لم تدم التعليمة الوزارية الصادرة لإزالة الأسواق الموازية ببلديات العاصمة طويلا، إذ سرعان ما عادت التجارة الفوضوية للظهور من جديد بالأحياء الشعبية، بعد أن تم إخلاؤها. لم تجد تصريحات وزير الداخلية ولد قابلية المتعلقة بالأسواق الباريسية “أرضية التجسيد على الواقع” رغم أن الجهات الوصية رصدت الملايير من أجل إنجاحها. انطلقت جولة “الخبر” الميدانية من سوق براقي في أقصى شرق العاصمة. ففي هذا السوق عاد التجار حتى قبل شهر رمضان بكثير لنشاطهم بشكل عادي، ضاربين بذلك تعليمات الوزارة عرض الحائط، غير مبالين بما يترتب عن عودتهم الى النشاط. وقال أحد التجار في هذا الصدد إن “القضاء على الأسواق يكون بإيجاد البديل لكن الجهات المحلية لم توفر البديل منذ إزالة السوق”. وفي نفس الاتجاه يواصل زميل آخر “تم توجيهنا إلى أسواق لا تصلح لمزاولة التجارة، بحكم بعدها عن المناطق العمرانية...”.كانتوجهتنا هذه المرة نحو الكاليتوس، أين تشهد أحياء كل من متاريس وأولاد الحاج وسوق 1600مسكن حي عدل ومدخل المدينة ، انتشارا رهيبا للباعة الفوضويين، الذين حولوا الطرقات إلى أسواق مفتوحة، متسببين في زحمة واكتظاظ كبيرين، بالإضافة الى المناوشات الكلامية والمشادات. نفس المشهد تقريبا بأسواق كل من جسر قسنطينة وعين النعجة وباش جراح. وقال لنا جل التجار الذين تحدّثنا إليهم أنهم عاودوا الى عرض سلعهم بالطاولات كونهم لمسوا عدم جدية السلطات في الوعود التي أطقتها “أين هي المحلات والطاولات الباريسية التي وعدتنا بها وزارتا التجارة والداخلية منذ الحملات التطهيرية التي انطلقت في 2012 ؟« يسأل أحد محدثينا. كما عرفت التجارة الموازية بأسواق كل من درڤانة ببرج الكيفان وسوريكال بباب الزوار، عودة قوية أيضا، باحتلال جميع الأرصفة، مما تسبّب في تحول هذه المناطق إلى مفارغ عمومية. وقد أجمع محدثونا بأن “فشل السلطات في إيجاد حل لهم لتنظيمهم دفعهم إلى العودة، بالإضافة إلى مشكل البطالة الذي وجدوا أنفسهم يتخبطون فيه”. وهو نفس الانطباع الذي لمسناه لدى باعة ساحة الشهداء وباب الوادي، أين عادت التجارة الموازية فيهما إلى سابق عهدها،كما احتل هؤلاء أرصفتهم التي كانوا قد منعوا من مزاولة نشاطهم في السابق. الأسواق الباريسية فشلت أيضا كان وزير التجارة مصطفى بن بادة قد صرح في العديد من المرات، بأن نتائج القضاء على الأسواق الفوضوية على المستوى الوطني كانت “إيجابية للغاية”، حيث تم القضاء في العاصمة لوحدها على 100 سوق غير شرعي، وكان من بين ما قاله أن من شملتهم عملية الإزالة سيستفيدون من محلات تابعة لمؤسسات عمومية مثلما هو الشأن مع مؤسسة “باتيميتال”، مع توفير 350 مشروع لأسواق جوارية وتسوية المحلات التابعة لدواوين الترقية العقارية ووكالة “عدل” لاستغلالها في تسوية الوضعية، لكن كل هذا لم يتحقق رغم مرور أكثر من 6 أشهر. وقد علّق أحدهم بالقول: “لم نستلم لا أسواق باريسية ولا جزائرية”. وصبّ كل من حدّثناهم جام غضبهم على التعليمات والتصريحات التي تداولها كل من بن بادة وولد قابلية الذين وعدوهم بتسليم الأسواق قبل حلول شهر رمضان. وفي هذا الصدد قال عادل وهو تاجر في براقي “أين هي الأسواق الباريسية التي وعدتمونا بها، نحن الآن في رمضان وتعليماتكم أكل عليها الدهر”، فيما أضاف آخر “خلاص..ألفنا سياسات المسؤولين ولغة الخشب، فهم يقررون المشاريع على الورق فحسب”. بولنوار: أين هي الشبكة الوطنية للتوزيع؟ من جانبه، أكد الناطق الرسمي باسم الاتحاد العام للتجار والحرفيين الجزائريين حاج طاهر بولنوار ل«الخبر”، أن إزالة الأسواق الموازية لا تتم بتعليمات وزارية، كما أشار في ذات الإطار إلى الشبكة الوطنية للتوزيع الخاصة بالبرنامج الخماسي 2010/ 2014 المتضمنة لأكثر من 30 سوق جملة و800 سوق تجزئة و1000 سوق جوارية والتي من شأنها حسب المتحدث القضاء نهائيا على هذه الأسواق الفوضوية. وقد اتهم المتحدث البلديات باعتبارها الهيئة الأولى المسؤولة عن انتشار هذه الأسواق، قائلا: “مستحيل أن ينجح أي مشروع إذا بقيت البلديات على هذه الحال”.