كشف وزير الشؤون الخارجية، رمطان لعمامرة، أول أمس، أن المغرب لم يقدّم اعتذارات إثر الاعتداء، في نوفمبر الفارط، على مقر القنصلية العامة للجزائر بالدار البيضاء وتدنيس الراية الوطنية، عكس فرنسا التي أعربت عن أسفها بخصوص تصريحات الرئيس فرانسوا هولاند حول الأمن في الجزائر. وذكر لعمامرة، الذي نزل ضيفا على حصة ”على الخط” للقناة التلفزيونية ”كنال ألجيري”، بأنه ”كانت هناك اتصالات هاتفية من وزير الخارجية الفرنسي بنظيره الجزائري، ومن الرئيس الفرنسي بالرئيس الجزائري، تضمنت عبارات في غاية الأهمية فيما يخص العلاقات بين البلدين، أما مع المغرب فلم يحدث ذلك”. وأوضح في هذا الصدد أنه لا يحق له الحكم على طريقة رد فعل أي بلد في أوضاع مماثلة، مشيرا إلى أنه ”قد وقع حادث كذلك مع فرنسا، وكان بوسع الجميع ملاحظة المكالمات الهاتفية والبيانات واعتذارات هذا البلد. فهل صدرت اعتذارات من الرباط؟”. وقال لعمامرة إنه ”سواء كنا على توافق أو على خلاف حول مسألة ما، فأنا لا أعتقد أن تكون الطريقة الوحيدة للتعبير عن الخلاف هي تدنيس الراية الوطنية”، مضيفا أن ”الخلافات الموضوعية” يجب ألا تمنع البلدان المتجاورة من العيش معا والتعاون وتقليص مجالات الخلاف. من جهة أخرى، ذكر رئيس الدبلوماسية الجزائرية، بخصوص التهديد الإرهابي على المجتمع الدولي، أنه ”سبق للجزائر في زمن مضى أن كانت تحارب لوحدها آفة الإرهاب، وكثيرون هم الذين كانوا يتساهلون مع وصف للوضعية كان في غير محله ولا يتناسب مع التحديات التي كانت تواجهها الجزائر بوسائلها الخاصة”. وقال في هذا السياق: ”أتذكر أولئك الذين كانوا يتكلمون عن الوضع في الجزائر على أنه عنف سياسي، عوض تسمية الأشياء بمسمياتها والحديث عن الإرهاب”. وبرأي لعمامرة: ”لم يكن الأمر صادرا عن أشخاص أو سلطات أعجزها الجهل، وإنما كان مقصودا من أجل الإنقاص من قيمة كل ما كانت تقوم به الجزائر في هذا المجال، لها وللمجتمع الدولي”. وأضاف أن ”الإرهاب ومن الناحية الإستراتيجية يتراجع في الساحل، وهذا أمر لا جدل فيه”. وذكر بأن مكافحة الإرهاب في الساحل تفرض نفسها الآن على المجتمع الدولي، وأن الظاهرة لا ”تقتصر على حالة معزولة”، وأن لها فروعا فيما يخص أنظمة التمويل وتأمين الحدود ووثائق السفر وشبكات المتاجرة بالمخدرات والهجرة السرية. وعن العلاقات مع دول الجوار، أعلن وزير الشؤون الخارجية أن الجزائر ستستجيب ”بروح أخوية”، في ظل احترام مبدأ عدم التدخل الأجنبي، من أجل إخراج ليبيا وتونس من الأزمة التي يعيشها كلا البلدين، داعيا إياهما إلى الإيمان بمزايا الحوار. وأعرب لعمامرة عن ارتياحه لطبيعة ونوعية علاقات الجزائر مع تونس وليبيا وموريتانيا. وأكد وزير الخارجية أن الجزائر تساند مساعي المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة من أجل الصحراء الغربية، كريستوفر روس، وتدعو لتكثيف جهوده في المنطقة من أجل التوصل إلى استفتاء لتقرير المصير. ودعا إلى أن ”تتم معالجة الملف الصحراوي بجدّ، من خلال رزنامة زيارات ميدانية ولقاءات أكثر طموحا والتوفيق بين مناهج العمل”. وردا على سؤال حول المفاوضات غير المباشرة القادمة بين المغرب وجبهة البوليساريو، التي قد تعقد في السويد في جلسات مغلقة من دون حضور الجزائر وموريتانيا بصفتهما ملاحظين، قال لعمامرة ”إذا ارتأى السيد روس بأنه لا ينبغي أن يحضر البلدان في مرحلة ما من المفاوضات فنحن لا نرى مانعا في ذلك”. وأضاف أن ”الطرفين طرحا أفكارهما وخططهما الخاصة بالتسوية، وللسيد روس أن يعمل على تجسيدها وتشجيع تقارب وجهات النظر”، مذكرا أن ”القاسم المشترك” يبقى ”تنظيم استفتاء نزيه لتقرير المصير”. وعن سؤال حول مستقبل اتحاد المغرب العربي، ذكر لعمامرة أن جغرافيا المنطقة تجعل الجزائر البلد المحوري في المغرب العربي ”لأن له حدودا مع كل البلدان، كما أنه أكبر سوق وهو أغنى بالموارد”، مشيرا إلى أنه ”علينا إذن أن نكون أكثر صبرا من بلدان أخرى”، من أجل إعادة الاعتبار لاتحاد المغرب العربي وترقيته. من جهة أخرى، قال لعمامرة إن الوضع في سوريا يعتبر ”مأساة” للسوريين أنفسهم، وأنه ”يرهن” مستقبل المنطقة برمتها، معتبرا أنه ”كلما جاء الحل السياسي سريعا كان ذلك أحسن للجميع”، قائلا إن ندوة جنيف2 التي ستشارك فيها الجزائر ”تعد بداية لمسار سيكون شاقا وصعبا وليس سهلا من أجل التوصل إلى حل سلمي”. وأوضح رئيس الدبلوماسية الجزائرية، ردا على انتقادات رئيس حركة حمس دون ذكره، أنه لابد من ”تمييز دقيق بين الوضع الداخلي لمصر والدور الدولي لأي بلد”. وأضاف أن ”الدستور الجزائري واضح، وأن رئيس الجمهورية يحدد ويقود السياسة الخارجية للأمة، وأن الأمر لا يتعلق بسياسة حزب أو حكومة أو شخصية”. وأكد أن ”هناك أمورا تخضع للدستور وفصل السلطات والصلاحيات وأخرى تخضع للبيداغوجيا”، معربا عن تأسفه للحملة ”الشرسة” التي تستهدف السياسة التي تنادي بها الجزائر. وتأسّف رئيس الدبلوماسية الجزائرية قائلا: ”لم يتصل أحد بالوزارة للاطّلاع على الوضع. لم يبد أحد أي اهتمام لمعرفة كيف يمكن أن تساهم زيارة الوزير المصري في ترقية المصالحة الوطنية في هذا البلد”، معتبرا أن البعض يهدف حاليا إلى ”عزل مصر، وقد عاشت الجزائر هذا الوضع”.