وكالة التشغيل تتبرأ والبنوك في قفص الاتهام وحش البيروقراطية يلتهم أحلام الشباب تكشف شهادات كثير من الشباب، بعدد من الولايات، أن عملية دراسة ملفات الراغبين في إنجاز مشاريع على مستوى وكالات دعم تشغيل الشباب، تعرف تباطؤا على نحو أطال عمر معاناة الشباب، في وقت يتساءل آخرون عن المنطق الذي تلجأ إليه بعض الوكالات في عدد من الولايات، بعد تعرّض شباب إلى مساومات، مستغلة في ذلك غياب الرقابة، فيما قال آخرون ''إن العراقيل الكبرى نتلقاها مع البنوك''. أوضح ''م.ل''، شاب من ولاية تيبازة، أن الكيفية التي يتم بها معالجة الملفات الخاصة بحيازة قرض لإنجاز مشروع من المشاريع في إطار وكالة دعم تشغيل الشباب، لا تسير بنوعية الحماس التي يسوهق به الخطاب الخاص بمساعدة الشباب في اطار آلية وكالة تشغيل الشباب، وقال: انتظرت لقرابة 13 شهرا ولم يتم استدعائي بعد. المشكل نفسه يشكو منه شباب يطمح للاستثمار في إطار الوكالة، في العديد من الولايات، بينها جيجل، سطيف، البويرة، البليدة، عين الدفلى، ورفلة، غرداية، ميلة، تيزي وزو.. وغيرها، حتى إن البعض لم يتردد في تسمية هذا التباطؤ ب ''الحاجز البيروقراطي''، ذلك برغم التطوّر والتحسينات التي عرفتها وكالة دعم تشغيل الشباب منذ .2009 حتى إن وزير العمل والتشغيل، الطيب لوح، لا يفوّت أي مناسبة إلا وحث مدراء الوكالات في الولايات على تسهيل الإجراءات الإدارية أمام الشباب الراغب في الاستثمار، ومرافقته إلى غاية حيازته على القرض. التباطؤ في دراسة الملفات، أطال في عمر معاناة الشباب وعمقها، إذ وجد البعض نفسه مواجها بمشاكل جديدة، على نحو ما يثيره شباب من العاصمة، سطيف، جيجل، ميلة، قسنطينة، وغيرها. وقال سعيد، وهو من ولاية جيجل، إنه ''بعد أن قيل لي ينبغي عليك إيجار محل لإنجاز مشروعك، لم يكن أمامي إلا الانصياع للأمر، بعد أن اقترضت أموالا من أشخاص، وذلك في وقت لم يؤشر فيه البنك على منحي قرض إنجاز المشروع''، أي أنه أصبح مدانا، وهو لم يباشر عمله بعد. وإلى ذلك، لجأت وكالات أخرى إلى اختراع تقاليد جديدة في التعامل مع الراغبين في إنشاء مؤسسات في إطار هذه الآلية، وهو مساومة بعض الشباب في بعض الولايات، من جانب قيام مسيريها بربط عملية الموافقة على الملف بضرورة اقتناء عتاد المؤسسة من شركات معروفة. هذا التقليد تم تسجيله بولاية جيجل، على نحو ما يشير إليه بعض الشباب ممن قاموا بإيداع ملفات لحيازة قروض إنجاز محلات بيتزيريا، والأمر نفسه لشباب أودع ملفات بغية الاستثمار في الفلاحة بولايات جنوبية. ومع أن تعليمة أصدرها أحمد أويحيى، نهاية 2008، تقضي بإلزام البنوك بدراسة ملفات الشباب والرد عليهم في مدة أقصاها شهرا واحدا، إلا أن عملية منح القروض من قبل المؤسسات البنكية، ما تزال هاجسا آخر يؤرق آلاف الشباب ممن قاموا بإيداع ملفات، ليصطدموا بعدها بواقع آخر. وقال شابان من ولاية