احتفلت أسرة شباب قسنطينة في 26 جوان الجاري بعيد ميلاد أعرق الأندية الجزائرية وجودا، حيث أطفأ الفريق شمعته ال115، في أجواء احتفالية كبيرة صنعتها الأجيال العديدة التي تعاقبت على تسييره أو اللعب فيه. فهذا الفريق الذي يضرب برصيده عمق التاريخ، باعتباره أعرق الأندية الكروية وجودا في الجزائر، حيث لم تكشف أي وثيقة أو برهان وجود فريق عرف النور في الجزائر قبل شباب قسنطينة في 26 جوان من عام 1898، فهذا الفريق كان مفخرة الجزائريين عامة والقسنطينيين خاصة، ساير تاريخ الحركة الوطنية، وكان في الصفوف الأمامية في مواجهة الحقبة الاستعمارية، بدليل تقديمه لأكثر من 49 شهيدا فداء للوطن، بعد أن قاموا بتجميد نشاطاتهم والالتحاق بصفوف الثوار، قبل أن يعود في فترة الاستقلال رفقة الأندية الجزائرية الأخرى بدم جديد، غير أن مسيرة قافلة اللونين الأخضر والأسود كانت متباينة من موسم لآخر. قوة الفريق منذ القدم تكمن في قاعدته الشعبية الحديث عن شباب قسنطينة عبر الزمن يستوقف صاحبه عند القاعدة الشعبية التي يملكها هذا الفريق، الذي يبقى باعتراف الجميع أكبر الأندية من حيث امتلاك جماهير كبيرة، فالأجيال التي تعاقبت على مناصرته كانت بمثابة القوة الضاربة له، ما جعل محبيه يتعدون حدود الولاية ال25، ويصبح معشوق عشاق الكرة المستديرة، لدرجة أن هذه الظاهرة حيّرت الجميع في تفسير ظاهرة هذا الالتفاف غير المنقطع لهؤلاء المناصرين مع فريقهم في السراء والضراء. عمر النادي الطويل تقابله خزانة خاوية من الألقاب لعل المعادلة الصعبة وغير المفهومة في تاريخ هذا النادي العريق، هو خواء خزينته من الألقاب والتتويجات، فعمر الفريق الذي يضرب في صميم التاريخ لأكثر من 115 سنة، تقابله في الجهة المقابلة خزانة خاوية من الألقاب، فباستثناء لقب البطولة الوحيد الذي تحصّل عليه الفريق سنة 1997، ظل هذا الفريق يصارع الأمرّين بين بطولة القسم الأول والثاني، نتيجة كثرة صراعات من تداولوا على تسييره، ما جعله ملكا دون تاج كما يقال. “السنافر”.. الظاهرة العالمية التي حيّرت العالم من أبرز المحطات التي عرفها هذا الفريق ظاهرة جمهوره العريض الملقب باسم “السنافر”، والذين ذاع صيتهم في أرجاء العالم، من خلال الصور الرائعة التي جعلتهم يتصدّرون صفحات المواقع العالمية، كأحسن وأفضل مناصرين على الكرة الأرضية. ما جعل عديد الأندية الأوروبية والعربية توجّه دعوات لمواجهة النادي في مباريات ودية، أو المشاركة في مختلف التظاهرات القارية أو الإقليمية. فجمهور “السنافر” أعطى المثال الحي لكل مناصري القطر الوطني والدروس في الوقوف مع فريقه، ففي الوقت الذي صارت الفرق الأخرى تعاني غياب الجمهور في مبارياتها، فأنصار “الخضورة” أكدوا في كل مناسبة أنهم يساهمون في بقاء فريقهم صامدا، بفضل هذا القاعدة الشعبية الكبيرة. الشباب ولد من رحم جمعية “إقبال” سنة 1898 حاول الاستعمار الفرنسي طمس هوية الشعب الجزائري، غير أن شرفاء هذا الوطن ظلوا صامدين لإخراج صوت الأحرار، وهو ما كان لهذا الفريق العريق الذي خرج في يوم 26 جوان من عام 1898 من رحم جمعية “إقبال” الإسلامية، التي كانت تنشط في حقبة الاستعمار الغاشم، حيث قام بعض شرفاء مدينة قسنطينة آنذاك بتأسيس هذه الجمعية الرياضية بمنطقة سركينة، إحدى ضواحي مدينة الجسور المعلقة، من قِبل بن الشيخ لفقون، حاج خوجة، بلبيض محمدالعربي، بن معطي موسى، بوهريد حاج أدريس، بن جلول محمد الصالح، وآخرين من خيرة أبناء هذه المدينة، حيث اختاروا اللونين الأخضر والأسود، فالأول يرمز للإسلام، والثاني للحزن من ممارسات الاستعمار.
