مصادقة بالإجماع على مرافعة تبرير فشل المنتخبات الوطنية لم تحدث المعجزة، أمس، بفندق ''ميريديان'' بوهران خلال أشغال الجمعية العامة العادية للاتحادية الجزائرية لكرة القدم، حيث رفعت أيدي الأعضاء في كل مرة بالإجماع لتزكية حصيلة فاشلة أدبيا للرئيس محمد روراوة وللمصادقة على كل ما تم اقتراحه عليهم من قوانين دون أي مناقشة أو معارضة. بدت أشغال الجمعية العادية في ثوب المرافعة، وظهر مختلف الأعضاء وكأنهم هيئة محلفة تستمع إلى مداخلة طرف واحد يرافع لتبرير فشل واضح ويحاول أن يقنع الإعلاميين أكثر من ''المحلّفين'' بأن النكسات المتلاحقة للمنتخبات الوطنية لا تعني بالضرورة فشل سياسة الاتحادية خلال الأربع سنوات المنقضية من عهدته الثانية. وأعلن روراوة من جديد بأنه مستعد للرحيل وترك مكانه لأي شخص يريد تولي رئاسة الاتحادية. ويأتي ذلك في آخر يوم للمهلة القانونية لإيداع الترشيحات، مشيرا ''سأترك مكاني لأي شخص، ولا أحتاج إلى أصوات الذين ليسوا مقتنعين بما أقوم به لأنني صريح وتعرفونني جيدا''. الصحافة تركز على المنتخب ونسيت الحديث عن التكوين ولم يتحرج رئيس الفاف في توجيه رسائل مشفّرة، وبدا واضحا بأن محمد روراوة بصدد مخاطبة الصحافيين الحاضرين أكثر من أعضاء الجمعية العامة، وكأنه يدرك مسبقا بأن مواجهته للأعضاء نتائجها محسومة، بينما قبضته الحديدية مع الإعلام المنتقد لواقع الكرة والمنتخبات، هو الرهان المهم والوحيد لرئيس ''الفاف'' الذي لم يكسبه لحد الآن. وقال روراوة ''أنتم الصحافيون تركزون على المنتخب الأول ومشكل الكرة الجزائرية لا يقتصر على قدوم هذا اللاعب أو ذاك، ونسيتم الحديث عن جوانب مهمة مثل تكوين اللاعبين والمكوّنين والهياكل الرياضية''، مضيفا ''ضمان تنظيم المنافسات كل أسبوع ليس سهلا أبدا، واللاعبون الشبان لا يمارسون الكرة في ملعب كبير سوى يوم المباريات، ومن المفروض اتحاد الأندية المنتمية إلى نفس البلدية حتى نقلل من حدة الضغط على الملاعب، والاتحادية شرعت في عملها منذ مدة ووصلنا إلى قمة الهرم وأمامنا عمل أكبر أيضا لتدارك النقائص''. فلسطين قصفتنا بثلاثية وأريد نسيان رباعية مصر وفي سياق المرافعة التي ''فرضها'' رئيس الاتحادية على من أقاموا ليلتهم بفندق ''ميريديان'' الفخم بوهران لحضور الاستماع والتصويت بنعم على ما يقترحه عليهم رئيس ''الفاف'' من قوانين جديدة، بجانب حصيلة نشاطه المالي والأدبي، انتقد روراوة ضمنيا المدرب الوطني الأسبق رابح سعدان. ومن الغريب أن رئيس الاتحادية ثمّن ''مرغما'' بلوغ المنتخب الوطني المونديال ونصف نهائي ''الكاف'' لمنتخب غاب عن دورتين متتاليتين لكأس أمم إفريقيا، غير أنه عقّب بعدها بالقول ''خسرنا بثلاثة أهداف دون رد أمام مالاوي وخسرنا بأربعة أهداف مقابل هدف أو دون رد أمام مصر، وهي مباراة أريد أن أنساها، ولم نظهر بوجه لائق في المونديال حتى وإن كان بلوغ المونديال إنجازا كبيرا''، مضيفا ''المنتخب الوطني في دورة جنوب إفريقيا لعب جيدا وكان ضحية التحكيم''. وواصل روراوة يقول بأن الاتحادية ليست مسؤولة عن خيبة أمل الفئات الشبانية، حين قال ''وفرنا كل الإمكانات لمنتخب الأشبال وفي الأخير انهزمنا أمام بوتسوانا وضاعت تحضيرات سنتين، كما أن منتخب الأواسط حضّر لسنتين وواجه في دورة شمال إفريقيا منتخب فلسطين الذي التحق ليلة الدورة وفلسطين تحت القصف، ثم قصفنا بثلاثية''، مضيفا ''لدينا 40 ألف شاب في الأواسط و35 ألف شاب في الأشبال، ولسنا قادرين على إيجاد 11 لاعبا ينافسون المنتخبات الإفريقية''. لم نصرف سنتيما على المغتربين ولسنا منتخب الأرجنتين وحرص رئيس ''الفاف'' خلال مرافعته التي لعب فيها دور القاضي والمحامي في نفس الوقت، على الرد على كل من طالب بمحاسبته ومراقبة مصاريف الاتحادية، حيث قال ''الدولة تمنحنا 35 مليار سنتيم كل سنة، ولم نصرف منها سنتيما واحدا، كما أن الكاف منحتنا 780 ألف دولار نظير مشاركتنا في ''الكان''، بمعنى أننا لم نصرف سنتيما واحدا، ونحن نسير الاتحادية بمواردنا الخاصة''. وقال محمد روراوة إن الجزائر لم تصرف أي سنتيم على تكوين اللاعبين، مشيرا ''نستفيد من خدمات اللاعبين المغتربين ولم نصرف أموالا على تكوينهم، ثم نمارس ضغوطا عليهم وكأن الأمر يتعلق بمنتخب الأرجنتين''، مذكّرا الحضور بأن الجزائر خلال خمسين عاما ''لم تنل سوى تاج إفريقي واحد، ووفرت الدولة حين استضافت الجزائر الدورة عام 1990 إمكانات كبيرة بغرض تحقيق الهدف''. إنجازات الجزائر رياضيا تحققت بفضل الفرديات ولم يكتف رئيس الفاف بالحديث عن كرة القدم، واختار المقاربة للقول بأن حال كرة القدم لا تختلف عن حال بقية الرياضات، حيث قال ''حققنا ذهبيات في رياضات أخرى في الأولمبياد، ومصطفى بيراف، الرئيس السابق للجنة الأولمبية الجزائرية، حاضر معنا، وحدث ذلك بفضل فرديات، لأننا لا نملك مراكز لإنتاج الأبطال الرياضيين''، مشيرا إلى أن هناك من ينتقد من يحقق نجاحات ''لأن الحسد والغيرة تتحكم في هؤلاء، وقد نسيتم جميعا بأننا أعضاء متطوعون لخدمة كرة القدم''. كما أوضح روراوة ''الدول تصرف بين مليون ومليوني دولار من أجل كسب ميدالية ذهبية، ومساعدات الدولة للاتحادية تقدر ب35 مليار سنتيم كل سنة، أي بما يعادل تقريبا 3 ملايين ونصف مليون دولار''.