجا على الإعلان الدستوري ورفض الاستفتاء على مشروع الدستور، والتأكيد على استمرار الاعتصام بميدان التحرير، في أولى الخطوات التصعيدية لمواجهة الدكتور مرسي، واعتبرت الاستفتاء على الدستور بمثابة إجهاض للثورة وأهدافها وتفريغ للديمقراطية من مضمونها. الرأي نفسه يؤيده المحامي محمد زارع، رئيس المنظمة العربية للإصلاح الجنائي، موضحا في حديث مع ''الخبر'': ''ما قام به الرئيس مرسي مخالف للدستور والقانون ومهين للقضاء ويدمر كل مؤسسات الدولة، متعمدا في ذلك بهدف إنشاء مؤسسات جديدة موالية له''. وانتقد رئيس المنظمة العربية للإصلاح الجنائي محاصرة أنصار الرئيس مرسي للمحكمة الدستورية العليا، ومنع القضاة من دخولها، قائلا: ''من الواجب على الرئيس مرسي الالتزام بالشرعية واحترام القضاء لا مهاجمته، عن طريق حشد مليشيات موالية له أمام مقر المحكمة، وأعتبر هذه الواقعة سقطة تاريخية لن تتكرر، فهو يشجع شعبه على الاحتجاج أمام المحاكم، في حال عدم رضاهم عن أحكام تصدر ضدهم، وهذه الواقعة دليل على أن الإدارة الجديدة لازالت تتخبط وتسعى للاستيلاء على السلطة كاملة''. وفي المقابل، يرى الدكتور محمود غزلان، المتحدث الرسمي لجماعة الإخوان المسلمين، أن ما يحدث في الشارع المصري أمر طبيعي جدا ونتاج التحول إلى الديمقراطية، وأنه من حق أي فصيل التعبير عن رأيه شرط أن يكون بطريقة سلمية، ومشيرا إلى أن أعداد المؤيدين لقرارات الرئيس مرسي أضعاف المعارضين، وأن الرئيس مرسي يسعى سعيا حثيثا للانتهاء من الدستور، الذي بمقتضاه تتم الانتخابات البرلمانية وتنتهي المرحلة الانتقالية. ويتوقع غزلان فشل دعوات العصيان المدني التي دعت إليها القوى المدنية، مؤكدا بأن صناديق الاقتراع تعبر عن الإرادة الشعبية وهي التي ستقرر ما تريده غالبية الناس، مضيفا في تصريح ل''الخبر'': ''والقضاة هم من سيشرفون على الانتخابات، لأن المقاطعين أقلية، كما أن الشعب يطالب بتطهير القضاء الذي أفسده النظام السابق، بالأخص المحكمة الدستورية التي تعمل على تسييس أحكامها، وحلت مجلس الشعب المنتخب الذي أنفقنا للتحضير له مليارا و600 مليون جنيه مصري، في جلسة واحدة''.