صفحة سوداء جديدة في سجل حقوق الإنسان بالمغرب أكديم إزيك تفضح العهد الجديد لمملكة محمد السادس فضحت محاكمة المتابعين في قضية أكديم إزيك، من جديد، حقيقة وضع حقوق الإنسان في الصحراء الغربية، وعرّت واقع ما فتئ المغرب، مدعوما بدول صديقة، يقدّمه على غير حقيقته. المغرب، خلال هذا الأسبوع، حكم على 42 مناضلا صحراويا، أمام محكمة عسكرية، بأحكام تراوحت بين المؤبد والسجن 20 سنة، وإن عبّرت الأممالمتحدة عن قلقها، وانتقدت منظمات حقوقية دولية سير المحاكمة ومنطوق الأحكام الآن، لم يجد المغرب حرجا، ولم يقلق لهذه الاعتراضات، ويواصل انتهاكاته لحقوق الإنسان في الصحراء الغربيةالمحتلة، ويحرم شعباً من أبسط حقوقه، بدعم دول تنصّب نفسها حامية للقانون وحقوق الإنسان. دفعت محاكمة 24 مناضلا صحراويا، أمام القضاء العسكري المغربي في قضية ''إكديم إزيك''، إلى السطح، من جديد، موضوع حقوق الإنسان في الصحراء الغربية، ومدى مراعاة المغرب لحقوق الإنسان في إقليم تحتله ومدرج في اللجنة الرابعة لتصفية الاستعمار بالأممالمتحدة. كما طرحت، من جديد، غياب مواقف الدول الكبرى في مثل هكذا قضايا، بالرغم من تقارير وبيانات أصدرتها منظمات حقوقية انتقدت أطوار المحاكمة، ووصفتها ب''المعيبة''، وطالبت بإعادتها أمام محكمة مدنية. محاكمة 24 مناضلا صحراويا، أمام محكمة الرباط العسكرية، والنطق في حقهم بأحكام تراوحت بين المؤبد والسجن 20 سنة، فصل جديد من فصول التجاوزات التي ترتكبها الدولة المغربية في حق الصحراويين، وفق ما ذهب إليه متابعون للملف، وحتى منظمات حقوقية والأممالمتحدة وجهت انتقادات لاذعة للمحاكمة شكلا. وقال المتحدث باسم المفوضية السامية لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، روبرت كوفليل: ''نحن قلقون من استخدام محكمة عسكرية لمحاكمة وإدانة 24 صحراويا مدنيا، متهمين على خلفية أحداث العنف التي حدثت أثناء وبعد تفكيك المخيم الاحتجاجي أكديم إزيك، قرب العيون بالصحراء الغربية في نوفمبر 2010''. وصرّحت نائب مديرة برنامج منظمة العفو الدولية للشرق الأوسط وشمال إفريقيا، آن هاريسون، بعد الحكم: ''نطالب، صراحة، السلطات المغربية بإعادة إجراء محاكمة عادلة للمعتقلين الصحراويين ال24، وفتح تحقيق حول تصريحاتهم المتعلقة بالتعذيب والاعترافات المتحصل عنها جراء العنف''. في حين أكد المرصد الدولي لحقوق الإنسان، الواقع مقره بإيطاليا، ''إنهم يفتخرون بتسميتها بالمحكمة، لكنها ما هي إلا هيئة مصغرة مختصة في تنفيذ قرارات وزارة الدفاع، حيث إن الوزير هو من يأمر بمباشرة المتابعات (النائب العام يمثله فقط)، وهو أيضا من يعين القضاة كي ينطقون بالأحكام بأمر منه''. وحسب المرصد ذاته، فإنه ''بالرغم من اعتبارات الشفافية والإنصاف''، التي تم استعراضها، فإن المحكمة ضمّت قضاة عيّنهم وزير الدفاع (المشرف، أيضا، على السلطة التنفيذية لترقية المحاكمة). وقد أصدر هؤلاء القضاة حكما نهائيا رافضين أهم مطالب الدفاع، خاصة تلك المتمثلة في الاستماع لوزير الداخلية في تلك الآونة، وبعض النواب الذين كان بوسعهم أن يشهدوا بأن جميع المتهمين قد دخلوا قبل إقدام الجيش على تفكيك المخيم في مفاوضات السلم مع السلطات، من أجل انتزاع بعض التنازلات الاجتماعية لفائدة الشعب الصحراوي''. هذه بعض التصريحات والمواقف وتفصيلات مهمة حول الظروف التي جرت فيها محاكمة المتهمين في قضية أكديم إزيك، التي تعود إلى نوفمبر 2010، حينما خرج حوالي 20 ألف صحراوي قرب مدينة العيون وأقاموا مخيمات اعتصموا بها تنديدا بالوضع المعيشي الذي يحيونه، وبالانتهاكات