ربط الخبير الاقتصادي، عبد الرحمان مبتول، ارتفاع نسبة التضخم التي قاربت 9 بالمائة، خلال السنة الجارية، باقتصاد الريع الذي يوزّع ثروات الدولة دون مقابل. وشدد على أن 70 بالمائة من الجزائريين يتحملون عبء التضخم المسجل، بتقاضيهم أقل من 30 ألف دينار شهريا، في حين أن 80 بالمائة من مداخيلهم موجهة للمواد الأساسية التي ارتفعت أسعارها بشكل مفرط. أوضح مبتول، في تصريح ل ''الخبر''، أمس، بأن عوامل ارتفاع نسبة التضخم خلال السنة الجارية متعددة. وأضاف أن أول هذه العوامل يتمثل في الاتفاق العمومي الكبير الذي لا يتوافق مع نسبة النمو الاقتصادي الضعيفة في الجزائر، ما جعل كمية النقود المتداولة في البلاد ضخمة وتساهم في إضعاف القدرة الشرائية للدينار. وأورد مبتول أن آخر المعطيات تكشف أن الدولة سطرت إنفاق 500 مليار دولار، ما بين 2009 ونهاية سنة .2013 وأكد المتحدث أنه يفترض أن يمكّن هذا الإنفاق الكبير من تحقيق نسبة نمو عالية تتجاوز 10 بالمائة. غير أن الواقع كان مخالفا لذلك، على اعتبار أن معدل النمو لم يتجاوز نسبة 3 بالمائة، حسب نظر مبتول الذي ربط المسألة باقتصاد الريع وغياب سياسة أجور قائمة على معايير اقتصادية، مضيفا أن هذا الأمر عطل الآلة الإنتاجية في البلاد، إلى درجة أن حصة القطاع الصناعي لم تتجاوز 5 بالمائة من الناتج الداخلي الخام. وأشار الخبير الاقتصادي ذاته إلى عامل آخر مؤثر في ارتفاع الأسعار، خصوصا تلك المتعلقة بالمواد الأساسية، حيث اعتبر أن دور السوق الموازية المتعاظم في الجزائر، أصبح كبيرا في إضعاف قدرة الجزائريين الشرائية. إن السوق الموازية تستحوذ على 40 بالمائة من النقود المتداولة و65 بالمائة من سوق المواد الأساسية، حسب التقديرات التي قدمها مبتول، ليضيف أن هذه السوق تعرف احتكارا من طرف عدد قليل من الأشخاص، لا يتعدون 5 أفراد، يتحكمون في الأسعار بناء على هذه الوضعية الاحتكارية. وذكر المتحدث أن 70 بالمائة من الجزائريين يتقاضون أقل من 30 ألف دينار شهريا وأن 80 بالمائة من مداخيلهم توجه إلى المواد الأساسية التي تشهد أكبر نسبة ارتفاع للأسعار خلال السنة الجارية. وعلاوة على ذلك، أشار محدثنا إلى أن بنك الجزائر تعمّد تخفيض قيمة الدينار مقابل كل من الدولار والأورو، قصد التنفير من عمليات الاستيراد من جهة، وكذا محاولة التخفيف من عجز الميزانية من جهة أخرى، علما أن ميزانية الدولة يتم إعدادها بالدينار وأن تخفيض قيمة العملة الوطنية سيحقق قيما أكبر من الدينار، عند صرف عملتي الدولار والأورو. من جانب آخر، رأى الخبير الاقتصادي أن استيراد التضخم وارتفاع الأسعار في الأسواق الدولية، له دور أساسي في ارتفاع نسبة التضخم في الجزائر، على اعتبار أن 75 بالمائة من حاجيات الجزائر تتم تلبيتها من الأسواق الخارجية.