النجم الرياضي المسلم يعود في عام 1916 ضغط الاستعمار بشكل كبير على الجزائريين جعل النادي يختفي لفترة من الزمن، قبل أن يعود تحت اسم جديد عام 1916 باسم النجم الرياضي المسلم، ودام عمر هذا النادي موسمين فقط، غير أنه استطاع التألق والفوز بكأس شمال إفريقيا، بعد أن أطاح في الدور النهائي بممثل الفريق التونسي ملعب غزلو التونسي بنتيجة 4/2، وهي النتيجة التي لم يهضمها الاستعمار، وقام بتجميد نشاط هذه الجمعية مرة أخرى. 1926.. ميلاد النادي الرياضي القسنطيني عرف النادي سنوات من الركود، قبل أن يعود مرة أخرى إلى الوجود تحت اسم النادي الرياضي القسنطيني، في 26 جوان من عام 1926، وهي البداية الفعلية والحقيقية دون توقف لهذا الفريق، الذي مرّ بالعديد من المراحل، عرف فيها أحلى السنوات تارة والمرّ في أخرى. 1955.. توقيف النشاط والالتحاق بصفوف الثورة عرفت اندلاع الثورة المباركة توقيف الفريق لنشاطه المؤقت، ودفع بلاعبيه إلى الالتحاق بصفوف الثوار، وهي المحطة التي كتبت بأحرف من ذهب لهذا النادي، الذي قدّم قربان الوطن أكثر من 49 شهيدا من أجل الدفاع على حرمة هذا الوطن. 1997.. اللقب الوحيد الذي تحصّل عليه الفريق عاش الفريق في فترة الاستقلال أوقات متباينة، وتحت تسميات مختلفة، منها شباب صخر سيرتا، شباب ميكانيك قسنطينة، وشباب قسنطينة، قبل أن يعود إلى تسميته الحالية النادي الرياضي القسنطيني، لكن ظلت خزانة تتويجه خاوية على عروشها إلى غاية موسم 1997، حيث نال الفريق لقبه الوحيد في البطولة الجزائرية. قالوا عن الفريق بن الشيخ لفقون رئيس سابق الصراعات حرمت الفريق من التتويجات عبر الزمن - فريق القلب شباب قسنطينة كان دوما في الواجهة، غير أن الصراعات كانت دوما هي الفائزة في الأخير وتحرم الف-ريق في كل مرة من التتويج بأحد اللأقاب الوطنية، فمسيرة هذا الفريق كبيرة وطويلة، سيظل الفريق فوق الجميع رغم هذه الصراعات. جمودي غوالمي رئيس سابق وصول الفريق إلى هذا المقام بفضل كل أبنائه” - اعتبر الرئيس الأسبق لشباب قسنطينة، حمودي غوالمي، أن ما وصل إليه شباب قسنطينة يعود إلى كل أبنائه الذين عرفهم التاريخ، حيث إن “صمود فريق شباب قسنطينة طيلة هذه الفترة كان وراءه أبناؤه. كل واحد قدّم إضافة حسب إمكانياته، لتبقى راية الفريق عالية فوق الجميع. ما أتمناه هو أن يضع الجميع خلافاتهم وتعويض ما فات الفريق طيلة هذه السنوات”. أحمد بوجريو رئيس سابق الشباب يبقى مفخرة كل محبي النادي - طيلة مسيرتي كلاعب أو مسيّر أو رئيس لهذا الفريق عشنا أيام لا تنسى، غير أن الصراعات التي ولدت مؤخرا في هذا الفريق جعلت أوفياء الفريق يهجرونه. وبهذه المناسبة الكبيرة أدعو كل محبي هذا الفريق إلى الالتفاف مجددا حول فريق القلب، لدعمه وإيصاله إلى أعلى المراتب. حسين طافر رئيس سابق كنت وراء استرجاع رمز الفريق ومازلت مناصرا وفيا له - قال حسين طافر أحد رؤوساء الفريق السابقين أنه يعتز بالفترة التي أشرف عليها في قيادة شباب قسنطينة: “كنت وراء استرجاع الفريق لألوانه الأصلية عند الإصلاح الرياضي، وحافظت على أملاك الفريق. وأنا أتشرف بذلك، كوني ساهمت بشكل بسيط في بقاء هذا الفريق موجودا على الساحة الرياضية” قسنطينة: رصدها مراد عبد اللي