أعلنت ستة بنوك مركزية، أمس، عن تدخلها للتخفيف عن النظام المصرفي، خاصة الأوروبي منه وتفادي مضاعفات أكبر للأزمة التي تعصف بالعديد من البلدان الأوروبية. هذا الوضع دفع بباريس إلى التحرك باتجاه برلين، لتنسيق السياسات الرامية إلى إنقاذ منطقة الأورو. واتخذت ستة بنوك مركزية هي الخزينة الفيدرالية الأمريكية وبنك انجلترا والبنك الوطني السويسري، إضافة إلى البنك المركزي الياباني وبنك كندا والبنك المركزي الأوروبي، قرارا جماعيا لدعم البنوك، بعد أن أعلنت هيئة التنقيط الدولية ''ستاندار أند بورز'' عن تخفيض تقييم مخاطرة 15 بنكا أوروبيا كبيرا. في السياق نفسه، نظم، أمس، لقاء قمة ألماني فرنسي، جمع نيكولا ساركوزي وأنجيلا ميركل، تم خلاله التركيز على التنسيق بين باريس وبرلين لتفادي حدوث انهيار لمنطقة الأورو وضبط الموازنة الأوروبية، فضلا عن التحضير لإحداث تغييرات في بنود الاتفاقيات الأوروبية. وتسعى فرنسا إلى إقناع ألمانيا بدعم فكرة تدخل أوسع للبنك المركزي الأوروبي لشراء ديون البلدان الأكثر ضعفا في الاتحاد وإيجاد آلية لإنشاء نظام تعاوني في مجال الديون، أي تدعيم الصندوق الأوروبي للاستقرار المالي ومساهمته في مساعدة البلدان الأكثر عرضة للانهيار المالي وإطلاق سندات خزينة أوروبية، على غرار ما تم مع اليونان التي استفادت من مخطط إنقاذ ب 109 مليار أورو يمتد إلى 2014، إلا أن هذه المساعي تحفظت عليها ألمانيا التي تعتبر أنه لا يمكنها أن تتحمل أخطاء تسيير دول أوروبية لا تبذل جهودا في مجال تسيير مواردها، أو أنها أخفت حقائق على غرار اليونان، للسماح لها بالانضمام إلى الاتحاد الأوروبي ومنطقة الأورو. ولاحظ خبراء ماليون أن أزمة الأورو عبارة عن أزمة ديون وقلة سيولة مصرفية، معتبرين أن تراجع دول أوروبا الجنوبية عن التنافسية الاقتصادية الدولية، كان له تأثير على تدفق رؤوس الأموال الاستثمارية إليها. وبدأت دول شمال أوروبا ترسم خططاً مالية مستقلة، ستجعلها تنفصل عملياً عن أوروبا الجنوبية. فإيطاليا كانت تستفيد من ضعف عملتها الليرة، لتصدر منتجاتها، ونفس الأمر بالنسبة لإسبانيا، لكن هذه البلدان مع انضمامها إلى الأورو كان لزاما عليها بذل جهود مضاعفة، لذلك قامت بتحويل جزء من صناعتها لتقليص تكاليف منتجاتها، لكن بالمقابل ساهمت في تخفيض نسب النموّ ورفع البطالة داخل بلدانها. فضلا عن ذلك، ساهم بروز الأورو وتراجع معدلات الفائدة في استثمار بلدان مثل ألمانياوفرنسا في قطاعات مثل العقار في إسبانيا وإيطاليا والبرتغال وإيرلندا، كما قامت البنوك بالإقراض لتطوير هذه القطاعات في هذه الدول، ما ساهم في بروز فقاعة عقارية ومضاربات أدت إلى ارتفاع الأسعار أولا ثم انهيارها مع الأزمة. وأدى تراجع تدفق رؤوس الأموال من الدول الرئيسية، إلى أزمة خانقة في إسبانيا والبرتغال وإيرلندا وحتى إيطاليا، بينما أضحت بنوك دول مثل فرنسا، تعاني من أزمة سيولة، لأن المقرضين في البلدان المتأثرة غير قادرين على التسديد.