التي ترتكب في حقهم، وأيضا من أجل المطالبة بالحق في تقرير المصير. وبعد مفاوضات مع ممثلين عن المعتصمين، وأغلب المتهمين كانوا ضمن الوفد المفاوض عن الصحراويين، مع السلطات المغربية، ومن بينهم مبعوث الملك، قرر المخزن استعمال القوة وفضّ الاعتصام، وبعدها تم اعتقال 42 شخصا، ويوجد واحد في حالة فرار. وللإشارة، فإن المفاوضات، من جانب المخزن، حضرها وزير الداخلية الأسبق مولاي الشرقاوي ووالي العيون. المواقف والتقارير التي أصدرتها المنظمات الحقوقية أدانت، في شكلها ومضمونها، المغرب، الذي يريد أن يقدّم نفسه كوجه ديمقراطي يصنع الاستثناء في الوطن العربي، ويلقى الدعم والمساندة من قِبل دول كبرى، وعلى رأسها فرنسا، التي تضع نفسها كمحام عن المخزن، وتمنع عنه أي مساءلة أو إدانة في المحافل الدولية، وخاصة في مجلس الأمن، حيث عارضت، في العديد من المرات، مقترح يلقى إجماعا دوليا بضرورة توسيع صلاحيات ''المينورسو'' في الصحراء الغربية من أجل مراقبة حقوق الإنسان. وليس فرنسا وحدها، حتى دول كبرى، كالولايات المتحدة وبريطانيا التي لا تتأخر في إدانة أي دولة ''لم تحترم'' حقوق الإنسان، لم تنبس ببنت شفة بخصوص محاكمة أكديم إزيك. إن محاكمة أكديم إزيك تدفع نحو أسئلة جوهرية في خضم مناخ دولي، خاصة في الدول العربية، يشهد تقلبات وثورات حركها مطلب حرية الشعوب في تقرير مصيرها، وبالأساس وقف انتهاكات حقوق الإنسان. لكن هذه المطالب التي يرفعها الصحراويون، منذ عقود، لا تصل إلى باريس وواشنطن ولندن بالشكل الكافي. عضو المركز العربي لحقوق الإنسان عدنان وفيق ل''الخبر'' لا يمكن للمغرب أن يكون الضحية والجلاد في الوقت نفسه محاكمة مدنيين أمام القضاء العسكري انتهاك صريح لحقوق المتهمين المغرب تعمّد التعتيم على قضية تعذيب المتهمين أصدرت المحكمة العسكرية المغربية أحكاما تتراوح ما بين المؤبد، ضد تسعة من المتهمين في أحداث ما أصبح يُعرف بقضية ''أكديم إزيك''، وأحكام بالسجن تتراوح ما بين 20 إلى 30 سنة، كيف تقرأون هذه الأحكام من الناحية القانونية؟ قبل إبداء أي موقف حول طبيعة الأحكام، لابد من التوقف، قبل ذلك، عند طبيعة المحاكمة في حد ذاتها. إذ لابد من التذكير أن الأمر يتعلق بمحاكمة مدنيين في محكمة عسكرية، وهو أمر يخالف كل الأعراف القانونية عبر العالم. وأعتقد أن تنديد وإدانة الأممالمتحدة بقرار المغرب، على إحالة مدنيين على المحكمة العسكرية، فيه دليل كاف على أن المحاكمة لم تكن حيادية ولا مستقلة، وبالتالي تفتقد المصداقية. في اعتقادي أن المغرب أدان نفسه، من حيث أنه يسعى للظهور بمظهر الضحية، غير أنه تناسى أنه لا يمكن أن يكون الضحية والجلاد في الوقت نفسه. ونحن في الجمعية سجلنا العديد من العناصر الغائبة، والتي من شأنها توفير جو ملائم لمحاكمة عادلة للمتهمين. ما الذي تقصدونه بالعناصر الغائبة لمحاكمة عادلة؟ أولا نحن نقول إنه مادام الأمر يتعلق بمتهمين من الصحراء الغربية، ومادامت الصحراء الغربية ضمن خانة الأراضي المتنازع عليها، كان لزاما السماح بحضور مراقبين وأطراف حيادية، للوقوف على مجريات المحاكمة وضمان الاستقلالية والعدالة. غير أنه من خلال إحالة الملف على القضاء العسكري أصبح الأمر شأنا داخليا، ولا يمكن لأي كان مراقبة ما يحدث. ونحن نعرف ما معنى أن يُحاكَم مدني في محكمة عسكرية في الدول العربية. لذلك نحن نؤيد كل المنظمات الدولية التي تدعو إلى إعادة محاكمة المتهمين في محكمة مدنية. والأهم من ذلك فتح تحقيق جدي بخصوص شهادات المتهمين، التي أكدوا فيها أنهم تعرضوا لعمليات تعذيب وسوء المعاملة خلال فترة تواجدهم بالسجن. لا أعرف كيف يمكن الحديث عن عدالة ذات مصداقية دون شفافية. على السلطات المغربية كشف الحقيقة كاملة وقبول مبدأ إعادة المحاكمة، وإلا ستبقى هذه المحاكمة نقطة سوداء أخرى تضاف إلى قائمة المغرب في مجال انتهاك حقوق الإنسان. على الرغم من الإدانة الصريحة للأمم المتحدة، إلا أن المجتمع الدولي والرأي العام بقي صامتا، ما السبب في ذلك؟ لا يمكن إغفال التحولات والاضطرابات الكبيرة التي تشهدها المنطقة العربية، ما يجعل التركيز على الحروب والنزاعات المسلحة. ومع ذلك أعتقد، شخصيا، أن كل ما يتعلق بالنزاع على الصحراء الغربية يبقى رهين لوبيات ومصالح دولية، تقف أحيانا، مع المغرب، وأحيانا تكتفي بإصدار بيانات منددة. وفي كثير من المرات يكون الصمت أكبر متواطئ على قضية حقوق الإنسان في الصحراء الغربية، وفي كل المناطق التي تشهد نزاعات. المغرب يعرف كيف يسوّق صورته ويسعى للتعتيم، لكن مع ذلك كل المنظمات الحقوقية المشهود لها بالمصداقية أصدرت بيانات نددت بالمحاكمة، على غرار منظمة العفو الدولية، التي دعت إلى إقامة محاكمة جديدة أمام القضاء المدني تكون أكثر عدلا وشفافية. أما الحديث عن الترويج الإعلامي، فأعتقد أن الكل أصبح يدرك أن الأمر خاضع لأجندات خاصة. وللأسف قضية حقوق الإنسان في الصحراء الغربية ليست ضمن أولويات هذه الأجندة الإعلامية. الجزائر: حاورته ب. سامية الحقوقي الصحراوي العربي مسعود ل''الخبر'' الأحكام القضائية ضد النشطاء الصحراويين انتقامية لأنهم زاروا الجزائر ننتظر ضغطا دوليا على المغرب لوقف المحاكمات العسكرية للمدنيين كيف هي وضعية حقوق الإنسان في الصحراء الغربية؟ نؤكد أن حقوق الإنسان في الصحراء الغربية تمر بوضعية مزرية وخطيرة جدا، بالرغم من تقارير المنظمات الحقوقية الدولية، مثل منظمة ''هيومن رايس ووتش''، ومركز كيندي للعدالة وحقوق الإنسان. وبالرغم من زيارة مفوضية الأممالمتحدة لحقوق الإنسان للصحراء الغربية، في 2006، وزيارة أخرى للبرلمان الأوروبي، في 2009، وزيارة المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، كريستوفر روس، في 2012. ما تعليقكم على الأحكام التي صدرت، مؤخرا، بحق متهمين صحراويين في قضية مخيم إكديم إزيك، التي انفجرت في 2010؟ هذه أحكام جائرة وانتقامية وغير عادلة، صدرت في حق 25 صحراويا، من بينهم مدافعون عن حقوق الإنسان، وأعضاء في لجنة الحوار المنتدبين من المخيم. وجاءت على خلفية نشاط هؤلاء الجمعوي، ومؤازرتهم لآلاف الصحراويين الذين خرجوا من العيون وأقاموا مخيم إكديم إزيك للمطالبة بحق التعبير وحرياتهم الأساسية. غير أنه تم تقديم هؤلاء المتهمين المدنيين لمحاكمة عسكرية، رغم أن هذا غير مقبول قانونيا، ولا دستوريا، إذ إن تعديلات الدستور الجديد تلغي محاكمة المدنيين أمام محاكم استثنائية، والمحاكم العسكرية هي بمثابة محاكم استثنائية. ما هو موقف المجتمع الدولي، والمنظمات غير الحكومية المدافعة عن حقوق الإنسان، إزاء محاكمة مدنيين صحراويين في محاكم عسكرية؟ المنظمات الدولية الحقوقية تتابع، عن كثب، تطورات ما يحدث في الصحراء الغربية. وما هذه الأحكام إلا دليل على أن المغرب مستمر في ارتكاب المزيد من المضايقات ضد الصحراويين. ونحن ننتظر من هذه المنظمات الدولية، التي سبق وأن نددت بهذه الأحكام، أن تمارس ضغطا دوليا على المغرب، من أجل إلغاء هذه الأحكام والعمل على عدم تكرارها، لأن هذه الأحكام انتقامية من هؤلاء النشطاء الحقوقيين، لأنهم زاروا الجزائر، وزاروا مخيمات اللاجئين في تندوف. الجزائر: حاوره مصطفى دالع