في الوقت الذي يعاني قطاع الصحة، منذ أكثر من سنة، من ندرة حادة في الأدوية، خاصة تلك الموجهة للمصابين بالأمراض المزمنة، لم يجد مسؤولو هذا القطاع السبيل للتخلص من 15 ألف طن من الأدوية الفاسدة ومنتهية الصلاحية، مازالت مكدسة في مخازن الصيدليات والمستشفيات والمراكز الصحية.. وضعية تدفعنا إلى التساؤل لماذا تم تكديس هذه الكمية ولمَ لم توزع على المستشفيات؟ وما محل مخطط استيراد الأدوية في هذه الأزمة، خاصة إذا علمنا أن هذه الأدوية كلفت الخزينة العمومية الملايير من الدولارات؟. تعليمة أويحيى تبخرت والألمان طلبوا 100 مليار لشحنها أدوية فاسدة وأخرى منتهية الصلاحية مكدسة في المخازن تشكل كمية 51 ألف طن من الأدوية الفاسدة المخزنة بعدد من المستشفيات والصيدليات والعيادات الصحية، ''خطرا'' حقيقيا على المحيط البيئي وصحة المواطنين، نظرا للجوء الجهات التابعة لوزارتي البيئة والصحة للتخلص منها في المفرغات العمومية، وهو ما يمنعه القانون تبعا للأخطار التي تسبّبها، وبالتالي وفي ظل غياب محارق موجهة لهذا الغرض، تكدّست الأدوية الفاسدة، حسب أرقام بحوزة ''الخبر''، وراء رفوف ومخازن الصيدليات بأكثر من 10 آلاف طن، وهي موزّعة على المستشفيات والعيادات الخاصة عبر التراب الوطني بأزيد من 28 ألف طن، بينما بلغت كميتها عبر شركة ''3 آر.سونتي'' لمعالجة ورسكلة وإعادة تثمين الصحة، ما يفوق 13 ألف طن، يعود تاريخ ''تكديسها'' إلى 20 سنة. وحسب المعطيات المتوفرة ل''الخبر''، فإن هذه الكمية الكبيرة من الأدوية الفاسدة المكدّسة بمجموع 51 ألف طن، لا تجد طريقا للتخلص منها بسبب عدم توفر محارق متطورة عبر البلديات، حيث تقتصر مهمة شركة ''3آر.سونتي'' على استقبال الأدوية والمواد الصيدلانية الفاسدة ومنتهية الصلاحية وتجميعها وتخزينها في المستودعات عبر فروعها الموزعة عبر التراب الوطني، بينما مازالت عملية حرقها والتخلص منها متوقفة، بسبب عدم تمكن الشركة من اقتناء جهاز حرق الأدوية الفاسدة ''اللازم والملائم'' لنشاط الحرق وللشروط البيئية والصحية. والغريب في القضية، أن ذات الشركة وهي ''عمومية وطنية'' التي تأسست على أنقاض حل المؤسسة الوطنية ''فارما'' منذ 11 سنة، أودعت ملفا للاستثمار في مشروع جهاز الحرق على مستوى شركة تسيير مساهمات الدولة ''كيمياء صيدلة''، بهدف رفعه إلى الحكومة لدراسته وإعادة تدعيمه، نظرا للدور الذي يلعبه في تسيير الأدوية والمنتجات الصيدلانية الفاسدة ومنتهية الصلاحية، قصد إعادة معالجتها للتخلص منها وحرقها واسترجاع النفايات من إعادة رسكلتها وتثمينها، في ظروف ملائمة بيئة وأمنية وصحية وقانونية، دون أن يترتب عنها أي خطر على البيئة والمواطنين، حيث يمنع حرقها والتخلص منها في المفرغات العمومية لما تحمله من أخطار. عمال شركة ''3 آر سونتي'' يعيشون مع السموم يوميا وفي السياق، أوضح رئيس نقابة شركة ''3آر.