ورفلة، رفضا الكشف عن اسميهما، إنه برغم الوعود التي قدمت لنا من قبل السلطة المركزية، المتضمنة منحنا تسهيلات لإنجاز مشاريعنا، إلا أن ما اكتشفناه هو أن الخطاب شيء، والواقع شيء آخر. ففي ورفلة، ليس بوسع أي كان أن يحوز على قرض، فالبنوك هناك متعنتة، بدليل أنه تمت الموافقة على ملفاتنا في وكالة تشغيل الشباب. ولكن منذ تسعة أشهر إلى غاية اليوم، لم تمنح لنا القروض''. تعنّت البنوك، ظل مشكلا يضغط بثقله على آلاف الشباب في عشرات الولايات، رغم تهديدات وزير العمل الذي كان في كل مرة يتوعّد برفع انشغالات الشباب بشأن البنوك إلى الوزير الأول، إلى أن وقف الأخير بنفسه خلال جولاته المكوكية إلى ولايات الجنوب على هذا الانشغال. فمن غرداية إلى أدرار، وبشار وإليزي والأغواط، كانت تتعالى الأصوات التي أتعبتها عراقيل البنوك، وهي التي تطمح إلى رؤية مشاريعها مجسّدة في الواقع. فبولاية الأغواط، أعاد الوزير الأول التشديد على حتمية منح تسهيلات للشباب البطّال الراغب في الاستثمار، حتى إن مصادر قالت، إن سلال امتلأ غيظا بعد سماع شكاوي الشباب، ما قاد وزير المالية كريم جودي في وقت لاحق إلى تقديم أوامر لمدراء البنوك بالتنقل شخصيا إلى الوكالات للوقوف على مدى تطبيق تعليمات الوزير الأول، التي تقضي بالإسراع في منح تسهيلات للشباب الراغب في الاستثمار. مدير ''أونساج'' يؤكد أن العراقيل البيروقراطية نادرة ويكشف عالجنا 65 ألف ملف سنة 2012 وكالتنا تتحكّم في مرحلتين فقط من مسار إنجاز المشروع وتمويله قال المدير العام للوكالة الوطنية لدعم تشغيل الشباب، مراد زمالي، إن الشكاوي التي يرفعها بعض الشباب المتعلقة ببطء معالجة الملفات على مستوى الوكالة، هي حالات نادرة، بدليل أن الوكالة عالجت خلال سنة 2012أزيد من 65 ألف ملف. ومرحلة إيداع الملف لدى البنك، يتحكّم فيها صاحب الملف، وليس الوكالة. وأوضح مراد زمالي، في اتصال مع ''الخبر''، في معرض إجابته على سؤال يتعلّق بالمتاعب والمشاكل التي يتلقاها الشباب الراغب في الاستثمار في إطار وكالة دعم تشغيل الشباب، الناجمة عن بطء معالجة الملفات ''يمكن أن تكون هناك حالات سُجلت في ولايات، ولكننا نعتبرها حالات نادرة، لأن الوكالة انتقلت إلى مرحلة جديدة من التعامل مع هذه الملفات، تتسم بالمرونة في التعامل مع الشباب الراغب في الاستثمار، من جانب تسهيل طريقة تكوين الملف والسرعة في البت في الملفات، سواء بالقبول أو بالرفض''. ولذلك، أكد على أن الحالات المتحدث عنها، هي حالات نادرة، بدليل أن الوكالة عالجت خلال سنة 2012 أزيد من 65 ألف ملف. وتابع يقول، إن الوكالة تتحكّم في مرحلتين فقط في مسار إنجاز الشاب لمشروع وحيازة تكلفته المالية.. تتمثّل المرحلة الأولى في إيداع الملف والفصل فيه من قبل لجنة الاعتماد وتمويل المشروع. أما المرحلة الثانية، فتتمثّل في التأشير على الملف، أي قبوله من قبل