أخبرنا القرآن الكريم كيف بدأت الحياة، وكيف تكون، وكيف ستكون في المستقبل، وكيف ستنتهي الدنيا عبر عشر علامات من علامات السّاعة الكُبرى، قال اللّه سبحانه وتعالى: {فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا}، وقال اللّه عزّ وجلّ {إِنَّ السَّاعَةَ آَتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا}، وقال تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنْ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي لاَ يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلاَّ هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَاْلأَرْضِ لاَ تَأْتِيكُمْ إِلاَّ بَغْتَةً يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ}. موقف الإسلام من الغيب لقد وقف الإسلام من قضية العِلم بالغيب موقفًا حاسمًا واضحًا، فبيَّن اللّه تعالى ألّا أحد في السّماوات ولا في الأرض يعلَم الغيبَ إلاّ اللّه، قال تعالى: {قُلْ لاَ يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ الْغَيْبَ إِلاَّ اللهَ}، ونفى سبحانه وتعالى عِلمَ الغيب عن أقرب الخلق إليه، وأطوعهم له، وهم الملائكة والأنبياء، فقال للملائكة وقد تساءلوا كيف يستخلف في الأرض مَن يفسد فيها ويسفك الدماء؟ {إنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ} البقرة:30، وتبرَّأ الأنبياء أنفسهم من ادّعاء عِلم الغيب، فنبيُّنا صلّى اللّه عليه وسلّم أمره ربّه أن يقول: {قُلْ لاَ أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنَ اللهِ وَلاَ أَعْلَمُ الْغَيْبً} الأنعام:50، وحتّى الجنّ الّذين يعتقد الكثير فيهم معرفة الغيب، بيَّن سبحانه أنّهم لا يملكون هذه القدرة، خاصة بعد وفاة سليمان عليه السّلام، قال تعالى: {فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلاَّ دَابَةُ الأَرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَاتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ} سبأ:14. فعِلمُ الغيب هو من اختصاص اللّه سبحانه وتعالى، ولا طريق لمعرفته والاطّلاع عليه إلاّ عن طريقه سبحانه، قال تعالى: {عَالِمُ الْغَيْبِ فَلاَ يَظْهَرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا إِلاَّ مَنْ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ} الجن:26-27.
الإسلام يُلجِم مدّعي الغيب ولترسيخ هذا المعنى في نفوس النّاس، أبطل الإسلام كلّ طريق يدّعي البشر أنّهم يعلمون الغيب من خلاله، فأبطل الطِيرَة، والطيرة مأخوذة من التطيُّر وهو التشاؤم، قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: ''الطيرة شِرْكٌ، الطيرة شركٌ''، رواه أحمد. وأبطل الكهانة، وهي ادّعاء عِلم الغيب عن طريق الشّياطين، قال عليه الصّلاة والسّلام: ''مَن أتَى كاهنًا أو عرّافًاً فصدَّقه بما يقول فقد كفر بما أُنْزِل على محمّد''، رواه أحمد. وأبطل التّنجيم، وهو الاستدلال بأحوال الكواكب، قال عليه الصّلاة والسّلام: ''مَن اقتبس عِلْمًا من النجوم اقتبس شُعْبَة من السِّحر زاد ما زاد''، رواه أبو داود وابن ماجه. وأبطل ما يُسمّى بعلم ''الأبراج'' والاستدلال به على مستقبل الإنسان. وأبطل أيضًا ما يُعرَف بالطَرْقَ، وهو ادّعاء علم الغيب عن طريق رسم خطوط على الأرض، قال عليه الصّلاة والسّلام: ''العيافة والطيرة والطرق من الجبت''، رواه أبو داود.
تحريم التّرويج لهذه النبوءة وهذا الادّعاء الكاذب بقرب السّاعة أو القيامة لا يجوز ترويجه وتداوله، لأنّ علم الغيب ممّا استأثر اللّه به، ولا سبيل للخلق للاطّلاع عليه، كما تقدّم. قال اللّه عزّ وجلّ: {قُلْ لاَ يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلاَّ اللهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ} النمل:65. وقال تعالى: {وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ} الأنعام:95. فعليك أخي المسلم بعدم الاكتراث بهذه المزاعم، لأنّها قائمة على الكذب على اللّه وعلى الحدس، ولا برهان عليها، بل ما سبق من أدلة يُدحضها. كما يجب عليك التوبة إلى اللّه عزّ وجلّ بسبب تصديقك مثل هذه الادّعاءات.