يبدو أن قضية صحيفة “شارلي إيبدو” الأسبوعية في باريس قد أصبحت، في فترة وجيزة، بمثابة أكبر تاريخ أسطوري يشهده الرئيس الفرنسي “فرانسوا هولاند” منذ توليه الحكم، والذي وقع اسمه بنجاح وتفوق كبيرين على غرار ما يسمي برفع ملامح الشعباوية السياسية لصاحب قصر الإيليزيه وتغطية إخفاقاته الاقتصادية، وإن كان الحال لحادثة شارلي الأخيرة نموذجا حيا عن مدى نضج ونمو قصاصة الإسلاموفوبيا التي لا تظهر أنماطها إلا في نوايا تشويه صورة الإسلام الحقيقية واستغلالها في كسب المزيد من الأصوات المؤيدة في المراحل الانتخابية المقبلة، لما لها وما عليها من آثار تحولية لجانب طمس الجهة المظلمة للعنوان الاقتصادي الذي يرتقب مع كل ارتدادت تعصف بالأسواق العالمية وبالتحديد اقتصاديات الشعوب الغربية. وأول ظهور لهذه الفكرة كأسلوب جديد لرفع نسبة التفوق الشعبي، في وقتنا الحالي، نراها قد بدرت من قبل ذلك على يد سياسة “ساركوزي” المعروف عنه بعدائه الكبير للإسلام، عندما استغل قضية إحدى العمليات الإرهابية لصالح نموذجه الانتخابي الذي كان يوشك أن يسقط بسبب الهزات الاقتصادية التي مست فرنسا في تلك الفترة، فحاول توظيف إحدى العمليات الإرهابية التي يعتقد في أن شقها، حسب المزاعم الفرنسية، تعود إلى أطراف عربية منها الجزائرية والمغربية، وبالفعل حدث وأن نجحت هذه الخطة في رفع نسبة ازدياد جمع الأصوات لصالح ساركوزي في المرحلة الانتخابية التي لاقته مع الرئيس الحالي لفرنسا، وهو السياق ذاته الممنهج الذي يريد اتخاذه هولاند لرفع شعبيته من خلال تفجير قضية “شارلي”، لا لتمهيد للمرحلة الانتقالية القادمة وإنما أساسا لتغطية عجز هذا الأخير في دفع العجلة التنموية الاقتصادية لفرنسا، والتي طالما صوّت ضدها معارضو الرئيس هولاند. وهو ما يفسر الاستدعاء السريع والذكي لفرانسوا هولاند مختلف الطبقات السياسية الدولية قصد التظاهر ضد أحجية الإرهاب، المنجر عنها التفات وتضامن كبيرين تحت إشراف الرئيس الفرنسي مع هذه الصحيفة. وعند الوقوف على عبارة وكيفية الاهتمام الإعلامي المحلي الفرد، نجد تركيزا واضحا لمحاولة استغلال أنماط سيرورة حركية هذه القضية لدعم شعبية “هولاند” في العالم وبالأخص فرنسا، خاصة أن معظم المصادر باتت تؤكد في أغلبها على أن الأطراف المتهمة في القضية لا تكن للإسلام بشيء ولا هي حتى عربية وإنما ترجع إلى آليات صهيونية تحاول تشويه صورة المسلمين والعرب على حساب تنشيط حملة هولاند السياسية، لما أولته حتى الصحف الأجنبية بذاتها. الشيء المريب في قضية “شارلي” أنها لم تطل لفترة أطول، لكن سرعان ما أغلقت أبوابها بسبب بدء ظهور بوادر تكشف لبس تورط أياد خفية مصدرها من داخل فرنسا، لم تتضح أرقامها لحد الآن، أي أن مسلك التوجه اليساري الدائم لقيادي قصر الإيليزيه يظل تمكينهم الدائم هو استغلال الإسلاموفوبيا كوجهة لحلقة مفقودة مردها الوحيد تشتيت الرأي ولعب ورقة إخفاء السلبيات الاقتصادية، لطرح نظرية أخرى مفادها تغير نمط الأنظار الشعبية وربطها بالجانب السيسيولوجي لدعم شعبية ممثلها والحفاظ عليهم في مناصبهم. [email protected]