اشتداد المرض عليه: على قدر المكانة والمنزلة يكون الابتلاء، فكلّما عظمت مكانة الإنسان عند ربّه كان البلاء عليه أشدّ، وعليه يكون الأنبياء عليهم السّلام هم أشدّ النّاس بلاءً، زيادةً لحسناتهم، ومضاعفةً لأجورهم، وأشدّهم في ذلك نبيّنا عليه الصّلاة والسّلام. أخرج الشيخان من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: دخلتُ على النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم وهو يوعك، فمسْسته بيديّ، فقلتُ: يا رسول الله، إنّك لَتُوعَكُ وعكًا شديدًا، قال: ''أجل كما يوعَك رجلان منكم''. قلت: ذلك بأنَّ لك أجرين. قال: ''نعم، ما من مسلم يُصيبه أذًى من مرضٍ فما سواه، إلاّ حطَّ الله سيّئاته، كما تحط الشّجرة ورقها''. التبرُّك بآثاره كوضوئه وريقه وشعراته: البركة كلمة تدل على الكثرة والنّماء، وقد كانت مثار اهتمام الصّحابة رضوان الله عليهم، فكانت أسعد لحظاتهم حين يظفرون بشيء من آثاره الشّريفة صلّى الله عليه وسلّم رجاء البركة، ووقائع السِّيرة خير شاهد على ذلك، فقد روى البخاري عن المسور بن مخرمة رضي الله عنه قوله عن يوم الحديبية: ''.. فوالله ما تَنخَّم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم نخامةً إلاّ وقعت في كفّ رجل منهم فدَلَكَ بها وجهه وجلده، وإذا توضّأ كادوا يقتتلون على وضوئه''... وغيرها من الوقائع الكثيرة. شقّ صدره وإزالة حظّ الشّيطان منه: تُعدّ هذه الحادثة إرهاصًا للنُّبوّة وإعدادًا للرسالة وعصمة لفؤاده وتطهيرًا لجنانه، من عوالق الدّنيا ومفاتنها. فعن أنس بن مالك أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أتاهُ جبريل عليه السّلام وهو يلعب مع الغلمان، فأخذه فصرعه على الأرض فشقّ عن قلبه، فاستخرجَ منه علقة، فقال: هذا حظّ الشّيطان منك، ثمّ غسلَه في طِسْت من ذهب بماء زمزم، ثمّ أعاد القلب في مكانه، يقول أنس: وقد كنتُ أرى أثر ذلك المخيط في صدره.