التأنّي هو التَّثَبُّت والتمهُّل وعدم التعجُّل، فالمسلم يحرص على التأنّي والتمهّل في أموره كلّها، فهو لا يهمل في عمله، وإنّما يؤدّي ما عليه بتأنٍّ وإخلاص وإتقان، وقد قال سيّدنا عليّ رضي الله عنه: لا تطلب سرعة العمل، واطلب تجويده، فإنّ النّاس لا يسألون في كم فرغ، وإنّما ينظرون إلى إتقانه وجودته. فالطالب يتأنّى في مذاكّرته، ويفهم دروسه جيّدًا، وقد قال بعض الحكماء: مَن أسرع في الجواب حاد عن الصّواب. وقال آخر: مَن تأنَّى نال ما تمنّى. والمسلم يخشع في عبادته، ويؤدّيها بتمهّل وتأنٍّ وإتقان؛ فإن كان مصليَّا صلّى في خضوع وخشوع لله ربّ العالمين، وإن كان يدعو ربّه دعاه في تضرّع وتذلّل، يبدأ دعاءه بحمد الله وتمجيده والصّلاة على رسوله، فقد سمع النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم رجلاً يدعو في صلاته، ولم يمجّد الله سبحانه ولم يصلِّ على النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، فقال له: ”عَجِلْتَ أيّها المصلّي”. وسمع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم رجلاً يصلّي فمجَّد الله وحمده وصلّى على النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، فقال له صلّى الله عليه وسلّم: ”ادعُ تُجَبْ، وسَلْ تُعْطَ” رواه النّسائي. وعلى المسلم ألاّ يتعجّل إجابة الدّعاء، فقد قال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: ”يُسْتَجَابُ لأحدكم ما لم يَعْجَل؛ يقول: دعوتُ، فلم يُسْتَجَبْ لي” متفق عليه. قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ”السَّمْتُ الحسن والتؤدة والاقتصاد جزء من أربعة وعشرين جزءًا من النّبوة” رواه الترمذي، وقال صلّى الله عليه وسلّم لأحد الصحابة: ”إنَّ فيك خصلتين يُحِبُّهُما الله: الحِلم والأَناة” رواه مسلم، وقال عليه الصّلاة والسّلام: ”الأناة من الله، والْعَجَلَةُ (التسرّع في غير موضعه) من الشّيطان” رواه الترمذي. والله عزّ وجل أمرنا بعدم الاستعجال؛ فقال تعالى: {يا أيُّها الّذين آمنوا إن جاءكم فاسِقٌ بنَبَأ فتَبَيَّنُوا أن تُصيبوا قوْمًا بجَهالة فتُصْبِحُوا على ما فَعَلْتُم نادمين} الأنبياء:37. أمّا إذا أراد المسلم أن يفعل خيرًا، فإنّه يقدم على فعله، ولا يتأخّر، فإذا أراد أن يتصدّق بصدقة، فعليه أن يسرع في إخراجها. كذلك إذا فعل طاعة معيّنة فعليه أن يبادر بها، وقد قال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: ”التُّؤدة في كلّ شيء إلاّ في عمل الآخرة” رواه أبو داود.