أعطى فيلم ''زنديق'' للمخرج الفلسطيني ميشيل خليفي، سهرة أول أمس، بقاعة ''ابن زيدون'' بديوان رياض الفتح في الجزائر العاصمة، إشارة انطلاق فعاليات الطبعة الثانية من مهرجان الجزائر الدولي للسينما الخاص بأيام الفيلم الملتزم التي ستدوم إلى غاية 13 ديسمبر الجاري، بمشاركة 14 دولة، ممثلة ب10 أفلام خيالية طويلة، و13 فليما وثائقيا. ترصد كاميرا ميشيل خليفي، طيلة عمر فيلمه السينمائي ''زنديق''، الأحداث التي رافقت عودة مخرج فلسطيني مغترب بأوروبا إلى رام الله، لتصوير فيلم يوثق لنكبة فلسطين في .1948 فيجد نفسه في دوّامة من الصراعات الحافلة بالاضطرابات التي يفرزها تصادم الهو بالأنا والأنا الأعلى، في محاولة منه للبحث عن ذاته أولا، وعن أرضه المسلوبة وهوّيته المغتصبة ثانيا. وتبدأ أطوار الفيلم بمشهد اضطرار المخرج المغترب للمجيء إلى الناصرة، من أجل تقديم واجب العزاء لأهل عمه المتوفى، وهو المشهد الذي يُمهّد فيما بعد لاكتشاف ملامح شخصيته الجدلية، ككفره بالله، وبتقاليده وعواطفه، هذه الأخيرة التي تتجلى في توتر العلاقة العاطفية التي تجمعه مع حبيبته ''رشا'' (الممثلة ميرا عواد)، وهي النقطة المفصلية التي تتفرّع بموجبها بقية الأحداث، كنتيجة حتمية لهذا التوتر النفسي الذي يقوده إلى طرح عدّة تساؤلات جوهرية، كتلك التي كان يطرحها على والدته المستحضرة باستخدام تقنية ال''الفلاش باك'': ''لماذا لم تنزحوا؟ لماذا لم يطردوكم؟''، خلافا لتلك التي عادة ما تطرح على اللاجئين الفلسطينيين الذين رحلوا أو أرغموا على الرحيل من بيوتهم سنة .1948 كما تتجلى في الفيلم، الناطق باللهجة الفلسطينية، الكثير من الذاتية والخصوصية، إلى درجة تحيلك على أن قصته واقعية، واقعية المعاناة التي كابدها هذا المخرج المغترب لدى عودته من جهة، وواقعية المعاناة التي يعيشها أصحاب الأرض الحقيقيون من جهة أخرى، هؤلاء الذين حاول المخرج نقل مأساتهم وعلاقتهم بالمكان والزمان، منذ النكبة إلى اليوم، عبر الشهادات الحيّة التي كان المخرج المغترب يستقيها من أفواههم، حين كان يجمع مادة فيلمه، منها ما ردّده فلاح لاجيء: ''هذا الوطن ليس وطنكم''. وعلى هامش حفل الافتتاح، قال مخرج فيلم ''زنديق'' ميشيل خليفي: ''سعيد جدا بعودتي إلى الجزائر، فأنا أشعر منذ زمان بأنني ابن هذا البلد، والذين يعرفونني يعلمون جيّدا أن أفلامي كلها ملتزمة، التزامي بالقضية الفلسطينية''. وتابع: ''زنديق هو فيلم خاص، كونه يطرح عدّة تساؤلات، فهو يسأل عن السينما الوثائقية وعن فلسطين اليوم، من خلال قصة شخصية، ففي الفيلم الكثير من الخصوصية''، مشيرا إلى أن الالتزام هو العلاقة ما بين الفرد والجماعة، وكذا الجماعة والفرد.