خصّ الله نبيّه محمّدًا بجملة من الخصائص، لم يخصّ بها أحدًا قبله من الأنبياء؛ تكريمًا لمقامه بين الأنبياء، وتشريفًا لمكانته بين الرّسل، كيف لا وهو خاتم الأنبياء والرّسل، وهو خير الخلق على الله. والخصائص التكريمية هي الفضائل والتّشريفات التي أكرم الله بها نبيّه محمّدًا، وفضّله بها على غيره من الأنبياء. فمن تلك الخصائص أنّ الله تعالى ناداه بوصف النّبوة والرّسالة، وهذان الوصفان من أهم الأوصاف التي اتّصف بها نبيّنا، قال تعالى: {يا أيُّها النّبيّ}، وقد ورد النداء بهذا اللّفظ في ثلاثة عشر موضعًا من القرآن؛ ويقول سبحانه مخاطبًا نبيّه بصفته رسولاً: {يا أيُّها الرّسول}، وقد ورد النّداء بهذا اللّفظ في موضعين في سورة المائدة؛ فناداه ربّه سبحانه في هذه المواضع بأكمل أوصافه، وأرفع مقاماته. وهذه الخصوصية لم تثبت لغيره من الأنبياء، فكلّ نبيّ ناداه الله باسمه، قال تعالى: {وقُلْنَا يا آدمُ} البقرة .35 وقال: {إذْ قال الله يا عيسى ابن مريم} المائدة .110 وقال: {قيل يا نوح} نوح .48 وقال: {يا موسى}، وقال: {وناديْناهُ أن يا إبراهيم} الصّافات .104 أمّا الآيات التي ذكر الله فيها نبيّه باسمه، فإنّما جاء ذلك على سبيل الإخبار، كقوله تعالى: {ما كان محمّد أبَا أحدٍ مِن رِجالِكُم ولكن رسولَ الله} الأحزاب .40 وقد ورد اسمه بهذا اللّفظ في أربعة مواضع في القرآن الكريم. وممّا يتعلّق بهذه الخصوصية أنّ الله سبحانه نهى عباده عن نداء نبيّه محمّدًا باسمه الذي سمّيَ به؛ قال تعالى: {لا تجعلوا دُعاءَ الرّسول بيْنَكُم كدُعاءِ بعْضِكُم بعضًا} النّور .63 فنهى سبحانه المؤمنين عن نداء نبيّهم كما ينادي بعضهم بعضًا، وطلب منهم مناداة نبيّه الكريم بصفة النّبوة والرّسالة؛ تشريفًا لقدره، وبيانًا لمنزلته، وخصّه سبحانه بهذه الفضيلة من بين رسله وأنبيائه.