أعلن وزير الدولة وزير الداخلية والجماعات المحلية الطيب بلعيز أنه بعد نشر مرسوم استدعاء الهيئة الناخبة، “أعتقد أنه في اليوم الموالي ستتحرك الساحة السياسية والأحزاب مباشرة لاسيما للإعلان عن التصريحات للترشح”. فهل كان تردد المترشحين للرئاسيات مرده عدم استدعاء الهيئة الناخبة مثلما ذهب إليه وزير الداخلية، أم أن أسبابا أخرى وراء فقدان الشهية لدى فرسان الرئاسيات؟ اعترف وزير الداخلية ضمنيا بوجود ركود وحالة جمود تميز الانتخابات الرئاسية، رغم أنه لم يعد يفصل عن موعدها سوى 3 أشهر فقط، لكنه يتوقع أن تنتعش سوق الترشيحات بمجرد توقيع رئيس الجمهورية على مرسوم استدعاء الهيئة الناخبة، وهو ما يعني أن العزوف المسجل لدى الراغبين في الترشح حسب وزير الداخلية يعود لعدم استدعاء الهيئة الناخبة وليس لشيء آخر. لكن ما يلاحظ أنه لم يحدث في كل المواعيد الرئاسية السابقة سواء في 99 أو في 2004 أو في 2009، أن كان موعد استدعاء الهيئة الناخبة سببا في تأخر المرشحين للرئاسيات في الإعلان عن رغبتهم في الترشح، لأن موعد استدعاء الهيئة الناخبة محدد قانونا في قانون الانتخابات وليس خفيا على أحد، وبالتالي فإن التبرير المقدم من قبل الطيب بلعيز لتفسير ركود سوق الترشيحات للرئاسيات لا محل له من الإعراب، ويحمل في طياته نية من السلطة للتغطية عن الأسباب الحقيقية التي جعلت صمتا كبيرا يلف الشارع الوطني، وغياب أي حركية سياسية في البلاد قبل 3 أشهر عن إجراء الرئاسيات. لقد تسبب الحديث من قبل أحزاب السلطة عن دعوة الرئيس بوتفليقة المريض للترشح لعهدة رابعة وعدم رد السلطة على مطالب أحزاب المعارضة حول الضمانات المطلوبة لشفافية ونزاهة العملية الانتخابية، تسبب في قتل شهية المنافسة لدى الفرسان الراغبين في الترشح لموعد أفريل المقبل، وذلك من باب أن نتائج الاقتراع محسومة سلفا لمرشح السلطة، وكل من دخل لمنافسته سيكون مجرد “أرنب” سباق ليس إلا، وهو ما جعل ما يسمى ب “الأوزان الثقيلة” تمتنع عن الترشح إلى غاية وضوح الرؤيا بشأن مدى فتح اللعبة الانتخابية من غلقها، هذا الأمر الذي يخيم على الرئاسيات قبل 3 أشهر من موعد تنظيمها لم يؤثر على الشخصيات والأسماء الراغبة في الترشح للرئاسيات فحسب، بل دفع حتى الأحزاب السياسية إلى التريث قبل الكشف عن موقفها من الرئاسيات، مثلما فعل المجلس الوطني للأفافاس وقادة مجموعة العشرين وكذا ما يسمى بمجموعة “القطب الوطني”، وهو تحفظ يعكس حالة الضبابية السائدة في الساحة السياسية التي غذاها بالدرجة الأولى صمت الرئيس وعدم حسمه في مسألة الترشح من عدمه، وتركه قيادات أحزاب وفي مقدمتهم الأمين العام للأفالان عمار سعداني تطلق تصريحات باسم جماعة الرئيس، تغذي الانطباع برغبته في البقاء في الحكم حتى وهو مريض. حالة “سوسبانس” التي أريد لها أن تخيم على الموعد الرئاسي غيبت المرشحين ومنعت النقاش السياسي حول أهم موعد سياسي في البلاد لسنة 2014، وتركت هذا الفراغ لتملأه الرداءة والزبائنية والوصولية، رغم أن الجزائر باعتراف الجميع سلطة ومعارضة تواجه تحديات أمنية واقتصادية خطيرة.