التوقيت المحدد والردع والتحسيس مفاتيح النجاح تعرف أكبر أحياء وشوارع بلديات العاصمة انتشارا رهيبا للنفايات والأوساخ، حولتها إلى مزابل عمومية على الهواء الطلق، رغم المجهودات التي بذلتها مصالح ولاية الجزائر لتجسيد نظافة حقيقية في العاصمة وتسخيرها أموالا ضخمة، وكذا تعليمات الوالي الصارمة في هذا القطاع بالذات في العديد من خرجاته الميدانية، والتي لم تؤت ثمارها على أرض الواقع. لاحظت ”الخبر”، خلال زياراتها لعدة بلديات، أن أكوام النفايات لا يمكن أن تفارق هذه الأحياء، بل أصبحت ديكورا اعتاد المواطن على مشاهدته يوميا، رغم أن والي العاصمة قال في آخر اجتماع له بالمجلس الشعبي الولائي خلال دورته العادية، بأن ”مشكل النفايات انتهى..، كما أن حكومة سلال قد صادقت على ميزانية اقتناء العتاد الخاص بالنظافة والمقدرة ب 600 مليار سنتيم”. وجهتنا الأولى كانت بلدية براقي وبالضبط حي مريم، حيث كانت ”المزبلة العملاقة” في مدخله خير دليل على ما كنا نتحراه. وفي حديثنا مع السكان قالوا ”إن منظر الأكياس والنفايات بات لا يفارقنا في كل نقطة بالحي”. أما أحياء 2004 مسكن وبن طلحة، فقد امتدت بها الأوساخ على طول الطريق وسط روائح سببها غياب عمال البلديات الذين انضووا تحت مؤسسة ”اكسترانات” الجديدة. ولم نقدر على التمييز بين أحياء وشوارع بلدية الكاليتوس، كونها تشترك في نفس الصورة التي رسمتها أكياس سوداء وأوساخ منتشرة في كل نقطة من البلدية، لكن في أولاد الحاج وقفنا على أطنان من النفايات المنتشرة في كل الزوايا والاتجاهات، حيث امتدت مساحتها إلى حي الشراربة. وبجسر قسنطينة فالقمامات لاتزال تحاصر السكان أمام منازلهم، خاصة بأحياء عين النعجة وعين المالحة ومكنوش مصطفى. الجولة الميدانية التي قادت ”الخبر” إلى الحراش، جعلتنا نقف على أكوام كبيرة من النفايات، حيث تحول حي وادي أوشايح بباش جراح إلى مفرغة عمومية بجانب البيوت القصديرية. وبحي الينابيع وديصولي ببوروبة، ”فضّل” سكان هذه المنطقة الرمي العشوائي للنفايات بالوادي المجاور لهم لغياب الحاويات. وواصلت ”الخبر” جولتها ببلدية باب الوادي، حيث لاتزال العديد من أحيائها وممراتها تعاني من مشكل تراكم النفايات، رغم حملة النظافة الظاهرية والسطحية التي أشرف عليها زوخ، حسب المواطنين الذين أكدوا أن محيط سوق الثلاث ساعات تحول إلى ”نقطة سوداء” نظرا لمخلفات الباعة ونشاطهم الفوضوي. أما سكان الجهة الشرقية للعاصمة، فاستغربوا عدم تحكم السلطات في ضمان سلامة المحيط، بسبب غياب أعوان النظافة وعدم القيام بواجبهم كما ينبغي. الحل ليس في الرجل البرتقالي وحده .. ميزت عديد خرجات الوالي زوخ إلى بلديات العاصمة تواجد ”الرجل البرتقالي” الذي تم تجنيده لتنظيف الأحياء الرئيسية التي سيزورها الوالي، وكذا حفظ ماء وجه ”الأميار” تفاديا لتوبيخات زوخ، في حين قال شباب آخر بأن هؤلاء الأعوان هم من ”مقربيهم ومعارفهم” استنجدوا بهم لتنظيف النقاط السوداء. لكن في مقابل هذا، يؤكد الخبراء في مجال البيئة أن حلولا عملية وتقنية متوفرة وبإمكانها القضاء على ظاهرة تراكم النفايات، ويتمثل العامل الأول في التوقيت، حيث يتعين، حسب الخبراء، إعادة تحديد توقيت رفع النفايات المنزلية، فإن التوقيت المناسب يمتد من الساعة التاسعة ليلا إلى منتصف الليل، وهو التوقيت الذي كان معمول بها في الجزائر خلال الستينيات إلى الثمانينيات وبوسائل أقل من الناحية المادية. كما يلاحظ أن تجربة ”اكسترانات” أعادت استنساخ تجربة وطرق عمل ”ناتكوم” في المناطق والبلديات المعنية بها، وعليه لم تبرز أي نتائج إيجابية على مستوى معالجة النفايات إلى حد الآن، ولا ينتظر المختصون أن تكون هناك نتائج طالما تم اعتماد نفس الأساليب التي تبين محدوديتها، يضاف إلى ذلك غياب الجانب العقابي والردعي والذي يتعين تفعيله للحد من التجاوزات .