قرر وزراء المال في الاتحاد الأوروبي، عشية مؤتمر القمة الأوروبية، وضع البنوك الأوروبية البالغ عددها نحو 200 بنك، تحت إشراف البنك المركزي الأوروبي الذي سيصبح المراقب الرئيسي لعمل البنوك في منطقة اليورو. وسوف تعرض هذه الاتفاقية، وهي خطوة أساسية على طريق الوحدة المصرفية، على زعماء الاتحاد الأوروبي في وقت متأخر من الخميس كي يصدقوا عليها.ويرى الخبراء أن وضع قواعد اقتصادية ثابتة للتعاملات المصرفية ضروري لدعم استقرار العملة الأوروبية، اليورو، لأن فشل البنوك هو الذي سبب الانهيار المالي.وتهدف الاتفاقية التي استغرقت 14 ساعة من المفاوضات، إلى تفادي الفشل المصرفي الذي عادة ما تتحمل أعباءه الحكومات الأوروبية.وقال وزير المال الألماني، ولفغانغ تشوبل، عقب انتهاء المفاوضات فجر الخميس: "لقد اتفقنا على النقاط الرئيسية لتأسيس مراقب مصرفي أوروبي من المؤمل أن يبدأ عمله في عام 2014". "سنبني الاتحاد المصرفي لبنة لبنة"أما المفوض الأوروبي، ميشيل بارنيار، فقد قال إن الاتحاد المصرفي "سوف يُبنى لبنة لبنة، وقطعة قطعة على هذا الخطوة الأسياسية التي اتخذت اليوم".وبموجب الاتفاقية فإن البنوك التي يفوق رأسمالها 30 مليار يورو، (39 مليار دولار)، سوف توضع تحت إشراف البنك المركزي الأوروبي.ويقول محرر الشؤون الأوروبية في بي بي سي، غافين هيويتس، إنه سوف يكون من حق البنك المركزي الأوروبي أن يتدخل حتى في شؤون المُقرضين والمُقترضين الصغار في حال بروز أي مشكلة مالية جديدة.ويضيف هيويتس إن وزراء المال الأوروبيين قد تقدموا خطوة رئيسية أخرى في طريق التكامل إذ ستنتقل السلطة النقدية من الحكومات الوطنية إلى البنك المركزي الأوروبي. وسوف تمنَح الاتفاقية البنك المركزي الأوروبي سلطات إغلاق البنوك التي لا تتبع القواعد المصرفية المتفق عليها.كما سيمهد الاتفاق لصندوق الإنقاذ الأوروبي الرئيسي لأن يقدم العون المباشر لإنقاذ البنوك الأوروبية التي تعاني من مشاكل.ويرى القادة الأوروبيون أن بالإمكان اتخاذ قرار بشأن المرحلة الأولى للاتحاد النقدي، وهي إنشاء الألية الرقابية الموحدة، دون الحاجة إلى تغيير المعاهدات الأوروبية.إلا أن هناك شكوكا قانونية حول الخطوات اللاحقة، وبالأخص خطوتان رئيسيتان على الأقل هما إنشاء صندوق ضمان مشترك وآلية لاتخاذ القرارات لإغلاق البنوك الفاشلة.ويقول محرر الشؤون الأوروبية في بي بي سي إن بريطانيا، وهي ليست عضوة في منطقة اليورو، لن تلتحق بالاتحاد النقدي، إلا أنها حصلت على ضمانات بأنها لن تُهمَّش عندما تُتخذ القرارات الرئيسية في الاتحاد الأوروبي.وتعتبر لندن أهم مركز مالي في الاتحاد الأوروبي، وتتم فيها أكبر التحويلات المالية الأجنبية والتعاملات المالية للاتحاد، لذلك فإن المملكة المتحدة تسعى لضمان الإبقاء على الدور الرئيسي الذي تلعبه مدينة لندن المالية وعدم انتقال النشاط المالي من لندن إلى منطقة اليورو الموحدة نقديا.وقالت لجنة الاتحاد الأوروبي في مجلس اللوردات البريطاني إنها "غير مقتنعة أن بالإمكان إنشاء الاتحاد النقدي الأوروبي الفعلي حسب المعاهدات الأوروبية الحالية".ويبدو أن فرنساوألمانيا قد توصلتا إلى حل وسط حول حجم الدور الرقابي الذي سيلعبه البنك المركزي الأوروبي والصلاحيات الممنوحة له.وتتركز نقطة الخلاف الرئيسية بين البلدين على الحدود التي يجب عندها أن يتدخل البنك. وترى ألمانيا أن معظم بنوكها صغيرة بحيث إنها لا تستدعي تدخلا من البنك المركزي الأوروبي.ويسعى رئيس المجلس الأوروبي، هيرمان فاتن رومبوي، إلى الحصول على التزام بإنشاء الآلية الرقابية الموحدة في يناير/كانون الثاني عام 2014 كحد أقصى وسيكون تقريره حول التكامل البعيد الأمد في منطقة اليورو نقطة النقاش الرئيسية في مؤتمر القمة.ويحتوي التقرير على أفكار تقدم بها كل من المفوضية الأوربية والبنك المركزي الأوروبي والمجموعة الأوروبية، وهي وزراء المال السبعة عشر في منطقة اليورو.وبينما يعتبر الاتحاد النقدي محور الاهتمام القصير الأمد للقادة الأوروبيين، فإن التقرير يقترح إقرار "ترتيبات تعاقدية" بين حكومات منطقة اليورو والمفوضية الأوروبية لمنع الحكومات من تأخير أو ربما عدم الإيفاء بالتزاماتها بإجراء الاصلاحات الاقتصادية المهمة.أما البديل للمقترحات أعلاه فهو دعم مالي مركزي لإصلاحات محددة، أو ما يسمى ب "أموال تضامن" تقدم من ميزانية منطقة اليورو الجديدة، التي سيساهم بها كل الأعضاء في منطقة اليورو. مثل هذه الترتيبات سوف تخفف من مشكلة البطالة المزمنة التي يعاني منها اليونان وأسبانيا مثلا. أسئلة قانونيةهناك عضوان في الاتحاد الأوروبي، هما بريطانيا والدنمارك، يتمتعان رسميا بحق الانسحاب من اتفاقيات الاتحاد الأوروبي بخصوص اليورو. أما الأعضاء الآخرون غير المتبنين لعملة اليورو حاليا، فقد التزموا بالالتحاق بالاتحاد النقدي وسوف ينضمون إليه في الوقت المناسب.ومن المتوقع أن يتجنب القادة الأوروبيون أي إجراءات قد تؤدي إلى تغيير المعاهدات الأوروبية قبل الانتخابات الأوروبية المقررة في عام 2014 لأن تغيير المعاهدات هو أمر شائك بالنسبة للاتحاد الأوروبي، فقد استغرقت مفاوضات معاهدة لشبونة سبع سنوات قبل التوقيع عليها.وقد استعرضت المحكمة الدستورية الالمانية عضلاتها حول التكامل في منطقة اليورو، إذ توجد معارضة قوية في ألمانيا وباقي دول الاتحاد الغنية لإقرار المزيد من صفقات انقاذ البنوك والحكومات المثقلة بالديون.وتصر المستشارة الألمانية، أنغيلا ميركل، على عدم الدخول في الاتحاد النقدي على عجل لأنها لا تريد أن تخاطر بفرصة إعادة انتخابها في الانتخابات الألمانية في الخريف المقبل.