اللجنة، ومنح الشهادة للشاب التي على أساسها يسمح للأخير بحيازة سجل تجاري والحصول على الفاتورة الشكلية للعتاد الخاص بالمشروع المراد إنجازه. وأشار إلى أن المرحلة الثالثة في مسار إنجاز المشروع وتمويله، والمتعلقة بإيداع الملف لدى البنك، لا تتحكّم فيها وكالة دعم التشغيل ولا تتحمّل أي مسؤولية عنها، بقدر ما يتحكّم فيها الشاب، ولو أن البنوك قُدمت لها تعليمات وتوجيهات تقضي بأن لا تتعدى مدة التأشير على الملف، شهرين، فيما يرتقب تسهيل عملية حيازة السجل التجاري قريبا على نحو يسهل للشباب عملية حيازة قروض إنجاز مشاريعهم، بالنظر إلى ما جاء في القانون المتضمن ممارسة النشاط التجاري الذي صادق عليه البرلمان قبل يومين، يضيف مراد زمالي. الشاب سعيد يصف تجربته ب''المريرة'' ''وجدت نفسي مدانا ولم أحصل بعد على القرض'' سعيد، شاب من ولاية جيجل، أودع ملفا لدى وكالة دعم تشغيل الشباب على أمل إنجاز مشروع فلاحي منذ قرابة عام ونصف العام، ولكن إلى غاية اليوم لم يخرج من عنق زجاجة المشاكل، إذ وجد نفسه مكبلا بديون وهو لم يحز بعد على القرض. سعيد شاب بطّال ابن ال 33 من العمر، كان يحلم كباقي الشباب ممن أودعوا ملفات لدى وكالة دعم تشغيل الشباب، بإنجاز مشروع، ومن ثمّة توديع البطّالة، وبالتالي فتح صفحة جديدة مع الحياة العملية. كان اجتماعيا وفضوليا، يلتقط كل المعلومات التي لها صلة بوكالة دعم تشغيل الشباب وصندوق التأمين على البطالة. ولأن بعضا من أقاربه كانوا يعملون في الفلاحة ومهووسون بها، فقد استقرت قناعته على المضي في هذا الخيار. ففي منتصف العام 2011، قرر المعني إيداع ملف لدى وكالة دعم تشغيل الشباب بجيجل، وأمل كبير يسكنه في أنه سيلقى مصيرا حافلا بالنجاح، لأنه يحب العمل، هذا من جهة. ومن جهة أخرى، أن خياره يصب في خانة الخطابات الحماسية الداعية إلى الاستثمار في الفلاحة والمشجعة له. بقي سعيد نحو 09 أشهر ينتظر بفارغ الصبر التأشير على ملفه من قبل لجنة تمويل واعتماد المشاريع، ولكن ''بعد أيام تم استدعائي من قبل اللجنة، وتم إبلاغي بضرورة إيجاد مستودع، على اعتبار أن المشروع يتضمّن أيضا تربية المواشي''. لكن إيجاد مستودع خاص لتربية البقر، لم يكن سهلا أمام الشاب، كونه بطالا لا يحوز على أي مورد مالي، إلا أنه سرعان ما اهتدى إلى ضرورة الحصول على سلفية لأجل شراء العتاد الخاص بإنجاز مستودع. ''أقرضني أحد الأصدقاء مبلغ 40 مليون سنتيم، ما مكّنني من مباشرة إنجاز جزء من هذا المشروع، ما يعني أنني وجدت نفسي مكبلا بديون وأنا لم أتحصل بعد على القرض من البنك''. ويقول إنه برغم التسهيلات التي يتحدّثون عنها بخصوص مرافقة الشباب وبخصوص تسهيل الإجراءات مع البنوك، تبعا للتعليمات التي تقدمها الحكومة، إلا أنه لم يحصل بعد على القرض. هذا التباطؤ في التعامل مع الملفات، قال عنه الشاب إنه يكبح الإرادة ويُذهب الحماس والأمل.