قالت السيدة رجاء، أرملة الراحل عبد القادر علولة: ''إن المسرح الجزائري ليس في أحسن أحواله، ورجالاته ونساؤه يختفون واحدا تلو الآخر، بينما لا نفعل شيئا للحفاظ على ذاكرتهم''. مضيفة، في لقائها مع ''الخبر''، على هامش الاحتفاء بالذكرى العاشرة لوفاة علولة بمسرح بجاية: ''هذا ينطبق على عبد القادر علولة الذي ضحى بحياته حتى تستمر رسالة المسرح وتبقى الجزائر واقفة''. أنت حاضرة ببجاية للمشاركة في الذكرى العاشرة لرحيل عبد القادر علولة؟ فعلا، تلقيت دعوة من صديق العائلة مدير مسرح بجاية، عمر فطموش، الذي بادر إلى تنظيم يومين لتخليد الذكرى العاشرة لاغتيال سي عبد القادر علولة، من خلال النشاطات والعروض المختلفة التي نظمت بالمناسبة، وجعلت المرحوم ضيف بجاية الأول، وهذا ليس بغريب على فطموش وعلى المرحوم عبد المالك بوفرموح اللذين جعلا من مسرح بجاية إحدى القلاع الكبيرة للكفاح الركحي بالجزائر. وهل يظهر أثر غياب عبد القادر على المسرح الجزائري؟ أشعر أن عبد القادر مغيّب في الساحة، خاصة أن بعض الأطراف لا تريد أن تساهم في الحفاظ على ذاكرته، وهو ما يؤلمني كثيرا، فالرجل كان يحيى للمسرح الذي كان له بمثابة شغف وقصة لا تنتهي. فقد أحب المسرح كثيرا، ورأى فيه الوسيلة الفضلى لتوعية الشعب الجزائري، كان دائما يقول إن هدفه هو الاستمرار في صناعة المسرح الذي يرفع الغبن عن الشعب البسيط والمقهور، وهو ما أكده لي مسرحيون إسبان حينما قالوا لي إنه منذ رحيل غارسيا لوركا، لم نر مثيلا له إلا في شخص عبد القادر علولة. لكن في بلده، وللأسف، هناك من يريد أن يحطم ذاكرته وكل ما فعله للمسرح، حتى لا تعرف عنه الأجيال القادمة أي شيء. لكنه حظي بتكريمات كثيرة و...؟ (تقاطع) لا، لا.. لا يحتاج عبد القادر علولة وأمثاله إلى تماثيل وأصنام، ولو من ذهب، بقدر ما يحتاجون إلى من يساهم، ماديا ومعنويا، في الحفاظ على ذاكراتهم كما تفعل الأمم المحترمة بأسمائها الكبيرة، فيخلدون أعمالهم حتى لا تنساهم الأجيال التي هي في حاجة إلى معرفة بطولات وأمجاد سلفهم، حتى لا يبحثوا عن مرجعية عند غيرهم. وهو ما نحاول أن نفعله اليوم في إطار إنشاء مؤسسة علولة، والتي نسعى من خلالها إلى تأسيس مركز للتوثيق والأرشيف خاص بذاكرة علولة. فقد ضاع مع الزمن الكثير من ذاكرة فنانين كبار، مثل ذاكرة بشطارزي، وهذه جريمة. كما أتأسف لرهن بعض الأشخاص لذاكرة فنانين كبار، حتى لا تخلد ذاكرتهم. وما المانع من تأسيس المركز؟ أولا، مركز التوثيق والأرشيف هو مشروع علولة في حياته، والمانع هي السلطات التي ترفض التكفل ماديا بنفقات إنجاز المركز، والأسباب تبقى مجهولة. ماذا تخسر الوزارة إن ساهمت في تأسيس مركز الأرشيف للحفاظ على ذاكرة رجل تزوّج المسرح قبل أن يتزوّجني، واهتم به أكثر مما اهتم بعائلته؟ فالهدف، باختصار، هو ترسيخ الوطنية في نفوس الشباب والأجيال الصاعدة التي لا تؤمن بالتماثيل، بقدر ما تؤمن بالأفكار والمبادئ، والتوق للتغيير الذي يفتح الباب لأمل الأكبر. الوزارة تساعدنا أحيانا ماديا، لكن ما نريده وترفضه بإصرار هو التكفل بمؤسسة علولة للحفاظ على ذاكرته.