سونتي''، فوزي شرقي، بأنّ العمال يعيشون ظروفا مهنية اجتماعية مزرية نتيجة التدهور المالي والاقتصادي للمؤسسة، نظرا لانتهاج الإدارة سياسة التقشف، عن طريق خصم الأجور وتقليص العمال وإلغاء المنح الممنوحة لهم وهضم الحقوق وعدم الثتبيث لأكثر من 8 سنوات. وقال المتحدث ل''الخبر''، إن العمال محرومون من كل الزيادات المطبّقة للأجور التي أقرتها الحكومة ومن الاعتراف بالاتفاقيات الجماعية من طرف الإدارة الوصية على الشركة، بالإضافة لعدم وجود متابعة صحية للعمال، مع ما يهددهم من أخطار بعملهم في مخازن الأدوية الفاسدة التي تتحوّل إلى سموم بانتهاء مادة صلاحيتها ومواد كيماوية خطيرة، لا يظهر خطرها وتبعاتها على صحة الإنسان إلا مستقبلا. لكن اللاّفت في ذات القضية، أن الأدوية الفاسدة المكدّسة على مستوى مخازن شركة ''3آر.سونتي''، البالغ وزنها ما يزيد على 13 ألف طن، استوردتها شركة ''أونافارم'' التي هي في طور التصفية منذ 1997 إلى غاية اليوم، على أساس أنّها كانت الجهة الوحيدة التي تستورد الأدوية، قبل أن يتم حلها. والخطير، حسب مصدر ''الخبر''، أن هذه الكميات تم تعويضها لذات الشركة بالملايير وبالعملة الصعبة، تجنبا لتعرضها للخسارة، لتبقى مكدّسة في 3 مخازن على مستوى المحمدية وجسر قسنطينة بالعاصمة. من جانب آخر، علمت ''الخبر'' من مصدر عليم، أن الألمان قاموا بزيارة إلى مخازن تكديس الأدوية الفاسدة من أجل الظفر بصفقة حرقها، عندما كان شريف رحماني وزيرا للبيئة وطلبوا 100 مليار دينار لشحنها والتخلص منها، يجهل مصيرها إلى حد الآن، في الوقت الذي لا يكلّف اقتناء وشراء جهاز حرق بين 26 إلى 30 مليارا، كما لا تتجاوز عملية حرق الدواء الفاسد ومنتهي الصلاحية 28 ألف دينار للكيلو غرام الواحد. في المقابل، أفاد مصدرنا بأن الوزير الأول السابق أحمد أويحيى، كان قد وقّع على تعليمة تقضي بمنح البنوك قروضا للشركة العمومية الوطنية ''3 آر سونتي'' لاقتناء محارق، إلا أنّها ''تبخّرت'' برحيله عن الحكومة شهر أكتوبر من السنة المنقضية. فيما تشجع الجهات الرسمية المعنية بعض الشركات الخاصة ''المتطفلة'' في الميدان، لما توفّره من مداخيل ''تسيل اللعاب''. وزارة الصحة: العملية انطلقت وستستغرق 7 أشهر من جهته، أفاد المستشار الإعلامي لوزير الصحة سليم بلقسّام، بأن تكدّس الأدوية الفاسدة ومنتهية الصلاحية، مشكل مطروح ''حقيقة'' على مستوى المراكز الصحية والصيدليات، مشيرا، في لقاء أمس، مع ''الخبر''، إلى أن عملية حرقها والتخلص منها انطلقت منذ شهرين بالشراكة مع وزارة البيئة المعنية بهذه العملية، من خلال اعتماد مؤسسات خاصة وستستغرق ما لا يقل عن سبعة أشهر. وقال بلقسّام إن تأخر العملية كان راجعا إلى غياب التدابير القانونية والمعايير العلمية المعتمدة لإتلاف المواد الصيدلانية، نظرا لتطلب حرقها درجة حرارة ما بين 400 إلى 800 درجة مئوية.
