تعيش مدينة ريو دي جانيرو البرازيلية، هذه الساعات والدقائق، على وقع نهائي الطبعة العشرين من المونديال، بين الأرجنتين وألمانيا، وهو النهائي الذي يحبس أنفاس البرازيليين الذين أضحوا عاجزين عن فعل أي شيء وهم يرون بأعينهم حلمهم يضيع، متمنين في الوقت نفسه أن ينتهي هذا الكابوس بسرعة وألا يتحوّل هذا الحلم إلى حقيقة لغريمهم التقليدي منتخب “التانغو” الذي غزى مناصروه هذه المدينة الساحلية الجميلة بجمال شواطئها، وبالأخص الشاطئ الأسطوري كوبا كابانا . كما كانت متوقّعا، حوّل أكثر من 120 ألف أرجنتيني هدوء مدينة ري ودي جانيرو إلى صخب بأتم معنى الكلمة، فلا تجد شارعا من شوارع هذه المدينة الساحلية الجميلة، إلا والأعلام البيضاء والزرقاء ترفرف، فوق العمارات والسيارات، وحتى في شاطئ كوبا كابانا، في مكان الراية البرازيلية، وكأن البلد يعيش احتلالا كرويا للأرجنتين الذين لا يملك غالبيتهم تذاكر الدخول إلى ملعب ماراكانا بفعل نفاذ التذاكر الأصلية، وحتى المزوّرة نفذت، إلا أنهم أبوا إلا أن “يحتلوا” مدينة رييو دي جانيرو لكسب على الأقل معركة الشارع والمدرجات، وكلهم أمل في كسب رفاق ميسي معركة الميدان أمام “الماكينة “ الألمانية . 25 ألف عون أمن لتأمين النهائي وأمام هذا التدفق الهائل للأنصار الأرجنتينيين، كثّفت الشرطة المحلية بريو دي جانيرو، أعدادها بالآلاف، تفاديا لأي حادث قد يفسد العرس الكروي العالمي الذي سيشد إليه انتباه الكل سهرة اليوم. وفي هذا السياق، أعدت السلطات المحلية بريو دي جانيرو العدة للتصدي لأي انزلاق، سواء من قبل المناصرين أو حتى من بعض القوى الاجتماعية التي دعت اليوم للمظاهرات ضد النفقات الحكومية لهذا الموعد الكروي، حيث أكد وزير الداخلية في الحكومة المحلية لمقاطعة ريو دي جانيرو، جوزي ماريانو بيلترامي، في تصريحات صحفية أن مصالحه خصصت أكثر من 25 ألف عون أمن من مختلف الأسلاك الأمنية (شرطة، جيش ووحدات خاصة) لتأمين النهائي، كاشفا “إنها أكبر عملية أمنية تشهدها مدينة ريو دي جانيرو في التاريخ .” وبالرغم من كل هذا، تعرف شوارع ريو دي جانيرو بعض التجاوزات، لاسيما من قبل المناصرين الأرجنتينيين الذين لا يزالون يستفزون نظراءهم البرازيليين بعد السباعية التاريخية، متحدين أعوان الأمن، الذين وبالرغم من الخطط الأمنية المحكمة المنتهجة لتأطير “الجماهير الأرجنتينية” المتواجد بريو دي جانيرو، إلا أنه في بعض الأحيان حدثت مناوشات، غير أنه ولحسن الحظ لم تعرف الحالة سوءا. البرازيليون ينضمون إلى المعسكر الجرماني الألمان، من جهتهم، توافدوا بكثرة على مدينة ريو دي جانيرو. إذ وبالرغم من قلة أعدادهم مقارنة بالمناصرين الأرجنتينيين، إلا أنهم هم أيضا يصنعون الفرجة، بأغانيهم الرياضية التي تمجد إنجازات المهندس يواخيم لوف، متخذين شوارع غرافيتي وبيريرا نونيس وحتى شاطئ إيبانيما معاقل لهم قبل الموعد المنتظر اليوم بميدان ماراكانا . أنصار “المانشافت” الذين يناصر أغلبهم الفريق البافاري بارين ميونيخ، تلقوا الدعم والمساندة من أصحاب الضيافة، حيث قرر عدد كبير من البرازيليين إضافة أصواتهم إلى صوت “الجرمان” لعلهم يعيدون سيناريو السباعية “فإذا عمت خفت”، حسبهم، خاصة أمام استفزازات الأرجنتينيين الذين لم يتوقفوا عن ترديد في كل مرة “أونو، دوسي، تريسو، كواترو، سينكو، سيتو، سيتي.. أولاه .. أولاه”، وهي العبارات التي ينزعج منها البرازيليون الذين أصبحوا مكتوفي الأيدي، خاصة مع التواجد الأمني المكثف، ما جعل بعضهم يناصر بصوت عالي المنتخب الألماني علنا وجهرة نكاية في الأرجنتينيين. ومهما كانت الاستفزازات والمناوشات “الخفيفة” طبعا، فإن أنصار المنتخبين يصنعون حقا هنا بريو دي جانيرو، الفرجة بأهازيجهم التي لم تنقطع منذ الكشف عن منشطي النهائي التاريخي الذي ينتظر أن يكون عرسا في الميدان وفي المدرجات .