الانتحار الصامت للفنانة الشابة نجلاء الوزة، بطلة فيلم محمد ملص الأخير “سلّم إلى دمشق” في جنوب إفريقيا بعد هجرة استمرت عاما، وهي الرسامة والكاتبة والممثلة تعبر عن حالة الألم والقهر السوري الذي وصل حالاته القصوى. رغم أن حالة الألم صارت أكبر من حالة التعبير. أحداث “سلّم إلى دمشق”، الذي أخرجه محمد ملص، في سوريا وصدر سنة 2013. تدور كلها داخل منزل دمشقى، وفى هذا المنزل نجد نحات وصحافي وشاعر وملاكم ومصممة إعلانات، شباب القادمون من الساحل والجولان والسويداء وفلسطين وينتمون لطوائف متعددة، يقطنون بيت أم سامي الدمشقية، هذا البيت الدمشقي المغلق ينفتح على حدث تشهده البلاد، حيث تتناهى إلى مسامعهم هتافات الحرية الصادحة في الخارج . وما عاشته سوريا والمنطقة العربية عموما هو أشبه بزلزال هائل نجم عن تفجر الأزمات المتراكمة دفعة واحدة، ومن بينها أزمة الإبداع والتعبير. وللسينما في سوريا حكاية خاصة، فهي الفن الذي أوجدت الثورة فيه شكلا إبداعيا خاصا بها وابتكرت تعبيرا عبر أفلامها التي ابتدأت بالتسجيل عبر الموبايل وحتى التصوير الاحترافي سرداً سينمائياً قاسياً بكل ما في الحكايات من ألم وعنف وضحكات، حيث غامر سينمائيون شباب بتسجيل اللحظات التي عاشها الشعب السوري من أيام المظاهرات السلمية إلى العنف الذي ووجهت به وأدى إلى العسكرة ومن ثم التطرف . في فيلم “العودة إلى حمص” ترصد كاميرات المخرج طلال ديركي مسار مجموعة من المتظاهرين في مدينة “حمص”. أما نجم هذه المجموعة فهو عبد الباسط الساروت، حارس نادي الكرامة السوري والمنتخب السوري للشباب، الذي اكتشف أن صوته القوي يمكن أن يخدم مطالب شعبه، فأطلق أجمل الأغاني الثورية وحرك جموع المتظاهرين من حوله، وصار واحداً من قادتها الميدانيين، إلى جانب تمتعه الدائم بجاذبية وصوت جميل وإقدام صادق. «ماء الفضة”، الذي عرض بمهرجان “كان” الماضي وأخرجه أسامة محمد الذي كان عالقاً في باريس، والمخرجة بدرخان المقيمة في حمص وسط سوريا أثناء هذه الحرب، يتناول حكايته من زاوية مخرجيه، فبينما أسامة محمد في باريس لا يستطيع مغادرة شاشته، يحاول الحفاظ على ارتباطه بوطنه عبر رسائل الشباب على مواقع يوتيوب وعلى فايسبوك، تبدأ صداقة بينه وبين بدرخان التي تصنع أفلامها في شوارع حمص، في بابا عمرو وفي الخالدية، التي انتهى بها الأمر لتكون الناشطة المستقلة الوحيدة في حصار حمص الشهير. وبالجانب الآخر تحاول السينما الرسمية السورية التأقلم مع آثار الحرب الطاحنة في سوريا، من خلال تصوير الواقع الحالي في أعمال سينمائية. فحسب ما جاء صحف سورية: تم الانتهاء من عمليات تصوير فيلم “خط عسكري”، وهو فيلم قصير مُستقى من قصة حقيقية جرت أحداثها بالقرب من دمشق وسط الأزمة التي تمر بها سوريا. وأيضا بدأ عبد اللطيف عبد الحميد تصوير فيلمه “حب في الحرب”. وعن قصة فيلمه يقول: “يروي الفيلم قصتي حب، الأولى تموت والثانية تتفتح مثل وردة بين الركام لنرى مآلات القصتين عبر حكاية تقارب الأزمة”. وتابع باسل الخطيب العام الماضي أيضاً إكمال تصوير ثلاثيته السينمائية عن المرأة السورية في زمن الحرب، فبعد فيلمه مريم الذي حققه 2012 قام الخطيب بتصوير فيلمه الأم قبل إنجاز تصوير فيلمه الجديد أهل الشمس ويقول الخطيب إنه “مستوحى من قصة حقيقية تدور أحداثها في ظل المأساة الكبيرة التي تعصف بحياة الإنسان السوري اليوم”، حيث يروي الشريط قصة أمٍّ وأولادها يعيشون ظروف الأزمة السورية التي غيرت حياتهم ومصائرهم. ومحمد عبد العزيز أنجز بدوره شريطه بعنوان حرائق البنفسج من إنتاج المؤسسة العامة للسينما. ناقد سينمائي سوري