كشفت الأيام الأولى للحملة الانتخابية عن فارق كبير في الإمكانيات التي يحوزها كل مرشح من بين المرشحين الستة للانتخابات الرئاسية المقبلة، ما خلق تباينا كبيرا في صناعة الصورة المقدمة للرأي العام، ويمكن بشكل بسيط تحقيق ملاحظة هامة عن حجم الفارق بين شكل تجمعات الرئيس المترشح وتلك التي يعقدها علي فوزي رباعين بغض النظر عن عدد الحاضرين. الفرق في “جمالية” الصورة المنقولة عن تجمعات المرشحين الستة للرأي العام شاسع جدا، بشكل يعكس تماما الفرق في الإمكانيات التي يحوزها المتنافسون الستة وهو عامل على درجة كبيرة من التأثير بغض النظر عن محتوى الخطاب ومدى شعبية كل مرشح، ويبدو دون إشكال كبير أن حملة الرئيس المترشح عبد العزيز بوتفليقة تحوز على حجم كبير من الإمكانيات، ما يؤكد الحديث الذي دار عن أموال ضخمة رصدها في صالحه أنصاره من رجال المال لتغطية غياب صورة الرئيس نفسه عن تنشيط حملته والدفاع عن برنامجه. وكشفت الصور المنقولة عن تجمعات عبد المالك سلال مدير حملة الرئيس، أو القادة الخمسة الآخرين الذين ينشطون حملته ويتولون مناصب قيادية في مديرية بوتفليقة الانتخابية، عن إمكانات تبهر الحاضرين، بوجود آلاف اليافطات التي تحمل صور الرئيس “الغائب” وعمليات لتوزيع قمصان وقبعات ومطبوعات ملونة وأحيانا أقراص مضغوط، بالإضافة إلى فرق صحفية متنقلة بين كل الولايات تشتغل لصالح إحدى القنوات التلفزيونية الجديدة، وأيضا لقناة المترشح على الأنترنت، وبالطبع يضاف هذا لفريق كبير من رؤساء النشرات والتقنيين المحترفين الذين جلبتهم مديرية بوتفليقة للإعلام لأجل الحملة، وكل هذه الأمور تحتاج لضخ أموال كبيرة يبدو وفق المرشحين الستة أن سقف الستة ملايير سنتيم التي يحددها قانون الانتخابات لا تغطيها تماما. ويكفي تصور حجم الإمكانات في حملة الرئيس قياسا لقدرته على تمويل خمسة إلى ستة تجمعات بشكل يومي، أما في الصورة المخالفة وعلى النقيض، يمكن أخذ انطباع أن مرشحا كعلي فوزي رباعين لا يملك أدنى الإمكانيات المالية مقارنة بالرئيس المترشح حتى لتسويق صورة رئيس مفترض للبلاد في وقت تبدلت معطيات الإقناع لصالح الوسائط الافتراضية بالخصوص، والعيب هنا لا يتحمله رباعين لأن المسؤولية على عاتق القانون والأخلاقيات اللذين يفترض أن يضبطا الفوارق في الإمكانيات المتاحة لكل مترشح، مع العلم أن مؤسسات وطنية معروفة تكفلت بنقل أنصار بوتفليقة إلى القاعات التي يتواجد فيها منشطو حملة الرئيس، ويكفي فقط الإشارة إلى أن مدير حملة الرئيس بوتفليقة عبد المالك سلال يستخدم القاعة الشرفية للمطارات خلال تنقلاته في الحملة الانتخابية، بينما بقية المترشحين يسافرون عبر الممرات العادية الموفرة لعامة المسافرين. ومن الواضح أن وراء كل من المرشحين عبد العزيز بوتفليقة وعلي بن فليس ودون غيرهما، فريق متكامل يشتغل على صناعة صورة المتنافسين على شبكة الأنترنت، وكلا المرشحين يملكان موقعا خاصا ومتجددا على شبكة الأنترنت، واللجوء إلى هذه التقنيات برغم ما تحتاجه من تمويل، تمكن للمرشحين من “الهروب” من الزمن “الضئيل” الذي يوفره التلفزيون الحكومي والذي يعاني أصلا من فرار المتابعين لبرامجه. ولا يتوقف حجم الإمكانات على صورة المرشحين الستة في التجمعات الشعبية وكفى، فالفارق تصنعه المداومات التي تروج لخطاب المرشحين، ويكفي معرفة أن مرشحا كبوتفليقة يملك في بعض مقار الولايات عشرات المداومات الفرعية، في حين لم يتمكن آخرون إلا بصعوبة بالغة من فتح مداومة وحيدة في ولاية بأكملها، وينتج عن ذلك لقاءات جوارية مكثفة ودعوات لحفلات مجانية وولائم وغيرها من طرق جذب الجماهير.