وقع جدل ونقاش بين الدكتور عبد الله حمادي والكاتب الصحفي المقيم في فرنسا سليمان زغيدور، بخصوص صورة العربي في أعمال الروائي الكولومبي غابرييل غارسيا ماركيز، فبينما اعتبر زغيدور أن ”ماركيز لا ينظر إلى العرب نظرة دونية”، عقّب حمادي قائلا إن ماركيز يطلق على العرب في أعماله الروائية تسمية ”التوركوس”، وتعني ”الأتراك”، كنظرة تكاد تكون سلبية متوارثة من الصراع بين الإسبان والأتراك خلال القرن الخامس عشر. أوضح عبد الله حمادي، خلال مشاركته في التكريم الذي نظمه صالون الجزائر الدولي للكتاب، أول أمس، بقاعة المحاضرات، بأن غابرييل غارسيا ماركيز ورث ثقافة المواجهة بين الأتراك والإسبان خلال القرن الخامس عشر، وخرج بمنظومة ثقافية مسبقة لكل ما هو تركي. وأضاف: ”لكن هذا لا يعني أن ماركيز مقلل أو ينظر نظرة دونية للعرب”، مردفا: ”العربي في أعمال ماركيز هو ذلك الشخص الذي يبيع العطور، كأنه يشبه العربي الذي وظفه ألبير كامي في روايته الغريب”. وعن سؤال ل«الخبر” حول صحة الطرح القائل بأن ماركيز ينتمي للأصول العربية كما يروج له، أجاب الدكتور حمادي: ”أصول ماركيز ليست عربية، بل إن أصوله قشتالية. وحتى سلسلة أنسابه مأخوذة من الأنساب القديمة للنبلاء في قشتالة التي عرفت هجرة واسعة لأمريكا اللاتينية بعد 1492”. وأضاف: ”لكن هذا لا يعني أنه يكره العرب، بل كان مناصرا لقضاياهم مثله مثل كل مثقفي اليسار في أمريكا اللاتينية”. ووضع حمادي في الندوة التكريمية التي حضرها سفير كولومبيابالجزائر، غارسيا ماركيز في محيطه الثقافي، من خلال التركيبة البشرية التي هجرت من إسبانيا إلى العالم الجديد سنة 1492، وتوقف عند ثلاثة أحداث تاريخية كبرى هي سقوط غرناطة، طرد المسلمين من الأندلس، ووضع أول كتاب للغة الإسبانية من قبل عالم النحو أنطونيو دي نيبريخا، وأوضح بأن اللغة الإسبانية التي كتب بها ماركيز عبارة عن لغة إسبانية شعبية، انحدرت من اللغة اللاتينية التي فقدت حماية الإمبراطورية الرومانية، ما فتح المجال أمام كل اللغات الأوروبية الدارجة التي لم تكن خاضعة للقواعد. وأضاف حمادي أن أمريكا اللاتينية التي عرفها ماركيز وأثرت فيه، شهدت دخول عرق بشري جديد متكون من الثقافة اللاتينية والموريسكية، أضيفت لثقافة الأزتيك والأنكا، وهو التكوين الذي أضيف إليه لاحقا البعد الإفريقي، حتى أن ماركيز صرح ذات مرة، حسب حمادي، وهو في زيارة لأنغولا: ”هنا وجدت جذوري وثقافتي وطفولتي”. وقال حمادي إن جيل غارسيا ماركيز خضع لتأثيرات أدبية عديدة منها تأثير خورخي لويس بورخيس وروبن داريو صاحب مدرسة الحداثة وكذا سيزار فاليخو، وأوضح: ”هذه التيارات الأدبية أعطت أسماء كبيرة في الرواية شكلت ما سمي لاحقا ”البوم” اللاتينو أمريكي”. من جهته، اعتبر الكاتب الكولومبي داسو سالديفار أن رواية ”مائة عام من العزلة”، تضاهي كتاب ”دون كيخوت” لسيرفانتس، وهي رواية محبوبة عند كل الناس في جميع أرجاء العالم، فبفضل هذه الرواية عادت العلاقات الديبلوماسية بين كولومبياوإيران إلى مجراها الطبيعي، بعد أن انقطعت خلال مرحلة حكم الإمام الخميني. وقال سالديفار: ”لكن حدث لاحقا وأن أعجب القراء في إيران بالرواية، ومنه سارت العلاقة بين البلدين نحو التحسن”.