ساهم تفاقم الأزمة الاقتصادية في أوروبا في انكماش إنتاج مصنع ''رونو'' طنجة بالمغرب، حيث بلغ 50 ألف وحدة لنموذجين، مقابل توقع أكثر من 70 ألف وحدة بعد شروع المصنع في الإنتاج. يأتي ذلك، في وقت شددت الحكومة المغربية من لهجتها، مؤكدة بأنها لا ترغب في مشروع صناعي للتركيب والجمع، بل في تطوير صناعة محلية بنسبة إدماج عالية. مصنع طنجة الذي ينتج نموذجين ''لودجي'' و''دوكير'' موجّهين أساسا للتصدير، تأثر مباشرة بالأزمة التي تواجه البلدان الأوروبية، خاصة بالنسبة لسوق السيارات. وانعكست هذه الأزمة سلبا على مستويات إنتاج المصنع، في وقت تم الإعلان أيضا عن مشروع أصغر في الجزائر من قبل ''رونو'' لإنتاج 25 ألف وحدة من نموذج ''سامبول'' موجه إلى السوق المحلي. وشرع مصنع طنجة في الإنتاج منذ سنة لتصدير سيارات بكلفة منخفضة، تبدأ بقيمة تقدر بحوالي 10 آلاف أورو تقريبا. وقدّر الاستثمار الفرنسي المغربي بمليار أورو، مع استفادته بكافة المزايا الجبائية والضريبية والعقارية، إضافة إلى توفير منشآت قاعدية عصرية، منها السكك الحديدية والطرق ومنافذ مباشرة إلى ميناء طنجة أحدث وأكبر الموانئ في جنوب الحوض المتوسط، إلا أن الأزمة الأوروبية اضطرت الصانع الفرنسي إلى إعادة حساباته مع انكماش المبيعات في السوق الأوروبية للسيارات، حيث قام بتجميع 41455 سيارة ''لودجي'' و8901 سيارة ''دوكير'' من مصنع ''ميلوسا'' بطنجة. ويتوقع الخبراء في قطاع صناعة السيارات استمرار الركود خلال هذه السنة، ما سيضع المصنع في وضعية صعبة، كما دفع ذلك السلطات المغربية إلى التأكيد على لسان وزير الصناعة والتجارة والتكنولوجيات الجديدة، عبد القادر عمارة، على عدم ترحيب المغرب بصيغة التركيب والجمع، والتشديد على الإدماج المحلي. ويأتي رد فعل الرباط، رغم أن نسبة الإدماج تبلغ 45 بالمائة ويرتقب أن تصل إلى 85 بالمائة. للإشارة، منح المغرب لتجسيد مشروع ''رونو'' إعفاء جبائيا لمدة 5 سنوات وإعفاء من دفع أي رسم للتصدير، ووضع تحت تصرف المجموعة الفرنسية الهياكل القاعدية العصرية، مثل الطرق السيارة والسكك الحديدية وتمويل مركز للتكوين. وعليه، فإن الرباط تضغط لافتكاك مزايا بالمقابل، منها توسيع دائرة التصنيع لنماذج أخرى واستقطاب صانعين جدد، من بينهم ''فولكسفاغن'' الذي كان يتفاوض مع الجزائر، إلا أن اتفاق الحصرية مع ''رونو'' حال دون تجسيد المفاوضات. ورغم المؤشرات المعلنة، تعتزم ''رونو'' إقامة خط إنتاج ثاني على مساحة 120 ألف متر مربع، يرتقب افتتاحها في سبتمبر المقبل، ما يعكس الديناميكية التي تعرفها مثل هذه المشاريع الاستراتيجية بالنسبة للرباط، على عكس ما يحدث في الجزائر، حيث يواجه موقع واد تليلات أولى مشاكله مع المزارعين والفلاحين الرافضين إخلاء أراض خصصت ضمن مساحة المنطقة الصناعية التي سيقام عليها مصنع ''رونو'' الجزائر. وينتظر أن تستفيد المغرب، ابتداء من سبتمبر المقبل، من تركيب نموذجين جديدين هما ''لوفان'' و''سانديرو'' من الجيل الجديد، اللتان تم الكشف عنهما في صالون باريس للسيارات في أكتوبر الماضي، وسيتم توسيع تركيبهما في مصنع ثان بالدار البيضاء.