لا نطلب من الجيوش العربية قتال إسرائيل ولكن أعطونا سلاحا إسرائيل استغلت الخلاف بين مصر وحماس لضرب غزة أدان الدكتور ماهر الطاهر، عضو المكتب السياسي ومسؤول العلاقات السياسية في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، موقف جامعة الدول العربية إزاء تدهور الوضع في قطاع غزة، واتهمها باستدعاء حلف الناتو ومشاركتها في تدمير ليبيا، وشغر المقعد السوري بالجامعة، وصمتت صمتا مريبا عن استمرار العدوان على القطاع، وقال إن ضررها أصبح أكثر من فائدتها. تشاركون في المفاوضات غير المباشرة التي تحتضنها القاهرة لوقف العدوان الصهيوني على قطاع غزة، كيف هو الوضع مع انقضاء مدة الهدنة؟ فصائل الوفد الفلسطيني المتواجدة بالقاهرة سلمت المسؤولين المصريين ورقة تتضمن موقفها الموحد بشأن الهدنة ووقف إطلاق النار في غزة لعرضها على الجانب الإسرائيلي، وهناك خمسة ملايين و500 ألف فلسطيني في الشتات يريدون تصفية حقوقهم، ومليون و400 ألف فلسطيني موجود على أرض فلسطين التاريخية في حيفا ويافا، هم في خطر حقيقي، بسبب المخطط الإسرائيلي الذي يهدف لتصفية شاملة للقضية الفلسطينية وحق العودة، لأن إسرائيل لا تريد أن تكون دولة فلسطينية مستقلة وذات سيادة، وأن تظل تحت الإدارة والسيطرة الإسرائيلية الكاملة اقتصاديا وأمنيا، والشعب الفلسطيني لا يقبل بهذا، والرسالة الأساسية التي وجهها شعبنا العظيم على أرض قطاع غزة، أننا لن نقبل بمثل هذه الأمور، ومشكلتنا الحقيقية أنه عندنا شعب فلسطيني أظهر للجميع استعداده للمقاومة، وبطريقة أسطورية أذهل العالم كله، ولكن مشكلتنا أن العالم العربي مشغول بقضاياه وغارق في مشاكل طائفية ومذهبية، وبالتالي أضحت الدول العربية مشغولة بهمومها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، ولذلك فإننا في وضع عربي فيه جفاء، ومعروف أن قضيتنا عربية تتقدم بتقدم الوضع العربي وتتراجع بتراجعه، وللأسف نحن ندفع ثمن هذه الانقسامات والصمت العربي وتواطؤ بعض الأطراف، وفي نفس الوقت لا نريد أن تدخل الجيوش العربية وتحارب في فلسطين، ولكن نقول لهم قدموا لنا الدعم واسمحوا بدخول السلاح للشعب الفلسطيني، وستجدوننا كفيلين بالتعاطي مع إسرائيل وتحرير أرضنا، ولدينا الاستعداد بكل أشكال المقاومة، ونستطيع أن نحرر أرضنا بالاعتماد على أنفسنا، شرط أن يسمحوا بدخول السلاح. في نفس الوقت، نحن لا نثق في المجتمع الدولي لأنه منافق، ولديه ازدواجية معايير في تناول القضايا، يعرف الحقائق ويدركها جيدا لكنه يدعم إسرائيل وله مصالح معها، وبالتالي ليس أمامنا من طريق كفلسطينيين، إلا أن نوحد صفوفنا، وأهم نقطة حققها شعبنا العظيم في غزة أنه وجه رسالة لكل الفصائل الفلسطينية، وأن نقول كفى انقساما وعودوا إلى الوحدة الوطنية الفلسطينية، ووحدوا صفوفكم وقواكم واتفقوا على إستيراتيجة عمل واضحة. وهل تظن أن فصائل المقاومة بمختلف أشكالها ستأخذ الأمر بعين الاعتبار، وتفكر بجدية في إنهاء الانقسام والاتجاه إلى الوحدة الوطنية؟ لا أستبعد ذلك، والآن تم تشكيل وفد فلسطيني موحد جاء إلى القاهرة، وهذه خطوة جيدة، ونأمل أن تكون دماء الأطفال والنساء الطاهرة التي سالت في غزة، والدمار والخراب الذي لحق بالمنطقة، أن يشكل بداية من أجل ترتيب الداخل الفلسطيني، وبناء الدولة الوطنية الفلسطينية الحقيقية بقيادة جماعية فلسطينية، ودعوة جميع الفصائل لكي يتم إدارة الشأن الفلسطيني بشكل جماعي، ونأمل فعلا أن يستخلص الجميع وخاصة السلطة الفلسطينية، دروس المرحلة السابقة، لأن أي رهان على استمرار المفاوضات، وما يسمى بإقرار السلام برعاية أمريكية، كل هذا أصبح كلام يثير للسخرية، لذلك لابد من وحدة وطنية ورسم إستيراتيجة عمل فلسطينية جديدة على قاعدة استمرار المقاومة والكفاح. وهل انشغال العرب سبب كاف لصمتهم؟ أي ربيع عربي هذا الذي يريد أن يستوقف القضية الفلسطينية، ويتركنا نقاتل لوحدنا إسرائيل التي تشكل خطرا على الأمن القومي العربي برمته، وليس على الشعب الفلسطيني فحسب، والآن بات واضحا أن هناك مخططا كبيرا يستهدف تقسيم العالم العربي وتفتيته، وإقحام كل دولة عربية في مشاكل هي في غنى عنها، وتخريبها وتدمير نسيجها الاجتماعي، وخلق صراعات مذهبية وطائفية وحرف الصراع، بدل من أن يكون الصراع مع إسرائيل يتم توجيهه بإتجاه صراع مع الشيعة والسنة، حتى يحدث اقتتال داخل بيت المسلمين وبين الطوائف، لذلك يجب أن نتنبه إلى هذا المخطط الكبير الذي يستهدف تفيتيت الأمة العربية والقضية الفلسطينية، نحن كفلسطينيين نشعر بهلع عميق لأن طوال شهر كامل وشعبنا يتعرض لهذا العدوان غير المسبوق، وتدمير وقتل عائلات بأكملها، وهناك حوالي 50 عائلة استشهدوا بالكامل، ناهيك عن تدمير المساجد والمستشفيات وبيوت على رأس ساكنيها، هذه الأعمال العدائية هي في الحقيقة جرائم ضد الإنسانية، ولم أشاهد تحركا عربيا، ومع ذلك لا يمكن أن نفقد ثقتنا بأمتنا العربية وبشعبنا العربي، ونحن على قناعة بأن هذا الشعب العربي مع القضية الفلسطينية وسيبقى معها، وأملنا كبير أن تستطيع الأمة العربية معالجة همومها وقضاياها، وأن تبقى بوصلتنا تجاه فلسطين. لكن المقاومة صفعت العرب بصمودها، وباتت إسرائيل متخوفة من رد فعلها، ولأول مرة تعترف بجزء من الخسائر التي منيت بها. بالفعل، لقد اعترفت إسرائيل بمقتل 64 وجرح 400، وفي اعتقادي هناك خسائر أكبر، ونستطيع أن نطلق على ما يجري في غزة أنها معركة “كاشفة العورات”، فقد كشفت حقيقة حجم تخاذل الدول العربية تجاه القضية الفلسطينية وكشفت العورات، أين جامعة الدول العربية التي منظمة التحرير الفلسطينية عضو فيها، الجامعة العربية بقيت صامتة سوى بيان صادر عن أمينها العام، فعلا شيء مخز ومعيب للموقف العربي الرسمي، بينما هذه الجامعة العربية تحركت في ليبيا ودعت حلف الناتو للتدخل ودمرت ليبيا، كما تحركت بسرعة وكانت تعقد لقاءات واجتماعات في سوريا وألغت مقعدها، وعندما تعلق الأمر بفلسطين واجهنا فعلا عملية صمت مريبة ومعيبة، الأمر المؤكد أننا لم نعد بحاجة لمثل هذه الجامعة، التي أصبح ضررها أكثر من فائدتها، لا تتحرك وتصمت صمت القرون، وعندما تتحرك تتحرك بطريق ضد مصالحنا العربية، لذلك معركة غزة فعلا كشفت العورات، وبالتالي نحن أمام نظام عربي رسمي منهار ومتواطئ تجاه القضية الفلسطينية، وإذا كانت الأمة العربية تمتلك مثل هذا الشعب الفلسطيني المستعد لهذا المستوى من التضحيات، لماذا إذا كنتم تمتلكون مثل هذا الشعب، لماذا لا تقدمون له السلاح حتى يخلصكم من كل الخطر الصهيوني على المنطقة، ويستطيع شعبنا فعل ذلك، لكن يريد فعلا من العرب أن يقدموا له الدعم اللازم، أما أن يمنعوا علينا دخول السلاح ويفرضوا حصارا علينا، هذا موقف حقيقية غير مفهوم ويطرح سؤالا جديا، هل الدول العربية تريد بقاء إسرائيل وأصبحت مصالحها معها. لكن هناك من لخص ما يحدث في غزة على أنه صراع بين حماس وإسرائيل، ما قولك؟ هذه محاولات تضليل وتزييف، وهم يريدون القضاء على صمود غزة وسلاح المقاومة هناك، ويريدون فرض الاستسلام على الشعب الفلسطيني والانصياع لما تريده إسرائيل، وبالتالي حصلت خلافات بين مصر وحماس، في موضوع جماعة الإخوان المسلمين وما إلى ذلك، واعتبرت إسرائيل أن هذه الفرصة ذهبية، وحاولت تصوير المعركة على أنها بين حماس وإسرائيل، لكن حماس جزء من المقاومة الفلسطينية وجزء من مكونات الشعب الفلسطيني، أما شعبنا يضم العديد من الفصائل والاتجاهات، وأساسا شعبنا يقاتل وينضال ويكافح ويقاوم قبل ظهور حماس بعشرات السنين، وقد تم تأسيسها خلال العقود الثلاثة الماضية، وثورتنا الفلسطينية المعاصرة انطلقت منذ حوالي 60 عاما، وبالتالي كفاح الشعب الفلسطيني مستمر ومتواصل، لكن هذه الحجة يريدون من خلالها تبرير تواطئهم ضد الشعب الفلسطيني، ويريدون القضاء على المقاومة تحت هذه الشعارات المزيفة، لذلك جاءت مهمة الوحدة الميدانية التي حصلت على الأرض في قطاع غزة بين كل الفصائل، كتائب الشهيد مصطفى والأقصى والقسام وسرايا القدس وألوية الناصر صلاح الدين، وكان الجميع يخوض المعركة، والآن نحن أتينا إلى القاهرة كوفد موحد حتى نقول لهم لا تحاولوا استغلال الخلافات الفلسطينية الفلسطينية، أما هذه الحجج هدفها تبرير هذه المعركة، وإسرائيل اعتبرت أنها تستطيع أن تحقق أهدافها العدوانية على ضوء هذا الوضع العربي والإقليمي، من خلال الجريمة التي اقترفتها في قطاع غزة، ونحن الآن بصدد توثيق الجرائم التي حصلت، ويجب ملاحقة هؤلاء المجرمين القتلة النازيين، وهذه خطوة أساسية في المرحلة المقبلة، ردا على جرائم ضد الإنسانية الواضحة التي اقترفوها، ولدينا كل الدلائل والشواهد على ذلك، لذا بات ضروريا الذهاب إلى محكمة العدل الدولية. وهل تعتقد أن الحديث عن حكومة وفاق وطني في هذه الأثناء، يمكن أن يساهم في إضعاف الكيان الصهيوني؟ أعتقد أن أحد أهم استهدافات العدوان، شعور إسرائيل بالقلق بوجود بوادر اتفاق، فقد كانت مرتاحة جدا لبقاء الانقسام بين غزة ورام الله، وهي تعمل على ذلك، وعندما تم تشكيل حكومة التوافق أرادت إسرائيل تخريبها، وقد قدمنا ورقة لإعادة إعمار غزة من خلال حكومة توافق وطني، لكن بصراحة الوضع الفلسطيني بحاجة لأن يبدأ من منظمة التحرير الفلسطينية، إذا أردنا بناء وحدة وطنية حقيقية، على اعتبار أنها هي الإطار الذي يجمع الشعب الفلسطيني داخل فلسطين وخارجها، نحن شعب ال12 مليونا، ولدينا 6 ملايين فلسطيني في الشتات، وهؤلاء طاقة كبيرة، ويجب أن تكون طاقات شعبنا موحدة في الداخل والخارج، وهذا لن يتم إلا عبر إطار منظمة التحرير الفلسطينية، ولذلك لابد أن نعمل من أجل إحياء هذه المنظمة وإعادة بناء مؤسسة التحرير، وعقد مجلس وطني فلسطيني بمشاركة كل القوى الوطنية، حتى يكون إطارا قياديا فاعلا وموحدا، يضم طاقات كل الشعب الفلسطيني وفصائله في الداخل والخارج. ألا تفكر في العودة إلى غزة مرة أخرى؟ أنا زرت غزة قبل سنة ونصف، وكانت المرة الأولى التي أدخل فيها الأرض الفلسطينية في حياتي، أنا ولدت بدمشق لأن أهلي عرب 48 من حيفا، لجأوا إلى هناك وأقاموا فترة في لبنان، وبعد ذلك انتقلنا إلى سوريا، ولم أكن أستطيع دخول غزة أو الضفة، وأتيحت لي الفرصة قبل سنة ونصف لدخول غزة، وفعلا كانت أسعد عشرة أيام في حياتي، عندما شهدت أهلي وشعبي، ولأول مرة شعرت بأن كل ما يحيط بي فلسطيني، لأننا نحن في الخارج لدينا شعور اللاجئ، وعندما ذهبت إلى غزة وجدت الأكل فلسطيني والمكان فلسطيني والأرض فلسطينية والسماء والبحر والناس، وفعلا هذا شعور غريب جدا لم أشعره طوال الستين سنة الماضية، وأنا كلاجئ لدي شعور بالحنين إلى صدر دافئ في غزة، والآن أفكر في زيارتها مجددا وكل شعبنا يتوق لذلك.