حالفني الحظ أن حضرت أمسية رائعة غصّت بها قاعة المركز الثقافي الإسلامي الكائن في شارع علي بومنجل، أدارتها بنجاح كبير الأستاذة الجامعية فريدة حريكان، المختصة في البرمجة اللغوية العصبية ومديرة معتمدة من الأكاديمية العربية للتدريب التطوير، وقد بدا لي واضحا من خلال طريقة طرحها لموضوع المحاضرة، حيث جمعت بين طرح المعلومة وأخذ الأجوبة عليها من الحضور وتأييدها بالأمثلة المتقنة من قبلها، ومدعومة بالآيات والأحاديث النبوية الشريفة: ''اللهم نسألك علما نافعا وقلبا خاشعا وعملا متقبلا ودعاء مستجابا''. وقد بدأت بتعريف الطاقة الروحية التي هي ارتباط الروح بخالقها، وقوة صلتها بالله، ومدى التزامها بتعاليمه وهدي رسله. ولما خاضت في صلب الموضوع، طلبت من الحضور كتابة خمس رسائل سلبية يعاني منها كل الحاضرين، وركزت على تقنيات البرمجة اللغوية العصبية في التخلص منها، بدءا من الاسترخاء الكامل للجسم، وأخذ التنفس العميق، وإغماض العينين واستحضارها في الدماغ، انتهاء بالتخلص منها عن طريق الذراع فكف اليد إلى سلة المهملات، لتخلص إلى أن حياة الفرد من صنع أفكاره. لذا أخي القارئ، لاحظ أفكارك لأنها ستصبح أفعالك، وأن أفعالك ستصبح عاداتك، وأن عاداتك ستصبح طباعك، وطباعك ستحدّد مصيرك. ربما أن جسمنا، في معظمه، مكوّن من ماء، فلماذا لا نلقي فيه الأفكار الإيجابية ومنها: أنا قادر، أنا جدير بذلك، أنا مصمّم على الإنجاز، ما استطاعه غيري أستطيعه أنا، عندي حلّ لكل مشكلة، جاهز لمساعدة الآخرين، عندي أفكار كثيرة، أملك التفاؤل... بدل تلك الأفكار السلبية التي تحول وتمنع التغيير نحو الأفضل، كالتي يحملها البعض منا: لا أستطيع، الظروف، هذا قدري، حاولت ولكن، الحلّ ممكن لكنه صعب، لا أتوقع المساعدة من أحد. وقد سرّني عرض ذلك الحوار الهادف الذي دار بين صانع قلم الرصاص والقلم، حيث قال لقلمه: خمسة أمور أريدك أن تعرفها: أولا: سوف تكون قادرا على عمل الكثير من الأعمال العظيمة. ثانيا: سوف تتعرّض لبري مؤلم. ثالثا: لديك القدرة على تصحيح الأخطاء التي ترتكبها. رابعا: الجزء الأهم فيك هو ''داخلك''. خامسا: مهما كانت الظروف يجب أن تكتب. وختمت الأستاذة الكريمة ورشة العمل التي عقدتها مع الحضور بمفهوم العقل الواعي واللاواعي وأهم وظائف العقل اللاواعي، وذلك عن طريق مثالين ''شارب القهوة'' و''الليمونة الصفراء''، طُبقا على الحضور باستخدام التقنيات المذكورة آنفا، إلى درجة أن المشاركين، وأنا منهم، أجمعوا أننا شربنا قهوة وملأت رائحتها أنوفنا، وأنه كان بأيدينا ليمونة صفراء طازجة، شممنا رائحتها، ومنا من قام بعصرها أو تقطيعها، كل ذلك في اللاواعي وتم ذلك بأسلوب شيّق، بعيدا عن التكلف، طابقه البساطة والمتعة والفائدة والتفاعل، مشفوعا بكل أساليب إلقاء المحاضرة الناجحة وطرق التدريس الفعالة، وذلك خلال ساعتين من الزمن. فيا أصدقائي القراء، لا تحرموا أنفسكم من هذه اللقاءات، ولا تحرموا القائمين عليها، مركزا أو محاضرين من التعزيز الإيجابي. * اختصاصي في التوجيه والإرشاد النفسي