دخل حزب ”نداء تونس” الحاكم في تونس في أزمة داخلية عنيفة، نتيجة انقسام حاد بين الأعضاء المؤسسين، ونتيجة تصادم التوجهات السياسية وتناقض المرجعيات الفكرية للمجموعات المكونة للحزب، في تجربة شبيهة بتجربة تأسيس حزب التجمع الوطني الديمقراطي في الجزائر. يدور صراع سياسي وإعلامي وقضائي بين الهيئة التأسيسية لحزب نداء تونس، بقيادة رئيس البرلمان محمد الناصر والأزهر العكرمي مستشار الرئيس السبسي، ومجموعة من التصحيحيين يقودهم حافظ السبسي نجل الرئيس السبسي ومالك قناة نسمة نبيل قروي و60 عضوا بين نواب وقياديين جهويين في الحزب. واتهمت الهيئة التأسيسية التصحيحيين بالتخطيط لانقلاب داخلي في الحزب والسيطرة على مقاليده، بعد مطالبة التصحيحيين بحل الهيئة التأسيسية وإنهاء سيطرتها على الحزب، والتعجيل بعقد مؤتمر ينبثق عنه مجلس وطني ومكتب وطني منتخب. وردا على هذه المطالبات، دعت الهيئة التأسيسية للحزب التي يقودها رئيس البرلمان محمد الناصر في اجتماع عقدته أمس، إلى تجميد عضوية حافظ السبسي نجل رئيس الحزب ورئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي، رفضا لما أسمته التوريث في الحزب، وعدد من القياديين والنواب في الحزب بينهم النائب البارز خميس كسيلة، ووصل الصراع بين الطرفين إلى القضاء، حيث رفع قياديون في الحزب قضايا في المحاكم ضد بعضهم البعض بتهم القذف، ناهيك عن نشر الغسيل الداخلي للحزب في وسائل الإعلام، تضمنت تهما من نقابيين يساريين في الحزب لعدد من رجال الأعمال، كشفيق جراي ونبيل قروي، بالسعي إلى لسيطرة على مقاليد الحزب. وكان لافتا منذ تأسيس الحزب أن التناقضات والتوجهات المتصادمة بين المجموعات المؤسسة للحزب، بين نقابيين يساريين ورجال أعمال وليبراليين ومحافظين من الدستوريين البورڤيبيين، ستتجه بالحزب عاجلا أو آجلا إلى الانفجار الداخلي، وهو ما حصل في أول محطة اختبار سياسي للحزب عشية تشكيل الحكومة الجديدة بقيادة الحبيب الصيد، حيث اعترض عدد من نواب الحزب في البرلمان على اختيار الصيد وعدم تقديم مرشح من الحزب لقيادة الحكومة، لينتقل غضب النواب وقياديين في الحزب من اليسار إلى الاعتراض الصريح على تعيين وزير الداخلية ناجم الغرسلي، قبل أن يهددهم الرئيس السبسي بالتنحية من الحزب. ويتخوف التونسيون من أن تؤدي الأزمة الحادة في نداء تونس إلى أزمة داخل الحكومة أو إسقاطها وتعطيل عملها، لكن رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي قلل من هذه المخاوف، واعتبر الغنوشي في تجمع لتكريم المرأة أن الحكومة التي تدير شؤون تونس في الوقت الحالي ليست حكومة خالصة لحزب النداء، وأنها حكومة مكونة من 4 أحزاب، وتقودها شخصية غير حزبية.