أبصرت الحكومة اللبنانية النور اليوم على يد الرئيس المكلّف تمّام سلام، بعد مخاض عسير دام قرابة السنة. وبعد 10 أشهر من الأخذ والرد، ومحاولات متعددة لتذييل عقبات مختلفة من أبرزها توزيع الحقائب الوزارية وتم التوافق بين مختلف الافرقاء اللبنانيين على تشكيلة نهائية جامعة ضمت كل الاحزاب.بعد أن قطع تشكيل الحكومة اللبنانية في صعوبات متعدّدة من المناقشات والمحادثات، بين توزيع الحقائب بالطريقة التي ترضي الطرفين ما يُعرف بخطي 8 آذار و14 آذار التي دار بينها النزاع على المناصب، إضافية إلى عراقيل خارجية وإقليمية لم يعد خافياً على أحد أهميتها في أي استحقاق لبناني داخلي.في منتصف آذار (مارس) 2013، قدّم رئيس الحكومة نجيب ميقاتي إستقالته برسالة إلى الشعب اللبناني، إثر خلاف سياسي أبرزه التمديد لمدير عام قوى الامن الداخلي اللواء أشرف ريفي. إلاّ أن الإستقالة لم تُخرج لبنان من "نفقه المظلم"، بل فاقمت الأزمة وصولاً إلى فلتان أمني كبير يكاد يكون الأكبر منذ الحرب الأهلية اللبنانية.تلعب الحرب في سورية، دوراً أساسياً بالتأثير على الواقع اللبناني، وشكّل مؤتمر جنيف 2 موعداً في خريطة طريق تشكيل الحكومة الللبنانية، في ظلّ تبادل التهم بين المعنيين بتشكيل الحكومة بانتظار "إشارة" من الوضع في سورية من أجل "تمتين" ورقته أكثر في المفاوضات على الحقائب والحصّة الحكومية. وكانت أصوات متعدّة من فريق 14 آذار نادت بعدم تشكيل حكومة مع حزب الله، رداّ على تدخّله "المعلن" في الحرب في سورية، وعلت هذه الأصوات بعد اغتيال محمد شطح، المعروف بوسطتيه.مع دخول عام 2014 من دون تأليف حكومة، وعلى رغم تكثيف الإجتماعات والاتصالات بحثاً عن مخارج للعقد التي كانت تعيق تشكيل الحكومة العتيدة، لم تسفر المشاورات السياسية عن حلحلة في مداورة الحقائب وبقيت عالقة في انتظار تذليل العقبات من المعنيين.اتسمت الاتصالات وفق صيغة 8+8+8، أي بتساوي قوى 8 آذار و14 آذار والوسطيين في التمثيل الوزاري، بالتكتم الشديد، وتمحورت حول الأجوبة عن الأسئلة الخمسة التي طرحتها قوى 14 آذار حول شكل الحكومة وضمانة عدم حصول قوى 8 آذار على الثلث المعطل فيها، وحول البيان الوزاري والمداورة في الحقائب وحول حرية رئيس الجمهورية ميشال سليمان والرئيس المكلف تمام سلام في رفض تسمية أي وزير لا يوافقان عليه في الحكومة.ومع بداية الشهر الحالي، جرى الحديث عن تشكيلة غير رسمية لأعضاء الحكومة اللبنانية، إذ بدأ الترويج لعدد من الأسماء المرشحة لشغل مناصب وزارية، لكنها تتعامل معها على أنها ليست نهائية وتبقى خاضعة لبعض التعديلات من جانب رئيس الجمهورية ميشال سليمان والرئيس المكلف تمام سلام، على اعتبار ان لهما حق «الفيتو» الذي يقضي باستبعاد أي اسم يمكن أن يشكل استفزازاً أو تحدياً لهذا الفريق أو ذاك.وفي ظلّ بروز ظاهرة الانتحاريين في استهداف مناطق لبنانية، واستهداف حياة الآمنيين، كُثّفت الاتصالات من أجل تشكيل حكومة تحدّ من دوامة الخراب الأمني والإقتصادي، وجاء تشكيل الحكومة غداة لقاء بين قيادتي «التيار الوطني الحر» وتيار «المستقبل» أدى الى التوافق على معالجة العقبات أمام إعلان الحكومة الجديدة.