توالت التقارير الدولية التي تضع الجزائر في خانة الدول الأكثر خنقا للحريات في المجال الاقتصادي. فبعد تقرير التنافسية العالمي الذي أدرج الجزائر في المرتبة 100 من أصل 148 دولة، جاء التصنيف الأخير الذي أجراه معهد ”فريزر” الكندي صادما، حيث صنف الجزائر في المرتبة 119 عالميا، جنبا إلى جنب مع الدول المتذيلة للترتيب مثل جمهورية الكونغو، وبورندي، إفريقيا الوسطى وأنغولا وتشاد. كشف معهد ”فريزر” عن تباين في المراتب التي حصلت عليها الجزائر في المؤشرات والمعايير المختلفة، حتى وإن كانت في مجملها متأخرة، حيث جاء ترتيبها العام في المرتبة 119 بمجموع 4.71 من أصل 10 نقاط، بالاعتماد على مقياس من 1 إلى 10، وكلما كان عدد النقاط أكبر كلما أشار ذلك لارتفاع مستوى الحرية الاقتصادية. وقيّم تقرير هذا العام مدى الحرية الاقتصادية في 152 دولة بناءً على خمس متغيرات رئيسية هي حجم الإنفاق الحكومي، والنظام القضائي وحماية حقوق الملكية الفكرية، ومتغير يقوم على السياسة النقدية، وحرية التبادل التجاري، وأخيراً الإجراءات الحكومية التجارية، وتنقسم كل من هذه المتغيرات الرئيسية إلى حوالي 40 متغير فرعي. وتبعا لذلك، يقوم التقرير بتصنيف الدول والمراكز التي تحتلها حسب السياسات المتبعة لتشجيع الحرية الاقتصادية والمجال المتاح لاتخاذ القرارات الاقتصادية، التي من شأنها تسهيل الاستثمار وإقامة المشاريع والأعمال كالتسهيلات التجارية أو نظام الضرائب والإجراءات الحكومية ومدى مرونتها والقوانين والضوابط الموضوعة على الملكية الأجنبية للأعمال . وجاءت الجزائر في المرتبة 121 في مؤشر النظام القضائي، نظرا لعدم استقلالية القضاء، والمركز 114 في حرية التبادل التجاري، بينما جاء ترتيبها 119 دولياً في حجم الإنفاق الحكومي وتبعه مركز أقل سوءا في القطاع النقدي 85، انتهاء بمؤشر الإجراءات والضوابط الحكومية والتجارية الذي احتلت فيه الجزائر المرتبة 118. ويضع التقرير ترتيبين وفق نفس المعايير، الأول ينطلق من المعطيات الرسمية التي تصرح بها الدول، والثاني يُحدده تقييم خبراء المعهد وفق ما يستقونه من معلومات حول الوضعية الاقتصادية للدول. وكلما كان الترتيبان متقاربين، كان ذلك دليلا على مصداقية الترتيب الذي يعتمد على المعطيات الرسمية، فسنغافورة مثلا احتلت المرتبة الثانية في كلا الترتيبين، بينما جاء ترتيب الجزائر في الأول 119، بينما تدحرج في الثاني إلى المرتبة 143 قبل تسع مراتب من المؤخرة فقط. والغريب في حالة الجزائر التي يقف عليها التقرير، أن مرتبتها في زمن الانفتاح الاقتصادي الذي انتهجته الحكومات المتعاقبة، قد تراجعت عما كانت عليه في فترة الاشتراكية، فجاء ترتيب الجزائر في سنة 2011 في المرتبة 119، بعلامة 4.71 من عشرة، في حين كان ترتيبها في سنة 1980 في المرتبة 90، بعلامة 3.82، ما يعني أن الجزائر تحسنت في العلامة ولكنها تدهورت في الترتيب. وتجدر الإشارة أن معهد فريزر يعد مؤسسة مستقلة غير ربحية مختصة بالأبحاث المتعلقة بالاقتصاد والعلوم السياسية، تأسست عام 1985.