مسؤول بالشركة المتخصصة في معالجة النفايات ''أكفيرال'' ل''الخبر'' ''المستشفيات العمومية تعتمد على الطرق التقليدية في الحرق'' أفاد عمام محمد أمين، مدير الإدارة العامة بالشركة المتخصصة في عملية حرق ومعالجة النفايات الاستشفائية والصناعية ''أكفيرال''، بأن المؤسسة تمكنت من تغطية الطلبات المقدمة من طرف بعض المؤسسات الاستشفائية من المحارق، في حين دعت باقي المؤسسات التي مازالت تعتمد على الطريقة التقليدية في حرق النفايات الطبية، إلى تقديم طلبها لتأمين المحيط من مخاطر هذا النوع من المخلفات. واستغرب عمام محمد أمين، في اتصال ب''الخبر''، عزوف المؤسسات الاستشفائية عن تقديم طلباتها للاستفادة من هذه المحارق، رغم خطورة النفايات الطبية على الصحة العمومية، مؤكدا أن المؤسسة اضطرت للاتصال ببعض الولاة في تيزي وزو وبومرداس وقسنطينة وولايات أخرى، للتأكيد على أهمية اعتماد المقاييس العالمية في حرق النفايات وبحث إمكانية تزويدهم بمحرقات، إلا أن ''الثقافة الصحية اللازمة والتوعية مازالت ضعيفة''. وأكد المتحدث على الدور الذي ينبغي أن تتبناه الحكومة في فرض استعمال المحارق الحديثة على المؤسسات الطبية المعنية لحماية البيئة وتأمين صحة المواطنين، مشيرا إلى وجود قرار مشترك بين وزارة الصحة ووزارة البيئة، منذ عهد الوزير الأسبق، شريف رحماني، والتي تلزم الولايات بتوفير المحارق في كل مؤسساتها الاستشفائية، ''إلا أنه القرار الذي لم يطبق لحد الآن''، يضيف، بالنظر إلى الحالات العديدة التي ضبطت فيها النفايات الاستشفائية في المفرغات العمومية والمزابل ''إلى جانب النفايات المنزلية أيضا''، وأشار إلى الحادثة التي شهدها مستشفى قسنطينة مؤخرا، التي عثر إثرها على نفايات طبية خطيرة وأعضاء بشرية ملقاة في المزابل، إضافة إلى رمي بقايا الأعضاء البشرية في مفرغة بولاية وهران. وعن إجراءات المؤسسة، كشف عمام محمد أمين عن تزويد محطة معالجة النفايات بمستشفى مصطفى باشا الجامعي بالآلات اللازمة، بالإضافة إلى مستشفى بن عكنون بالعاصمة ومستشفيين في البليدة، حيث تشرف على معالجة النفايات في هذه المراكز في إطار عمليات فيزيائية، فيما زوّد مستشفى زميرلي بالحراش، أول أمس، بمحرقة للنفايات، مع ضمان خدمات الصيانة ومتابعة الآلات، إضافة إلى التعاقد مع بعض العيادات الخاصة للإشراف على عملية الحرق بحضور محضر قضائي، ''في الوقت الذي لا تعمل بعض المستشفيات العمومية وفق المقاييس المعترف بها دوليا''، مبرزا أن المحرقات المتواجدة في بعض المستشفيات لا تتماشى مع معايير الجودة العالمية، نظرا لكونها تعمل بالطرق التقليدية، بالإضافة إلى وجود بعض المحرقات المستوردة على مستوى بعض المؤسسات، والتي لم تكن في المستوى المطلوب، على غرار المحرقة المتواجدة بمستشفى القبة والمستوردة من بلجيكا، والتي تعرف عطلا منذ فترة، لم يتمكن التقنيون من إصلاحه.
