تقرر اختتام الدورة الربيعية للبرلمان التي تعد من أقصر الدورات البرلمانية، والأقل مردودية إذا استثنينا مناقشة مخطط عمل الحكومة، حيث تم تحطيم الرقم القياسي لعدد المتدخلين ب351 مسجلا، في 24 جويلية الجاري. جرى تمديد الدورة الربيعية إلى هذا التاريخ، عكس مرات سابقة، لتدارك التأخر المسجل في الأشغال في الدورة الحالية التي لم تنطلق إلا في أواخر ماي وجوان الماضيين، لانشغال المنتخبين بالانتخابات الرئاسية، شهري مارس وأفريل. وناقش النواب خلال الدورة الحالية مخطط عمل الحكومة، وتدخّل غالبية النواب في النقاش في خطوة فهمت على أنها محاولة من ممثلي الشعب، إظهار جديتهم، وخصوصا بعد أن بلغ مسامعهم وبصوت عال أن السلطة قد تتوج مسار ”الإصلاحات” الجديد الذي يتضمن تعديل الدستور بحل المجلس الشعبي الوطني، وإجراء انتخابات تشريعية مسبقة. وأثارت التهديدات بحل المجلس والتي تولت البرلمانية المخضرمة لويزة حنون الترويج لها، خوف كثير من ممثلي الشعب من العودة إلى قراهم و بلداتهم، وظهر تغيير لافت في سلوك النواب، وخصوصا حزب جبهة التحرير الوطني الذين يحوزون على أغلبية المقاعد، حيث استأثروا بقائمة المتدخلين واختاروا بعناية توقيت تدخلاتهم، كما وضعوا مطلب حزبهم بالحصول على منصب الوزير الأول جانبا، وفضلوا لعب دور خط الدفاع الأول عن مخطط عمل الحكومة، موجهين نيرانهم إلى نواب المعارضة، ما تسبب في تلاسن ومشاحنات، بلغت حد الاشتباك الجسدي تحت مرأى ومسمع أنظار الحكومة، ومنهم وزراء جدد اكتشفوا لأول مرة دهاليز البرلمان. وتبعت مناقشة مخطط عمل الحكومة الذي عارضه الإسلاميون، فيما فضل نواب الأفافاس و«العمال” مسك العصا من الوسط، رغم قناعة أغلبية النواب بأن المخطط لم يكن سوى إعلان نيات، يفتقد للأرقام، ورغم عدم تقديم الحكومة حصيلتها، في انتهاك جديد لأحكام المادة 84 من الدستور التي تلزم الحكومة بتقديم حصيلتها السنوية (بيان السياسة العامة). ويبدو أن الخوف من حل المجلس، جعل الأغلبية تقبل بانتهاك الدستور خشية إثارة نقمة الجهاز التنفيذي. وشغل البرلمان نفسه ببرمجة جلسات أسئلة شفوية، سجلت فيها الغيابات أرقاما قياسية جديدة، ومنها أصحاب الأسئلة أنفسهم، كما حدث في الجلسة الأخيرة بالمجلس الشعبي الوطني، حيث غاب ثلاثة نواب معنيين مباشرة بالأسئلة، ما يتطلب إصلاحا عميقا لهذه الآلية. وناقش النواب أربعة نصوص تشريعية، منها مشروع قانون الخدمة الوطنية، الذي تقرر فيه تقليص الخدمة العسكرية إلى سنة واحدة، فيما اعتبر أنها هدية من المؤسسة العسكرية للرئيس بوتفيلقة الذي وعد خلال حملته الانتخابية بتقليص فترة الخدمة العسكرية. ولازالت مجموعة نصوص تنتظر دورها في الإدراج، ويبدو أنها ستؤجل من جديد للدورة المقبلة للبرلمان.