“ومِن آياتِه مَنَامُكُم باللّيْل والنّهار وابْتِغَاؤُكُم مِن فَضْلِه إنّ في ذلك لآيات لقوْمٍ يَسْمَعون” الروم 23. وهذه آية تجمع بين ظواهر كونية وما يتعلّق بها من أحوال البشرية وتربط بين هذه وتلك، وتنسّق بينهما في صلب هذا الوجود الكبير... تجمَع بين ظاهرتي اللّيل والنّهار ونوم البشر ونشاطهم ابتغاء رزق الله الّذي يتفضّل به على العباد بعد أن يبذلوا نشاطهم في الكدّ والابتغاء. وقد خلقهم الله متناسقين مع الكون الّذي يعيشون فيه، وجعل حاجتهم إلى النّشاط والعمل يُلَبّيها الضّوء والنّهار وحاجتهم إلى النّوم والرّاحة يُلبّيها اللّيل والظلام. مثلهم مثل جميع الأحياء على ظهر هذا الكوكب على نسب متفاوتة في هذا ودرجات. وكلّها تجد في نظام الكون العام ما يلّبي طبيعتها ويسمَح لها بالحياة. فهذه سُنّة الله في عباده ولن تَجِد لسُنّة الله تبديلاً ولا تحويلاً. فالعمل باللّيل شاق ومتعب للنّفس ولا يقبله العامل إلاّ لضرورة، والنّوم كذلك في النّهار متعب لا ينتفع به كنوم اللّيل ولو ساعات قليلة. ويشير القرآن الكريم إلى استحالة تحويل سُنّة الله الّتي فطر عليها الكون وما فيه فيقول: “قُلْ أرْأيْتُمْ إنْ جَعَل الله عليكُم اللّيلَ سَرْمَدًا إلى يوم القيامة مَن إلَهٌ غَيْرُ اللهِ يَأتِيكُم بِضِيَاءٍ أفَلا تسمعون * قُلْ أرأيْتُمْ إنْ جَعَلَ اللهُ عليْكُم النّهَارَ سَرْمَدًا إلى يوم القيامة مَن إلَه غيْرُ اللهِ يَأتِيكُم بِلَيْلٍ تَسْكُنُون فيه أفَلاَ تُبْصِرُون” القصص71-72.