جاء عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه قال: "صيام يوم عرفة أحتَسِبُ على اللّه أنّه يُكفِّر السنَة الّتي قبله والسنة الّتي بعده" رواه مسلم وغيره. ويوم عرفة هو اليوم التاسع من ذي الحِجّة، وقد أجمع العلماء على أنّ صوم يوم عرفة أفضل الصّيام في الأيّام، فصومُه رِفعة في الدَّرجات، وتكثير للحسنات، وتكفير لذنوب سنتين. يُندَب الإكثار من الأعمال الصّالحة من صلاة نفل وصيام وصدقة وذِكْر وغيرها في أيّام عشر ذي الحِجّة عمومًا، وفي يوم عرفة على وجه الخصوص، ففي الحديث قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: “ما مِن أيّام العمل الصّالح فيها أحبّ إلى اللّه من هذه الأيّام، يعني أيّام العشر”، قالوا: يا رسول اللّه ولا الجهاد في سبيل اللّه؟ قال: “ولا الجهاد في سبيل اللّه إلّا رجل خرج بنفسه وماله، فلم يرجع من ذلك بشيء” رواه البخاري. ويستحب للحاج أن يتفرَّغ للعبادة والدُّعاء ولا ينشغل فكره وقلبه بالطّعام والشّراب وتجهيز ذلك، فيأخُذ منه جُلّ الوقت، عن أبي هريرة رضي اللّه عنه قال: “نهى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم عن صوم يوم عرفة بعرفة” رواه أحمد وابن ماجه، وأيضًا مثله عند الطبراني في الأوسط من حديث عائشة رضي اللّه عنها قالت: “نهى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم عن صوم يوم عرفة بعرفات”. بينما يُستحبّ لغير الحاج صيام يوم عرفة لما فيه من الأجر العظيم وهو تكفير سنة قبله وسنة بعده، والمقصود بذلك التّكفير، تكفير الصّغائر دون الكبائر، وتكفير الصّغائر مشروطًا بترك الكبائر، قال اللّه تعالى: {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرِ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّر عَنكُم سَيِّئَاتِكُم} النّساء، وقول النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: “الصّلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان كفّارة لِمَا بينها إذا اجتنبت الكبائر” رواه مسلم. وفيما يخصّ حكم التطوّع بالصّوم قبل قضاء رمضان، فقد سادتنا المالكية إلى الجواز مع الكراهة، لما يلزم من تأخير الواجب. قال العلاّمة الدسوقي: [يُكره التطوّع بالصّوم لمَن عليه صوم واجب، كالمَنذور والقضاء والكفّارة، سواء كان صوم التطوّع الّذي قدّمه على الصّوم الواجب غير مؤكّد، أو كان مؤكّدًا، كعاشوراء وتاسع ذي الحجّة على الرّاجح]. وقد أجاز العلماء إشراك الشّخص النية في عمل واحد أو لعمل واحد، كأن ينوي مثلاً صيام قضاء يوم من رمضان أوّلاً ثمّ ينوي معه صوم النّافلة. أمّا إذا وافق يوم عرفة يوم جمعة، جاز إفراده بالصّوم، والنّهي الوارد عن إفراد صوم يوم الجمعة بدون سبب، أي تعظيمًا له أو ما شابه ذلك، وأمّا مَن صامه لأمر آخر رَغَّبَ فيه الشّرع وحثّ عليه فليس بممنوع، بل مشروع ولو أفردهُ بالصّوم. كما حرَّم الإسلام صيام يومي العيد )الفطر والأضحى(، فقد روى البخاري ومسلم من حديث أبي سعيد رضي اللّه عنه أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: “نهى عن صوم يومين: يوم الفطر ويوم النّحر”. وقد أجمع العلماء على تحريم صوم يومي