التحقيق جار في تبديد أموال وصفقات مشبوهة المدير السابق لمعهد باستور تحت الرقابة القضائية علمت ''الخبر'' من مصادر موثوقة أن المدير السابق لمعهد باستور، يوجد حاليا تحت الرقابة القضائية، بسبب التحقيقات الجارية من قبل المصالح المختصة في قضايا تبديد أموال عمومية وصفقات مشبوهة، أهمها استيراد قرنيات العين من الولاياتالمتحدة بأسعار مرتفعة. وأفادت مصادر ''الخبر'' بأن المدير السابق منع من السفر وسحب منه جواز سفره، لتواجد ملفات ثقيلة في يد العدالة، تخص تسيير معهد باستور، خلال الفترة القصيرة التي كلف بإدارة شؤونه، فترة عرفت الكثير من التذبذب في عمل المعهد. وحسب مصادرنا، فإن التحقيقات تمس أساسا ملفات تبديد أموال عمومية، خاصة ما تعلق بملف الكواشف التي تم استيرادها خلال السنوات الماضية، حيث تشوب هذه الصفقات العديد من الشكوك. وحسب نفس المصادر، فإن التحقيقات تتركز أساسا على ملف استيراد قرنيات مستعملة في عمليات الزرع، حيث وقف المحققون على تضخيم في أسعارها، حيث كان يتم شراؤها من الولاياتالمتحدة مقابل ألفي دولار، في حين يستوردها التونسيون مثلا من نفس الممون الأمريكي مقابل ألف دولار فقط. وأسرت مصادر مقربة من التحقيق أن تدخل العديد من الوسطاء، أدى إلى تضخيم الفواتير، وهو إجراء غير قانوني تسبب في تبديد أموال عمومية ضخمة. وفي نفس السياق، أشارت المصادر نفسها إلى أنه من غير المستبعد أن يشمل التحقيق مسؤولين سابقين آخرين في المعهد، يكونون قد تسببوا في إبرام صفقات مشبوهة. للإشارة، فإن المدير السابق تمت إقالته صيف العام الماضي، من قبل وزير الصحة السابق جمال ولد عباس.
كارثة بيئية تهدد سكان عنابة 130 ألف طن من النفايات الاستشفائية في المفارغ العمومية حذرت الجمعية الوطنية لحماية البيئة ومكافحة التلوث بعنابة، من وقوع كارثة صحية بالولاية، نتيجة الرمي العشوائي للنفايات الاستشفائية المقدرة ب130 ألف طن سنويا، من قبل العديد من مؤسسات الصحة الجوارية. وتؤكد مصادر عليمة على حالة الإهمال الكلي للمسؤولين على المؤسسات الصحية الجوارية لمسألة حرق النفايات الطبية، بدليل أن المؤسسة الصحية الجوارية لعنابةالمدينة، التي تشرف على تسيير 10 عيادات متعددة الخدمات و26 قاعة علاج، تعتمد في حرق نفايات بعض تلك العيادات على تدخلات شخصية من طرف القائمين على تلك العيادات لدى مسؤولي المستشفيات، خاصة ابن سينا، لحرق النفايات، في الوقت الذي يوجد على مستوى هذه المؤسسة محرقة لم يجد بعد هؤلاء المسؤولون مكانا لوضعها وتشغيلها. وذكرت جمعية حماية البيئة ومكافحة التلوث، في بيان لها، أن التقارير المقدمة، خلال الأشهر الأخيرة، تشير إلى تسجيل كميات معتبرة من النفايات قدرتها ب130 ألف طن تصب مباشرة في المفارغ العمومية المراقبة وغير المراقبة، وكأنها نفايات عادية، يحدث ذلك في ظل صمت السلطات المعنية والتي فشلت في احتواء الوضع الذي ينذر بكارثة صحية، خاصة أمام غياب عمليات الرقابة التي من شأنها وضع حد لمثل هذه التجاوزات الخطيرة المهددة للصحة الإنسان والثروة الحيوانية وكذلك البيئة. وقامت ذات الجمعية بمراسلة وزير الصحة السابق، لمناقشة هذه القضية الخطيرة، مؤكدة أن الولاية تحصي عشرات المؤسسات الصحية التي تفتقر في أغلبها للمرامد الخاصة بحرق النفايات الطبية والمواد الأخرى السامة خاصة منها الإبر الناقلة للجراثيم، والقيام بعمليات الحرق العشوائي لهذه النفايات. وقد حذرت الجمعية من إصابة عمال النظافة بالأمراض المعدية والقاتلة، لعدم توعيتهم بخطورة الوضع.