لم يفصل المكتب السياسي في اجتماعه، أمس، في أي تاريخ لانعقاد دورة اللجنة المركزية، رغم اجتماعه بجميع أعضائه تحت إشراف المنسّق عبد الرحمان بلعياط، وهو ما يرجّح استمرار الخلافات بين جناحيه، الموالين للأمين العام السابق عبد العزيز بلخادم وخصومه. اكتفى بيان المكتب السياسي، الموقّع من قِبل عبد الرحمان بلعياط، بالتأكيد أن أعضاء المكتب ''اتفقوا على استمرار اللقاءات من أجل ضمان التسيير العادي للحزب والتحضير الجيد لانعقاد اللجنة المركزية''، ما يعني أن اجتماع أمس لم يتوصّل إلى أي اتفاق بشأن تاريخ استئناف الدورة. في المقابل، دعا المكتب السياسي، في بيان مقتضب، ''جميع المناضلين إلى نبذ كل ما من شأنه أن يبثّ الفرقة والانشقاق داخل الحزب''، وفي ذلك اعتراف باستمرار أزمة الحزب، حتى بعد سحب الثقة من بلخادم. وأشار البيان نفسه إلى أن اللقاء ''تداول قضايا لها علاقة بمهام المكتب السياسي، إلى غاية التئام اللجنة المركزية لانتخابات الأمين العام الجديد''، ما يعني أن حالة ''ستاتيكو'' تخيّم بقوة داخل القيادة. وفي ظلّ هذه السيناريوهات، ستكون دورة اللجنة المركزية في وضعية أعقد مما كانت عليه في السابق، بحيث إذا شكّلت قضية سحب الثقة من بلخادم في الدورة السابقة ''هدفا مشتركا'' لخصومه، على اختلافهم، فإن هذا الهدف ليس متوفرا عندما يتعلّق الأمر باختيار شخصية جديدة لمنصب الأمين العام الجديد، بدليل تعدد الأسماء المرشحة أو التي رُشّحت من الجناح الواحد. وما يصعّب المأمورية أكثر أن أنصار بلخادم لم يرموا المنشفة ويعتبرون أنهم خسروا معركة ولم يخسروا الحرب، ولذلك هم يلوّحون بترشيح بلخادم مجددا للمنصب، وهو ما يجيزه القانون الأساسي للحزب، وبالتالي هم يراهنون على تماسك كتلتهم في اللجنة المركزية، مقارنة بتشتّت كتلة خصومهم التي تتنازع فيها عدة زعامات. وما يزيد في استمرار حدة الصراع أن رئيس الجمهورية، وهو الرئيس الشرفي للحزب، بقي بعيدا عن صراع الكواليس، ولم يرجّح أي كفة من المتخاصمين داخل الأفالان، مثلما هو بادٍ في الظاهر. وقد يكمن الحل، مثلما يرى عبد الكريم عبادة، في ''التنازل عن الأنانيات''، وهو أمر ليس سهل المنال، بالنظر إلى حالة الشرخ داخل أعضاء اللجنة المركزية، ليس فقط بسبب وجود مجموعة 160 التي كسبت معركة سحب الثقة يوم 31 جانفي الفارط، وبين مجموعة 156 التي تسعى لإنقاذ فارسها من العثرة، ولكن، أيضا، جراء كثرة الطامحين للتربّع على عرش قصر حيدرة. كما إن تقديم بعض القياديين في الحزب لأنفسهم بأوزان أكبر من أحجامهم الحقيقية، في مقابل غضب تيار على الجميع يرى نفسه أنه مقصى، وهو تيار يسمي نفسه تيار التشبيب، من شأنه أن يعيد الصراع مجددا حول سيطرة الحرس القديم على المسؤوليات داخل الحرب العتيد.