العيدين، وكذلك لا يجوز صيام التطوّع كالإثنين والخميس أو أيّام البيض إذا وافقت أيّام التّشريق، وهي: الحادي عشر، والثاني عشر، والثالث عشر من ذي الحجّة، لحديث نبيشة الهذلي قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: “أيّام التّشريق أيّام أكل وشرب وذِكْر للّه” رواه مسلم وغيره، ولم يرخّص في صيامها إلّا للحاج المتمتّع والقارن الّذي لم يجد قيمة الهَدْي فإنّه يصوم عشرة أيّام، ثلاثة في الحجّ وسبعة إذا رجع إلى أهله، لحديث عائشة وابن عمر رضي اللّه عنهما: “لم يُرخّص في أيّام التّشريق أن يَصُمنّ إلّا لمَن لم يجد الهدي” رواه البخاري. اسم عرفة يوم عرفة من أفضل الأيّام عند المسلمين، وهو يوافق 9 من الشّهر الثاني عشر الهجري “ذو الحِجّة”، حيث يقف الحجّاج يوم عرفة بعرفة، وهو موقع قريب من مكّة المكرّمة. جبل عرفة أو عرفات هو جبل يقع على بعد 20 كيلومترا شرقي مكّة المكرّمة، تُقام عنده أهم مناسك الحجّ، والّتي تُسمّى ب«وقفة عرفة”، وذلك في يوم التاسع من شهر ذي الحِجّة. وتُعَدّ الوقفة بعرفة أهم مناسك الحجّ كما قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: “الحجّ عرفة”، كما أنّه خارج حدود الحرم. لماذا سُمِّي يوم عرفة بيوم عرفة؟ قال سيّدي عبد الرّحمن الثعالبي في تفسيره (الجواهر الحسان): [واختلف العلماء في المعنى الّذي لأجله قيل للموقف عرفات وليوم الوقوف بها عرفة، فقال الضحاك: إنّ آدم لمّا أهبط وقع في الهِند وحواء بجدّة فجعل آدم يطلب حواء وهي تطلبه، فاجتمعَا بعرفات يوم عرفة وتعارفَا فسمّي اليوم عرفة والموضع عرفات. وعن السُّدي قال: إنَّها سمّيت عرفات؛ لأنّ هاجر حملت إسماعيل عليه السَّلام فأخرجته من عند سارة، وكان إبراهيم غائبًا فلمّا قدم لَمْ يَرَ إسماعيل، فحدثته سارة بالّذي صنعت هاجر، فانطلق في طلب إسماعيل فوجده مع هاجر بعرفات فعرفه فسمّيت عرفات. وعن عليّ بن الأشدق عن عبد اللّه بن حراد قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: “إنّ إبراهيم غدا من فلسطين فحلفت سارة أن لا ينزل عن ظهر دابته حتَّى يرجع إليها من الغيرة، فأتَى إسماعيل ثمَّ رجع، فحبسته سارة سنة، ثمَّ استأذنها فأذنت له، فخرج حتَّى بلغ مكَّة وجبالها، فبات ليلة يسير ويسعى، حتَّى أذن اللّه عزَّ وجلَّ له في ثلث اللّيل الأخير عند سند جبل عرفة، فلمّا أصبح عرف البلاد والطّريق فجعل اللّه عزَّ وجلَّ عرفة حيث عرف فقال: اجعل بيتك أحبَّ بلادك إليك حتَّى يهوي اللّه قلوب المسلمين مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ]. وعن عطاء قال: إنَّما سمّيت عرفات لأنّ جبريل عليه السَّلام كان يُرِي إبراهيمَ المناسك ويقول: عرفت، ثمَّ يُرِيهِ، فيقول: عرفت، فسمّيت عرفات. وروى سعيد بن المُسَيِّب عن عليّ رضي اللّه عنه قال: بعث اللّه عزَّ وجلَّ جبريل إلى إبراهيم فحجّ به حتَّى إذا جاء عرفات قال: قد عرفت، وكان قد أتاها مرّة قبل ذلك فسمّيت عرفات. وروى أبو الطفيل عن ابن عبَّاس قال: إنَّما سمّي عرفة لأنّ جبريل عليه السَّلام أرى إبراهيم فيه بقاع مكَّة ومشاهدها، وكان يقول: يا إبراهيم هذا موضع كذا، وهذا موضع كذا، ويقول: قد عرفت، قد عرفت. وروى أسباط عن السُّدي قال: لمّا أَذَّنَ إبراهيم بالنّاس فأجابوه بالتّلبية، وأتاه مَن أتاه أمر هو اللّه أن يخرج إلى عرفات فنعتها له فلمَّا خرج وبلغ الشّجرة المستقبلة للشّيطان فرماه بسبع حصيات يُكبِّر مع كلِّ حصاة، فطار فوقع على الجمرة الثانية فرماه وكبَّر فطار، فوقع على الجمرة الثالثة، فرماه وكبَّر، فلمّا رأى إنّه لا يطيقه ذهب، فانطلق إبراهيم حتَّى وقف بعرفات، فلمّا نظر إليها عرفها بالنّعت فقال: عرفت، فسمّي عرفات بذلك. وسمّي ذلك اليوم عرفة لأنّ إبراهيم رأى ليلة التّروية في منامه أن يؤمر بذبح ابنه فلمّا أصبح يومه أجمع- أي فَكّر- أَمِنَ اللّه هذا الحكم أَمْ مِنَ الشّيطان، وسمّي اليوم من فكرته تروية ثمَّ رأى ليلة عرفة ذلك ثانيًا فلمّا أصبح عرف أنّ ذلك من اللّه، فسمّي اليوم يوم عرفة. وقال بعضهم: سمّيت بذلك لأنّ النّاس يعترفون في هذا اليوم على ذلك الموقف بالذّنوب، والأصل نسيان آدم عليه السَّلام لمّا أمر بالحجِّ وقف بعرفات يوم عرفة قال: {رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنا وَتَرْحَمْنا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ}. وقيل: هي مأخوذة من العُرْف، قال اللّه تعالى: {وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَها لَهُمْ} أي: طِيبَهَا]. (انظر: الجوار الحِسان لسيّدي عبد الرّحمن الثعالبي، ج2 ص109-110). ويُمثّل هذا اليوم أهم أركان الحجّ في الإسلام، حتّى وصفه النّبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم بقوله: “الحجُّ عرفة” رواه الترمذي وأبو داود، وهذا أسلوب قصر وحصر وتخصيص للدَّلالة على أهمية هذا الرُّكن. ويوم عرفة من الأيّام الفاضلة، تُجاب فيه الدّعوات، وتُقال العَثَرات، ويُباهي اللّه فيه الملائكة بأهل عرفات، وهو يوم عظَّم اللّه أمره، ورفع على الأيّام قدره. وهو يوم إكمال الدِّين وإتمام النِّعمة، ويوم مغفرة الذّنوب والعِتق من النِّيران. حدود عرفة هذا المكان مُحدَّد بحدود شرعية، لا يجوز الوقوف خارجها، ومِن أهم هذه الحدود حدّ طبيعي هو وادي عرفة، وهو واد جاف يقع غرب عرفة وهو الحد الأساسي لها. ثمّ إنّ باقي المكان يتّخذ شكل قوس واسع محدَّد بالجبال من جميع الجهات بينما تتميّز أرضه بالانبساط. مناسك يوم عرفة يبدأ الحاج شعائر هذا اليوم بعد أن يُصلّي صلاة الفجر في مِنى (الّتي تبعد 7 كم عن مكّة المكرّمة)، فينتظرون إلى شروق الشّمس، ثمّ يَسلكون بعدها طريقهم إلى عرفة وهم يُردِّدون التّلبية “لبّيك اللّهمّ لبّيك لبّيك لا شريك لك لبّيك إنّ الحمد والنِّعمة لك والمُلك لا شريك لك”، ويقضون فيها النّهار كلّه حتّى غروب الشّمس، حيث يدعون اللّه ويذكرونَه ويَبتهِلون إليه كثيرًا، مُقتدين في ذلك بفِعل النّبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلم. ويتخلَّل اليوم خطبة يُلقيها الإمام (يُفتَرض أن يكون خليفة المسلمين أو من ينوب عنه)، ويَستمعون إليها عند زوال الشّمس (الوقت الّذي قبل صلاة الظهر بخمس دقائق)، ثمّ يُصلّون خلفه الظهر والعصر جَمْعًا وقصرًا، بأذان واحد وإقامتين، والسُّنَّة أن يُصلّي الحجّاج في مسجد نمرة. حال السّلف في العشر الأواخر روى البخاري عن ابن عبّاس رضي اللّه عنهما عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه قال: “ما العمل في أيّام العشر أفضل من العمل في هذه؟ قالوا: ولا الجهاد، قال: ولا الجهاد، إلّا رجل خرج يخاطر بنفسه وماله فلم يرجع بشيء”. لقد كان سلفنا الصّالح رضي اللّه عنهم يُعظِّمون هذه العشر، فقد روى محمّد بن نصر في كتاب الصّلاة عن أبي عثمان النهدي قال: [كانوا يعظّمون ثلاث عشرات: العشر الأوّل من المُحرّم، والعشر الأوّل من ذي الحِجّة، والعشر الأخير من رمضان]. فعن أنس بن مالك رضي اللّه عنه قال: كان يُقال في أيّام العشر: [بكلّ يوم ألف يوم، ويوم عرفة عشرة آلاف يوم]. (يعني في الفضل). وعن الأوزاعي قال: [بلغني أنّ العمل في اليوم من أيّام العشر كقدر غزوة في سبيل اللّه يُصام نهارها، ويحرس ليلها، إلّا أن يختص امرؤ بشهادة]. وقد كانوا يجتهدون في العشر اجتهادًا عظيمًا، حيث كان سعيد بن جبير إذا دخلت أيّام العشر اجتهد اجتهادًا شديدًا حتّى ما يكاد يقدر عليه]. وعنه أيضًا أنّه قال: [لا تطفئوا سرجكم ليالي العشر- تعجبه العبادة-، ويقول: يَقِّظُوا خدمكم يتسحّرون لصوم يوم عرفة]. وأمّا حال السّلف في صيام العشر والتّرغيب في ذلك، فقد ورد عن الحسن البصري أنّه قال: [صيام يوم من العشر يعدل شهرين] رواه النسائي. وعن الأوزاعي قال: [بلغني أنّ العمل في اليوم من أيّام العشر كقدر غزوة في سبيل اللّه، يُصام نهارها، ويحرس ليلها، إلّا أن يختص امرؤ بشهادة] رواه البيهقي. كما كان سلفنا الصّالح رضوان اللّه عليهم يُكثِرون ذِكْرَ اللّه سبحانه وتعالى في هذه العشر، فقد قال مجاهد: “كان أبو هريرة وابن عمر رضي اللّه عنهما يخرجان أيّام العشر إلى السّوق فيُكَبِّرَان؛ فيُكَبِّر النّاس معهما، لا يأتيان السّوق إلّا لذلك”. وكان السّلف الصّالح رضي اللّه عنهم يُعظِّمون هذه العشر، فلا يُحْدثون فيها ذَنْبًا ولا إثْمًا، فقد ذكر البرذعي في سؤالاته لأبي زرعة الرّازي قال: سألتُ أبا زُرْعَةَ عن حديث ابن أبي هالة في صفة النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، في عَشْرِ ذي الحجّة، فأبَى أن يقرأه عليّ، وقال لي: فيه كلامٌ أخاف أن لا يصحّ، فلمّا ألححتُ عليه، قال: فأخِّرْه حتّى تَخْرُجَ العَشْرُ، فإنّي أكره أن أُحَدِّثَ بمِثل هذا في العَشْر”. وكانوا رضي اللّه عنهم يُنَوِّعون من العِبادات في عشر ذي الحجّة من أجل أن تستوعب أيّام العشر أنواعًا من العبادات، فقد قال عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه: “لا بأس بقضاء رمضان في العشر”. وكان الحسن البصري يكره أن يتطوَّع بصيام وعليه قضاء من رمضان إلّا العشر. من فضائل يوم عرفة ففي الصّحيحين عن عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه أنّ رجلاً من اليهود قال له: يا أمير المؤمنين، آية في كتابكم تقرؤونها لو علينا معشر اليهود نزلت لاتّخذنا ذلك اليوم عيدًا، قال أيّ آية؟ قال: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا} المائدة، قال عمر: قد عرفنا ذلك اليوم والمكان الّذي نزلت فيه على النّبيّ، وهو قائم بعرفة يوم الجمعة. يوم عيد قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: “يوم عرفة ويوم النّحر وأيّام التّشريق عيدنا أهل الإسلام وهي أيّام أكل وشرب” رواه أهل السّنن، وقد روي عن عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه أنّه قال: “نزلت– آية {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ..}- في يوم الجمعة ويوم عرفة، وكلاهما بحمد اللّه لنا عيد”. يوم أقْسَم اللّه به فالعظيم لا يُقسِم إلّا بعظيم، فهو اليوم المشهود في قول اللّه تعالى: {وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ} البروج. فعن أبي هريرة رضي اللّه عنه أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: “اليوم الموعود: يوم القيامة، واليوم المشهود: يوم عرفة، والشّاهد: يوم الجمعة” رواه الترمذي. وهو الوتر الّذي أقسم اللّه به في قوله تعالى: {وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ} الفجر. قال ابن عبّاس رضي اللّه عنهما: الشّفع يوم الأضحى، والوتر يوم عرفة، وهو قول عكرمة والضّحاك. صيامُه يُكَفِّر سنتين ورد عن أبي قتادة رضي اللّه عنه أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم سُئِل عن صوم يوم عرفة فقال: “يُكفِّر السنة الماضية والسنة القابلة” رواه مسلم. وهذا إنّما يستحب لغير الحاج، أمّا الحاج فلا يُسّن له صيام يوم عرفة؛ لأنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم ترك صومه، وروي عنه أنّه نهى عن صوم يوم عرفة بعرفة. اليوم الّذي أخذ اللّه فيه المِيثاق على ذرية آدم عن ابن عبّاس رضي اللّه عنهما قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: “إنّ اللّه أخذ الميثاق من ظهر آدم بِنَعْمان- يعني عرفة- وأخرج من صلبه كلّ ذرية ذرأها، فنثرهم بين يديه كالذّر، ثمّ كلّمهم قِبَلا، قال: {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى شَهِدْنَا أَن تَقُولُواْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ}، {أَوْ تَقُولُواْ إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِن قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِّن بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ} الأعراف:172-173” رواه أحمد. يوم عتق من النّار ومغفرة إنّه يوم مغفرة الذّنوب والعِتق من النّار والمُباهاة بأهل الموقف، ففي صحيح مسلم عن عائشة رضي اللّه عنها عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: “ما من يوم أكثر من أن يَعتق اللّه فيه عبدًا من النّار من يوم عرفة، وإنّه ليدنو ثمّ يُباهي بهم الملائكة فيقول: ما أراد هؤلاء؟”. دعاء عرفة قال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: “خيرُ الدُّعاء دعاء يوم عرفة، وخيرُ ما قلتُ أنا والنّبيُّون من قبلي: لا إله إلّا اللّه وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كلّ شيء قدير” رواه الترمذي. فعلى المسلم أن يتفرَّغ للذِّكر والدُّعاء والاستغفار في هذا اليوم العظيم، وليدعُ لنفسه ولِوالديْه ولأهله وللمسلمين، ولا يتعدَّى في دعائه، ولا يستبطئ الإجابة، ويُلِحّ في الدّعاء.