لقد تم توظيف مبالغ طائلة من أجل إنجاز هياكل قاعدية، في هذه الأثناء تبقى المشاكل الكبرى للوطن والعميقة والأكثر خطورة قائمة، ولم يتم حلها بعد. أصبح اقتصادنا متقلبا أكثر فأكثر، هش وتابع، تحت غطاء المحروقات. نعيش تقريبا حصريا على تصدير المحروقات، التي هي في طريقها إلى الزوال في المستقبل القريب الذي لا نستطيع تأخيره أو دفعه إلى أبعد. البطالة ما تزال قائمة وهو الهم الرئيسي للوطن مع الفساد. يغلب حاليا على السكان الطابع الحضري، ويعيشون في مدن تحولت الى مفرغات، بينما يتدهور مستوى الخدمة العمومية من (نقل وتربية وصحة)، رغم ارتفاع ميزانيتها. ويجب الإشارة أيضا، إلى أنه كل دينار يستثمر في بناء الهياكل القاعدية، سيؤدي في المستقبل الى نفقات إضافية بالدينار، لتسيير هذه الهياكل وصيانتها ومصاريف أخرى للاستغلال والإنجاز، بمعنى آخر أنه إذا استثمرنا ملايير الدينارات اليوم في الإنشاء، فإننا نفرض على الأجيال القادمة نفقات بملايير الدينارات أيضا، فقط لصيانة وتسيير ما وجدوا. عندما نتحدث عن 286 مليار في الاستثمار بين 2010 و,2014 فإننا لا نتحدث عن ادخار مؤكد على مداخيل دائمة التجدد، انطلاقا من عملنا أو من تطورنا التكنولوجي، لكن عن استخراج في سنوات عديدة، لإرث لا يتجدد، استغرقت الطبيعة ملايين السنوات لإنجازه هو أيضا ما يعادل 6,2 مليون برميل نصدّرها يوميا، ويضاف الى هذا البراميل التي نصدّرها لتغطية عجز ميزانية التسيير، وما يجب استخراجه للاستجابة للطلب الداخلي. كان يجب سحب 5,28 دولار من كل برميل يتم تصديره سنة 2009 لتغطية نفقات التسيير، وقد تجاوز هذا الرقم 38 دولارا سنة 2010 و70 دولارا سنة2011 بمعنى آخر بسعر برميل أقل من 70 دولارا، لا نستطيع أبدا تغطية كل النفقات العادية ولا يتبقى دينار واحد لميزانية التجهيز. من أعطى الحق لنفسه في استعمال أكثر من نصف الاحتياط في بضع السنوات، بدون استشارة الشعب وبدون مناقشته في مؤسسات حرة وناجعة؟ أليس هذا رهن لمستقبل الأجيال القادمة؟ إلى الخميس القادم لإتمام التحليل.. في أثناء ذلك لنناقش أفضل السبل للتقدم نحو مستقبل متطور ومزدهر لكل الجزائريين. بمحاولة التشاؤم نعارض ضرورة التفاؤل